ما يجري في كوردستان تعبير ديمقراطي ام إجهاض القضية؟

د.عبدالحكيم
بشار

المظاهرات في أي بلد تعتبر
حالة صحية، وهي شكل من اشكال الممارسة الديمقراطية الحقيقية سواء كانت مطالب
المتظاهرين قضايا خدمية او معاشية او تعبيراً عن الرأي تجاه قضية معينة وتنطبق هذه
المعادلة او المنطق على كوردستان العراق ايضا في الاحوال الطبيعية.
الا انه
ونظرا للظروف المشخصة والمعروفة لدى الكل من اضطراب امني عميق في محيط الاقليم سواء
كانت في سوريا والتي تهدد باتساع رقعته او في العراق.
ومؤخرا في تركيا والتطورات
المتسارعة التي تحصل على الساحة السورية والتي تدفع الامور باتجاه التصعيد قد
تترافق بتصعيد اقليمي وحتى دولي.
ان نجاح كوردستان العراق على الحفاظ على امنه واستقراره وسط هذا الاضطراب الاقليمي
العميق والمتصاعد يعتبر نجاحاً استثنائياً بكل المقاييس لقيادة الاقليم يستوجب من
الكل الحفاظ عليه والمساهمة فيه.
اننا لا ننكر هناك قضايا مهمة وبحاجة الى حل
وهذه القضايا منها قضية الرئاسة التي كتبنا عنها عدة مقالات وكذلك القضايا المعيشية
ومنها تاخير صرف الرواتب.
ولكن لننظر للامور من منظار اوسع وتفكير اعمق ومنطق
يتسم بأعلى درجات الوطنية.
ان السبب الرئيسي لتأخير دفع الرواتب هي عدم التزام
بغداد بتعهداتها وبالتزاماتها الدستورية والقانونية والسبب في ذلك سياسي بامتياز
وهنا نحن امام خيارين لا ثالث لهما:
الاول: الاستجابة لرغبات بغداد وسيدتها
طهران والتي تتضمن ليس التخلي عن المشروع القومي الكردي وحسب وانما الدوران في فلك
السياسة الايرانية بشكل كامل ومن ضمنها فقدان كوردستان لأي استقلالية للقرار
السياسي وقبول التبعية المطلقة لبغداد وبالتالي لايران اي القبول باقليم فيدرالي
شكلي مثله مثل اي محافظة في العراق وبالتالي الاجهاض الكامل للمشروع القومي الكردي
.
الثاني: السير بالمشروع القومي الكردي نحو الامام ونحو الاستقلال الناجز
والكامل رغم كل الصعوبات، وبخطى حثيثة غير قابلة للتراجع وتحمل كامل تبعاتها وتعزيز
استقلالية القرار السياسي لكوردستان والتي تعتبر اساسية في انجاز المشروع
القومي.
اذن:
هناك مشروعان سياسيان متصارعان يتضمن احدهما اجهاض او الغاء
المشروع القومي الكردي والتي قد يترافق بانتعاش اقتصادي مؤقت ومن ضمنها دفع بغداد
مستحقات الاقليم الاقتصادية، او السير بالمشروع القومي الكردي الى الامام وتحمل
كامل تبعاته ومن ضمنها الحصار الاقتصادي التي تتعرض له الاقليم.
اكاد اجزم ان
دماء مئات الالاف من الشهداء وخلال عقود من الزمن هي لتحقيق استقلال كوردستان،
واجزم ايضا ان استقلال كوردستان هي لمصلحة الكرد كل الكرد الان وللاجيال
القادمة.
ان المظاهرات التي تشهدها الاقليم وبالشكل الذي نراها، والتي تجاوزت
الطابع السلمي الى خلق البلبلة والفوضى وزعزعة الاستقرار لا تشكل حالة صحية، ولا
تندرج في خانة الممارسة الديمقراطية، بل تضع العصي في عجلة المشروع القومي الكردي
عن قصد او عن عدم وعي وادراك.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…