د. محمود عباس
لا يتحير الكردي في اختياراته، سريع في
تقييمه، باهر في عرض أحكامه، يرى الأبيض والأسود من الألوان، الخيانة والوطنية من
السياسة، الصداقة والعداوة من علم الاجتماع، لا حلول وسط ولا دبلوماسية في عرض
أفكاره، ولا جدال على انتماءاته، الرفض أو التقديس للمفاهيم، نادراً ما يناقش لبلوغ
توافق وسطي، لا يعرف من الحب إلا الهيام أو الكراهية، التحقير أو العبادة للقادة،
المطلق الحزبي أو الابتذال، ولا يدرك أن المسيرة بين هذين البعدين طويلة ومعقدة،
ونهاية هذه الثقافة مهلكة، وتكاد تبلغ حد المطلق، فلا بد من إيجاد خيارات أخرى
تتلاءم والعصر والحضارة.
تقييمه، باهر في عرض أحكامه، يرى الأبيض والأسود من الألوان، الخيانة والوطنية من
السياسة، الصداقة والعداوة من علم الاجتماع، لا حلول وسط ولا دبلوماسية في عرض
أفكاره، ولا جدال على انتماءاته، الرفض أو التقديس للمفاهيم، نادراً ما يناقش لبلوغ
توافق وسطي، لا يعرف من الحب إلا الهيام أو الكراهية، التحقير أو العبادة للقادة،
المطلق الحزبي أو الابتذال، ولا يدرك أن المسيرة بين هذين البعدين طويلة ومعقدة،
ونهاية هذه الثقافة مهلكة، وتكاد تبلغ حد المطلق، فلا بد من إيجاد خيارات أخرى
تتلاءم والعصر والحضارة.
ومن أبسط التجارب المتداولة على هذه الحقيقة، الاختيار المعروض على القراء
والكتاب والسياسيين، في موقع (ولاتي ما)، فقد وضع مشرفوه تقييما رقميا بجانب كل
منشور على صفحاته، والتقييم يتدرج ما بين الرقمين 1-5 وهو مفهوم ديمقراطي، ويعرض
مساحة جميلة لحرية الرأي والتقييم، وللأسف لم نجد ومنذ ظهور الموقع إلا ما ندر،
تقيماً بين البعدين النهائيين، ورغم أنها محاسبة بسيطة، لكنها تعكس ثقافة عميقة
الأبعاد، تعكس مجالات الوعي الفكري عند الكردي، ليس فقط كقارئ بل كخلفية لكلية
الشعب بكل شرائحه، والأغلبية تسقط على اعتبارات الكره أو الحب، للاسم قبل مضمون
البحث، أو على البحث من عنوانه أو سطوره الأولى، أو في حالة الجهد لا يخرج من البعد
الشمولي، حيث القبول أو الرفض الكلي، فلا نقاش إلا ما ندر على أجزاءه، مجمله هو
الطاغي، فلا يرون إلا الرقمين الأول أو الخامس وبينهما تنعدم الأرقام، وهو ما نراه
في الحوارات الفكرية والسياسية، بين أطراف الحركة الكردية
والكردستانية.
والكتاب والسياسيين، في موقع (ولاتي ما)، فقد وضع مشرفوه تقييما رقميا بجانب كل
منشور على صفحاته، والتقييم يتدرج ما بين الرقمين 1-5 وهو مفهوم ديمقراطي، ويعرض
مساحة جميلة لحرية الرأي والتقييم، وللأسف لم نجد ومنذ ظهور الموقع إلا ما ندر،
تقيماً بين البعدين النهائيين، ورغم أنها محاسبة بسيطة، لكنها تعكس ثقافة عميقة
الأبعاد، تعكس مجالات الوعي الفكري عند الكردي، ليس فقط كقارئ بل كخلفية لكلية
الشعب بكل شرائحه، والأغلبية تسقط على اعتبارات الكره أو الحب، للاسم قبل مضمون
البحث، أو على البحث من عنوانه أو سطوره الأولى، أو في حالة الجهد لا يخرج من البعد
الشمولي، حيث القبول أو الرفض الكلي، فلا نقاش إلا ما ندر على أجزاءه، مجمله هو
الطاغي، فلا يرون إلا الرقمين الأول أو الخامس وبينهما تنعدم الأرقام، وهو ما نراه
في الحوارات الفكرية والسياسية، بين أطراف الحركة الكردية
والكردستانية.
الخلفية الثقافية الشمولية هذه، ورثة تراكمات عقود من الاستبداد،
وفي بعضه، مخلفات قرون من الفكر المطلق الإلهي المفروض على شعوب المنطقة، وضمنهم
الكردي الأصدق بين الجميع في حمله، وقد كان من أبدعهم في الإسلام، حتى وهو في
بساطته الإيمانية، نظر إلى الذات ما بين الكفر والإيمان، نادراً ما خان ذاته، وهو
نفسه الذي برز مع الإيديولوجيات السياسية، وكان أصدقهم في عرضها، ودافع عنها بكل
أمانة، وفي البعدين الديني والسياسي أختار من التقييمات، الرفض أو الإيمان الكلي،
لم يكن عنده مكانة للرقم الثاني أو الرابع.
وفي بعضه، مخلفات قرون من الفكر المطلق الإلهي المفروض على شعوب المنطقة، وضمنهم
الكردي الأصدق بين الجميع في حمله، وقد كان من أبدعهم في الإسلام، حتى وهو في
بساطته الإيمانية، نظر إلى الذات ما بين الكفر والإيمان، نادراً ما خان ذاته، وهو
نفسه الذي برز مع الإيديولوجيات السياسية، وكان أصدقهم في عرضها، ودافع عنها بكل
أمانة، وفي البعدين الديني والسياسي أختار من التقييمات، الرفض أو الإيمان الكلي،
لم يكن عنده مكانة للرقم الثاني أو الرابع.
نادراً ما عرف الكردي معاني التلاقي
بين المختلفين، وإن حدث فلم يستوعب نتائجها ولم يتقبلها، واستنتاجه كان شبه معدم،
عرضها في أغلبه كازدواجية مبتذله، وهي ما سماها السياسيون بالدبلوماسية في بعض
حالاتها، أو التلاؤم مع الظروف، فالكردي حتى مع ذاته السياسية، لم يحاول ممارسة
الدبلوماسية، واتهم الكردي مستخدميها بالمنافق، والانتهازي، وهي من الأسباب التي
أدخلت الأحزاب في صراع دائم وخلافات متواصلة، على قضايا لا وزن لها بالنسبة للغاية
الكلية، وللمسيرة، وعليه نادراً ما دامت الاتفاقيات بين أطراف الحركة الكردية
السياسية والثقافية والمستدامة منها فرضتها الظروف أو القوى الإقليمية.
بين المختلفين، وإن حدث فلم يستوعب نتائجها ولم يتقبلها، واستنتاجه كان شبه معدم،
عرضها في أغلبه كازدواجية مبتذله، وهي ما سماها السياسيون بالدبلوماسية في بعض
حالاتها، أو التلاؤم مع الظروف، فالكردي حتى مع ذاته السياسية، لم يحاول ممارسة
الدبلوماسية، واتهم الكردي مستخدميها بالمنافق، والانتهازي، وهي من الأسباب التي
أدخلت الأحزاب في صراع دائم وخلافات متواصلة، على قضايا لا وزن لها بالنسبة للغاية
الكلية، وللمسيرة، وعليه نادراً ما دامت الاتفاقيات بين أطراف الحركة الكردية
السياسية والثقافية والمستدامة منها فرضتها الظروف أو القوى الإقليمية.
وهي من
إحدى نتائج ثقافة الانتماء الأعمى، المفروضة على الأحزاب الكردية والكردستانية،
فتحت تأثير قوى خارجية، هشموا رأي الفرد، وهمشوا الشخصية، فأصبح المنتمي للحزب لا
يملك من الإرادة إلا التقييم الأعمى، والتأييد شبه المطلق لكل ما تطرح وتعرض من
القيادة، وكثيرا ما تملي على أعضائها أجندات قوى ومفاهيم خاطئة تخدم مصالح غير
كردستانية، وسادت مفاهيم خطيرة بين الأعضاء، كتأييد الحزب على علاته، ومهاجمة
النقاد، والإستماتة على أعمال أو مفاهيم سلبية وخاطئة. وهناك شريحة مجهزة حزبيا
لمواجهة الأخرين بطرق دونية، يسمح لهم باستخدام كل اللغات المبتذلة، وهذه التربية
كانت من أحد أهم المنافذ التي تمكن العدو من الولوج خلالها لتمزيق الأحزاب الكردية،
ورفع شأن البعض وتقزيم آخرين، والأحزاب المتصاعدة الأن هي الأكثر تمثيلا لتلك
الثقافة. وللأسف تشعبت هذه الثقافة بين أعضاء الحركة الكردية وعلى مستوى كلية
كردستان، وخاصة في الفترة الأخيرة في زمن تفاقم الأزمات، والغريب أن شريحة من
المستقلين، لا يختلفون عنهم في كثيره، وعند الأغلبية يختفي منطق الجدال، وينعدم
النقاش الموضوعي.
إحدى نتائج ثقافة الانتماء الأعمى، المفروضة على الأحزاب الكردية والكردستانية،
فتحت تأثير قوى خارجية، هشموا رأي الفرد، وهمشوا الشخصية، فأصبح المنتمي للحزب لا
يملك من الإرادة إلا التقييم الأعمى، والتأييد شبه المطلق لكل ما تطرح وتعرض من
القيادة، وكثيرا ما تملي على أعضائها أجندات قوى ومفاهيم خاطئة تخدم مصالح غير
كردستانية، وسادت مفاهيم خطيرة بين الأعضاء، كتأييد الحزب على علاته، ومهاجمة
النقاد، والإستماتة على أعمال أو مفاهيم سلبية وخاطئة. وهناك شريحة مجهزة حزبيا
لمواجهة الأخرين بطرق دونية، يسمح لهم باستخدام كل اللغات المبتذلة، وهذه التربية
كانت من أحد أهم المنافذ التي تمكن العدو من الولوج خلالها لتمزيق الأحزاب الكردية،
ورفع شأن البعض وتقزيم آخرين، والأحزاب المتصاعدة الأن هي الأكثر تمثيلا لتلك
الثقافة. وللأسف تشعبت هذه الثقافة بين أعضاء الحركة الكردية وعلى مستوى كلية
كردستان، وخاصة في الفترة الأخيرة في زمن تفاقم الأزمات، والغريب أن شريحة من
المستقلين، لا يختلفون عنهم في كثيره، وعند الأغلبية يختفي منطق الجدال، وينعدم
النقاش الموضوعي.
معظم أعضاء الأحزاب لا يدافعون عن مفاهيم أحزابهم وطروحاتها،
ولا يحاولون إقناع الأخرين بمنطقيتها، إما لضحالة معرفتهم، أو لسلبيات الشخصية
ذاتها، كثيرا ما يكتفون بمهاجمة الأخرين، دون كثير عناء، فلا يبذلون جهد فكري،
لمعرفة جوانب الخطأ وأسباب النقد، والمنطق الدارج إما أن يقبل الأخرون أراء وأفعال
الحزب أو يتهمونهم بالخيانة وما بعدها.
ولا يحاولون إقناع الأخرين بمنطقيتها، إما لضحالة معرفتهم، أو لسلبيات الشخصية
ذاتها، كثيرا ما يكتفون بمهاجمة الأخرين، دون كثير عناء، فلا يبذلون جهد فكري،
لمعرفة جوانب الخطأ وأسباب النقد، والمنطق الدارج إما أن يقبل الأخرون أراء وأفعال
الحزب أو يتهمونهم بالخيانة وما بعدها.
من الجميل أن يؤمن الفرد بمبدأ، فظهور
مرحلة الإيمان والانتماء إلى عقيدة أو إيديولوجية، من طفرات التطور البشري، كتب
عنها الكثير، وفي واقعنا الحزبي الكردي، تعتبر خطوة نوعية، لمواجهة الأعداء بقوة
منظمة مؤمنة بمفاهيم تعكس مصالح كلية المجتمع، ولا ضير فيها حتى ولو كانت متصلبة،
إذا بقيت تخدم الشعب. لكن وللأسف ولأجندات إقليمية، وضغوطات دولية خرجت أغلبية
الأحزاب الكردية والكردستانية عن دروبها، فظهرت حركة النقد الحاد، وتفاقمت إلى واقع
الخلافات، داخل وخارج التنظيمات، وهي أيضا من الخطوات المثمرة، لو ظلت ضمن مجالات
النقد البناء، لكنها تجاوزت حدود المنطق، توسعت وبلغت سوية الصراعات، ومن ثم
العداوة، واتهام بعضهم بالخيانة، وهذا ما نلاحظه اليوم وبشكل فاضح في غربي كردستان،
بين أل ب ي د وتوابعه من التنظيمات وأحزاب المجلس الوطني الكردي، وشريحة واسعة من
المستقلين، وذلك لأن اختيارات التقييم والاختلافات ضيقة مجالاتها، ولا تتجاوز
جغرافية الحزب.
مرحلة الإيمان والانتماء إلى عقيدة أو إيديولوجية، من طفرات التطور البشري، كتب
عنها الكثير، وفي واقعنا الحزبي الكردي، تعتبر خطوة نوعية، لمواجهة الأعداء بقوة
منظمة مؤمنة بمفاهيم تعكس مصالح كلية المجتمع، ولا ضير فيها حتى ولو كانت متصلبة،
إذا بقيت تخدم الشعب. لكن وللأسف ولأجندات إقليمية، وضغوطات دولية خرجت أغلبية
الأحزاب الكردية والكردستانية عن دروبها، فظهرت حركة النقد الحاد، وتفاقمت إلى واقع
الخلافات، داخل وخارج التنظيمات، وهي أيضا من الخطوات المثمرة، لو ظلت ضمن مجالات
النقد البناء، لكنها تجاوزت حدود المنطق، توسعت وبلغت سوية الصراعات، ومن ثم
العداوة، واتهام بعضهم بالخيانة، وهذا ما نلاحظه اليوم وبشكل فاضح في غربي كردستان،
بين أل ب ي د وتوابعه من التنظيمات وأحزاب المجلس الوطني الكردي، وشريحة واسعة من
المستقلين، وذلك لأن اختيارات التقييم والاختلافات ضيقة مجالاتها، ولا تتجاوز
جغرافية الحزب.
والأغرب هم شريحة كتاب البلاط، فهم أكثر الناس تمثيلا لهذه
الثقافة، وأبعد الناس عن معرفة قيم الاختيارات والتقييم المنطقي، هوايتهم تنحصر في
تخوين الأخرين. فعلى سبيل المثال، من يهاجم ( ولا نقصد هنا النقد المنطقي) عبدالله
أوجلان لا يرى فيه وفي أل ب ك ك ومؤيدي الحزب إيجابية واحدة وأحكامهم لا تقف إلا
عند الخيانة، ومن يهاجم مسعود برزاني، ينتهك حرمة كل العائلة والحزب، والخيانة
مسلوقة بين سطورهم، من النادر أن يجد القارئ في كتاباتهم تحليل منطقي واعٍ غايته
إيجاد حل للمعضلات التي تحيط بالأحزاب وهؤلاء القادة، معظمهم لا يدركون أنهم بهذه
الأساليب ينتهكون حرمة قياداتهم قبل الأخرين، فبعملية ابتذال الأخر يفتحون المجال
لمؤيدي القائد المنتقد أن يبتذل قياداته بنفس السوية، أي عمليا هؤلاء الكتاب
وأمثالهم من مؤيدي الأحزاب يخونون أصحابهم وقياداتهم بأساليبهم
…
الثقافة، وأبعد الناس عن معرفة قيم الاختيارات والتقييم المنطقي، هوايتهم تنحصر في
تخوين الأخرين. فعلى سبيل المثال، من يهاجم ( ولا نقصد هنا النقد المنطقي) عبدالله
أوجلان لا يرى فيه وفي أل ب ك ك ومؤيدي الحزب إيجابية واحدة وأحكامهم لا تقف إلا
عند الخيانة، ومن يهاجم مسعود برزاني، ينتهك حرمة كل العائلة والحزب، والخيانة
مسلوقة بين سطورهم، من النادر أن يجد القارئ في كتاباتهم تحليل منطقي واعٍ غايته
إيجاد حل للمعضلات التي تحيط بالأحزاب وهؤلاء القادة، معظمهم لا يدركون أنهم بهذه
الأساليب ينتهكون حرمة قياداتهم قبل الأخرين، فبعملية ابتذال الأخر يفتحون المجال
لمؤيدي القائد المنتقد أن يبتذل قياداته بنفس السوية، أي عمليا هؤلاء الكتاب
وأمثالهم من مؤيدي الأحزاب يخونون أصحابهم وقياداتهم بأساليبهم
…
يتبع…
د. محمود
عباس
عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
25-9-2015
افتتاحية
جريدة بينوسا نو العدد(41) الناطقة باسم رابطة الكتاب والصحفيين الكرد.
جريدة بينوسا نو العدد(41) الناطقة باسم رابطة الكتاب والصحفيين الكرد.