ضد و مع الهجرة

 دجوار حسن

في هول
الأحداث التي جرت في منطقة الشرق الأوسط من ثورات مناهضة لحكم الدكتاتوريات ، و
منها في سورية التي كانت و لاتزال  من أخطرها ، بسبب تشابك مصالح الدول الإقليمية و
العالمية فيها ، و التي جاءت من سياسة ذكية للنظام السوري منذ أربعين عاما  و إلى
الآن ، و نحن كشعب كوردي الذي يُقدر تعداده الغير مؤكد إلى أربعة ملايين في الشمال
و الشمال الشرقي من سوريا ، حيث أننا عانينا كثيرا من دول المنطقة و غيرها  من قمع
و ظلم و مسح الهوية الكوردية و غيرها  عبر التاريخ ، و إذ بواحدة أقوى من غيرها و
هي ظاهرة الهجرة التي تحدث الآن .
يتساءل الإنسان الكوردي نفسه هل الهجرة صحيحة أم لا ؟
من منطلق الجانب الكوردي
بخصوصية تامة ، يتفكر المرء أي اتجاه يسلك و أية مركزية و عقيدة يتمسك بها !! ، يرد
عليك كوردي بلا أمل  بعد انتظار ثلاثة سنين أو أكثر ، و لماذا أبقى ؟ و من أنتظر ؟
و هل هناك سياسة ناجحة ؟ و هل أخدم وطنا لا أعلم متى التوافق ؟هل هناك مستقبل قريب
؟ هل هناك رزق لي ؟هل أطفالي باقون بلا تعليم ؟ و هل حياتي في أمان ؟
تتنفس
عميقاً دون رد ، بل و تتألم معه ، و ترى من حقه و ليس بذنبه ما آلت إليه الأمور ، و
تضيف منتهيا بحديثك أتمنى الخير لك في وجهتك ، يبدو أوروبا هو الحل مؤقتاً إذا لم
تكن دائما ، لأن الحرب لا تعطي حقوقاً ، و لا ينتظر التعليم و الرزق السياسة أو حتى
تنتهي الحرب بأصح العبارة .
يرد عليك آخر بعد انتظار فرصة لم تكن في حسبانه أن
تأتي بعجالة هكذا لإثبات وجوده ، و ما أراده و حَلم به من سنين ، و يحصل على أرضه و
حقوقه و يدير نفسه بنفسه ، و يمارس كورديته المقموعة من مئات السنين في كل أوجهه و
نواحيه التعليمية و الاقتصادية و العسكرية  .. إلخ ، ينادي غيره لا للهجرة ، و
اثبتوا في أرضكم و قاتلوا ، إنها أرضكم و عرضكم ، و نحن بحاجة إليكم و خاصة الشباب
لحمل السلاح و الدفاع عنها و إحقاق الحق عسكريا سواء كان من البيشمركة أو YPG
 بعيدا عن ذكرالسياسات القيادية الفاشلة  من المجلس الوطني الكوردي المنتخب من قبل
أحزابه ، أو من الإدارة اللاديمقراطية أو بالأحرى حزب PYD  المصطنع الذي يقع عليه
المسؤولية الأكبر لإفراغ المناطق الكوردية في سوريا مأمورة من أعداء الشعب الكوردي
، و بأكثرية من نواحي كالخدمة الإلزامية و التعليم الحزبوي الواحد الفاشل و الغير
مرغوب من معظم الشعب الكوردي ، و سياسة عدم تقبل الأخر .
يتراءى أمام ناظري الحل
مثالا لهذه الكارثة و الظاهرة القاسية المحيرة ، أنه يجب على كل من يقاتل من
الطرفين البقاء ثابتين ، و إن عليهم مسؤولية كبيرة يجب تحملها ريثما تتفاهم الأزمة
اقليميا و دوليا ، و تظهر معالم النهاية ، و تأتي خواتم الأمور ، فالوطن بهم يبنى و
بدمهم ترسم الخرائط ، و لو كان الخلاف سياسة طويلا ، اجعلوها متحدة عسكرة كما كان
في كوباني ، أما من هاجر و الذين غالبيتهم شباب و الذين أسبابهم كانت مؤقتة متمنيا
أن لا تصبح أبدية ، و تذهب طاقاتهم هدرا لبلدان أخرى ، فلو تفكر كل منهم مستقبلا
بكوردستان سوريا أوحتى العراق ، و عاد إلى وطنه ناجحا و مستثمرا و متعلما و خادما
وطنه بوسائل أخرى بعد نهاية الحرب و إحقاق الحق ، و إدارة الكورد أنفسهم بنهج و
مسار صحيح  .
نحن مع هجرة كل من ذهب لتأمين نفسه و من حقه راجين عودته ناجحا
لبناء وطنه و تطويريه في كافة النواحي ، و من جهة أخرى نحن مع الذبن يقاتلون و
باقون في أرضهم و شاكرين لهم  ، و مستغلين الفرصة لتكوين كيان كوردي في ظل تفاهمات
تعيد بالفائدة على الشعب الكوردي . أما في كف الترجيح أكثر هو البقاء و التحمل و
التضحية و السعي وراء الهدف و إلا نحن كشعب كوردي باقون هكذا بلا شيء إلى الأبد . 
 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح عمر في الرابع من كانون الأول 2025، لم يكن ما جرى تحت قبّة البرلمان التركي مجرّد جلسة عادية، ولا عرضًا سياسيًا بروتوكوليًا عابرًا. كان يومًا ثقيلاً في الذاكرة الكردية، يومًا قدّمت فيه وثيقة سياسية باردة في ظاهرها، ملتهبة في جوهرها، تُمهّد – بلا مواربة – لمرحلة جديدة عنوانها: تصفية القضية الكردية باسم “السلام”. التقرير الرسمي الذي قدّمه رئيس البرلمان…

م. أحمد زيبار تبدو القضية الكردية في تركيا اليوم كأنها تقف على حافة زمن جديد، لكنها تحمل على كتفيها ثقل قرن كامل من الإقصاء وتكرار الأخطاء ذاتها. بالنسبة للكرد، ليست العلاقة مع الدولة علاقة عابرة بين شعب وحكومة، بل علاقة مع مشروع دولة تأسست من دونهم، وغالباً ضدّهم، فكانت الهوة منذ البداية أعمق من أن تُردم بخطابات أو وعود ظرفية….

شادي حاجي تشهد الساحة السورية منذ تولّي السلطة المؤقتة في دمشق، ومرور عام على سقوط نظام بشار الأسد، تحولاً واضحاً في الخطاب السياسي تجاه المكوّن الكردي. فقد باتت العبارات الودّية مثل “الكرد مكوّن أصيل من النسيج السوري”، و”الكرد شركاؤنا”، و”الكرد بعيوننا”، إلى آخر مثل هذه اللغة الودية والتصالحية التي تتكرر في تصريحات رئيس السلطة المؤقتة في دمشق ومسؤوليها. ورغم أن…

خالد حسو مرَّ عامٌ كامل على ذلك اليوم الذي اهتزّت فيه سوريا من أقصاها إلى أقصاها؛ اليوم الذي سقطت فيه منظومة آل الأسد التي كبّلت البلاد لأكثر من خمسة عقود. كان يومًا أشبه بزلزالٍ سياسيٍّ عاصف، انشقّت فيه جدران الصمت، وتحطّم فيه أحد أشدّ الأنظمة الأمنية قمعًا في تاريخ المنطقة. لم يكن سقوطه حدثًا عابرًا، بل لحظة انفجارٍ هائل تحرّرت…