أحزاب تورز….. للسّياحة والسّفر

محمد آمدي

          لا يخفى على القارئ والمتأمل لوضع القضية الكردية في سوريا من أن ينتابه الأسى وخيبة الأمل مما استقرعليه وضع المنظمات الكردية ،حيث أصبحت وبكل جدارةٍ وإمتياز مكاتب لتسيير الرحلات الترفيهية .
    حيث يقتصر وجود تنظيماتنا في الساحة الكردية على شهرٍ أو شهرين من السنة، وكأن القضية والشعب الكرديين غائبين طيلة العام لكي يطل علينا اصحاب الشعارات في آذار ونيسان لتصفيف الطلاب أو الناس في ذكرتين أليمتين (12-16 آذار ) وكأنهم شرطة مرورٍ ظناً منهم أنَّ الناس لا يعرفون أن يصطفوا بجانب بعضهم البعض ، وكذلك على تسيير الرحلات التي أصبحت وبكل أسف وألم مكان لتوتير العلاقات المناطقية الضيّقة .
       إذا شبّهنا ظهورهم في أوج الربيع بالأزهار ،ولكن الأزهار بعد ازهارها لا بدّ من أن تثمر ولكنهم تحوّلوا بعقلياتهم البطريركية الذكورية إلى أزهارٍ مذكّرة لا تُخصب ولا تثمر ……..!!
      عزيزي المتأمل …ألم تجد مشهداً تتأمله أفضل من هذا المشهد والذي أصبح بكل مأساويةً؛
مشهداً تراجيدياً يحمل في طيّاته عبارات ” الله كفيلٌ بالإصلاح ” …!!!؟.
      ألا نخجل من أنفسنا ونحن نقول هذا القول ..؟ عندما يكون حديثنا حول دور
 أحزابنا إزاء القضية والشارع ….! وكأننا في مأتمٍ لم يعد بإمكاننا فعل شيءٍ لكي نحملها على قوى الغيب و لم يبق هناك شيئاً قابلاً للإصلاح ..!!
     بالطبع ، فالأفكار لا تنبت في السماء ،إنّما تشتعل في الرؤوس وتتشكل على أرض الواقع أي هي ثمرة عملٍ ،سواءٌ أكان هذا العمل فكرياً أم عملياً واقعياً معاشاً.
     هل فحصنا ممارساتنا الفكريّة والسلوكية بقليلٍ من نقد الذات ؟.

ألا يكون بُعد الشارع عن الأحزاب وانتمائهم لها خير دليلٍ على الإشكالية في آليات عمل هذه المنظومات ؟ أم تحولت أفكارنا إلى مناطق عسكريّة يمنع الاقتراب أو التصوير ؟ أو تحت طائلة النعت والتشهير !!!؟.
     الكائن البشريُّ رهنٌ لإمكاناته ، على أن يحوّل الواقع ويتغيّر عما هو عليه فكراً وفعلاً وممارسةً من خلال ما يخلقه من عوالم مختلفةٍ بقواها وعلاقاتها ، أو فعّالةً بأدواتها ووسائطها .
     لا غرابة في أن يكون المآل كذلك ، ذلك أنّ الأفكار القوية والفعّالة ليس ما يملكه المرء أو يعطى له ، وهو ليس كياناً ماورائياً؛ إنما هو ثمرة الجهد والمراس والاشتغال على المعطى الوجودي .
     فأنا لا أطلب منك – وأعرف قدراتك – بأن تغزو المريخ بأفكارك وأفعالك، ولكن أطلب منك فقط تفعيل دورك في مجتمعك الذي حولته بدورك إلى مجتمعٍ لا يثق حتى بكلمة ” حزب ” لأن أيّة كلمةٍ مماثلةٍ من هذا القبيل يبادر فوراً إلى ذهنه زيادة   رقمٍ  بين تلك الأرقام……!
عزيزي…..للخروج من هذا المأزق الذي نحن فيه ، لا بدّ من إقامة علاقةٍ نقديّةٍ مع الذّات و الأفكار ، وذلك لإحداث قفزة ننتقل بها من لغة الشّعار والعقليّة الطّوباويّة ومنطق الاستلاب إلى لغة الفهم وعقليّة الخلق والتكوين على نحوٍ يتيح لك
ولنا من تغيير الواقع وصناعة المشهد الكردي الذي أصبح حقل للتجارب…….!!!.

   

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…