أوباما مطالب بأن يتحرك لحماية المدنيين السوريين.

عبدالباسط سيدا

صورة آلان أصابت العالم بأسره بالصدمة . ولكن اللافت أن
الجميع بدأ بالتركيز على نتائج السلبية الدولية في التعامل مع الوضع السوري؛ وعلى
محنة اللاجئين السوريين تحديداً في بعدها الإنساني التي أثارت الرأي العام الأوربي.
وقد تسابق السياسيون في التعبير عن حزنهم وألمهم، استعداداً لحسابات انتخابية
قادمة.
أما البحث في سبب المشكلة فقد ظل مستبعداّ بشكل يوحي وكأن العالم بأسره
متآمر على الشعب السوري. نظام بشار هو أساس الداء. فهو الذي يمارس القتل بحق
السوريين وبأبشع الأساليب وبأحدث الأسلحة الروسية وأكثر فتكاً. وهو الذي دمّر سورية
، وشرّد شعبها، وقتل مئات الآلاف، وجلب الإرهاب. وسلّم البلد لإيران تستخدمه ورقة
في مساوماتها وبازاراتها الإقليمية والدولية.
أوربا عاجزة بفعل غياب زعاماتها التاريخية: برانت، كرايسكي، ميتران، بالمه. أما
الزعامات الحالية فهي تدوزن حساباتها وفق استطلاعات الرأي العام، وتوزّع الأصوات
الانتخابية، والرغبة في الفوز الانتخابات وبأي ثمن.
وحده أوباما كان – وما زال-
القادر على اتخاذ القرار. موقف واحد صارم جريء واضح منه، موقف يطالب برحيل بشار
صراحة من دون أي لبس. سيرحل بشار ومن معه هلعاً، وسيصمت كل من يسانده -كما وجدنا
قبل مشروع الضربة التي لم تحدث بفعل صفقة الكيماوي- ولن يكون للارهاب أي مستقبل لا
في سورية ولا في المنطقة كلها. الإرهاب لعبة شيطانية أوجدتها الأنظمة الاستبدادية
المخابراتية في المنطقية، سعياً منها لتأبيد هيمنتها وتحكّمها بمفاصل السلطة
والثروة. ويبدو أن هذه اللعبة قد تناغمت مع الحسابات الدولية، فكان التوافق غير
المعلن على تبادل الأدوار.
أوباما مطالب – لكونه رئيس أقوى دولة في العالم،
وبوصفه حامل جائزة نوبل للسلام- بأن يتحرك لحماية المدنيين السوريين. وهذه الحماية
لا تكون بتعاطف إنساني جيّاش، نحترمه ولكنه لا يحل المشكلة. المطلوب هو توجيه انذار
واضح وصريح للنظام الإيراني بالكف عن التدخل في شؤون سورية، والطلب من بشار
بالرحيل. أما التفاصيل والترتيبات الأخرى الدولية والإقليمية والمحلية فكلها من
الأمور السهلة، التي ستكون لصالح وحدة سورية واستقرارها، واستقرار المنطقة والعالم
بأسره.
أما أن يتم تجاهل السبب الحقيقي للأزمة، ويكون البحث في الهوامش والقشور،
فهذا مؤداه في قادم الأيام رؤية الآلاف من أجساد السوريين أطفالاً ونساء على شواطئ
بحار العالم، ومشاهدة المزيد من تجمعات السوريين أمام محطات قطارات أوربا، وفي
المطارات والحافلات، والحدائق والساحات. وسورية باعتبارها بلد مفتاحي في المنطقة
يمكنها أن تكون بوّابة الاستقرار، كما يمكنها ان تكون بوّابة الاضطراب

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس تمعنوا، وفكروا بعمق، قبل صياغة دستور سوريا القادمة. فالشعب السوري، بكل مكوناته، لم يثر لينقلنا من دمار إلى آخر، ولا ليدور في حلقة مفرغة من الخيبات، بل ثار بحثًا عن عدالة مفقودة، وكرامة منهوبة، ودولة لجميع أبنائها، واليوم، وأنتم تقفون على مفترق مصيري، تُظهر الوقائع أنكم تسيرون في ذات الطريق الذي أوصل البلاد إلى الهاوية….

نظام مير محمدي*   بعد الذي حدث في لبنان وسوريا، تتسارع وتيرة الاحداث في المنطقة بصورة ملفتة للنظر ويبدو واضحا وتبعا لذلك إن تغييرا قد طرأ على معادلات القوة في المنطقة وبحسب معطياتها فقد تأثر النظام الإيراني بذلك كثيرا ولاسيما وإنه كان يراهن دوما على قوة دوره وتأثيره في الساحتين اللبنانية والسورية. التغيير الذي حدث في المنطقة، والذي كانت…

عنايت ديكو سوريا وطن محكوم بالشروط لا بالأحلام. سوريا لن تبقى كما يريدها العرب في الوحدة والحرية والاشتراكية وحتى هذا النموذج من الإسلاموية، ولن تصبح دولة كما يحلم بها الكورد، من تحريرٍ وتوحيد للكورد وكوردستان. هذا ليس موقفاً عدمياً، بل قراءة موضوعية في ميزان القوى، ومصارحة مؤلمة للذات الجماعية السورية. فمنذ اندلاع شرارة النزاع السوري، دخلت البلاد في مرحلة إعادة…

محمود برو حين يتحدث البعض عن كوردستان على أنها أربعة أجزاء، ثم يغضون الطرف عن وجود كوردستان الغربية، ويحاولون النقص من حقوق شعبها تحت ذرائع مبرمجة ومرضية للمحتلين ،فهم لا ينكرون الجغرافيا فقط، بل يقصون نضالاً حقيقياً ووجوداً تاريخيا و سياسياً للكورد على أرضهم. إنهم يناقضون انفسهم ويدفعون شعبهم إلى متاهات صعبة الخروج كل ذلك بسبب سيطرة الادلجة السياسية…