رسالة الطفل البريء ألان على الخطين

دجوار حسن

تداولت الكثير من الوسائل الإعلامية في العالم
صورة الطفل الكوردي البريء ألان عبدالله من مدينة كوباني ، التي هزت ضمائر الناس و
هزت عرش الإنسانية في العالم ، نعم و لاشك إن كل إنسان يتأثر جدا بمنظر ذلك الطفل
البريء ، لكن يجب ألا يُنسى هناك أمثال الطفل ألان بالمئات يُقتلون كل منهم على
طريقة ربما تختلف عن الأخرى  حيث النهاية واحدة  وهو الموت .إن صورة ألان تبرز
للعالم مدى نفاق المجتمع الدولي  و العربي و الإسلامي  لأن الأطفال لا يموتون  فقط
على طريق الهجرة ، بل هناك أطفال يموتون  تحت الأنقاض و بالأسلحة الكيماوية وفي
التفجيرات و غيرها و لسنا بحاجة إلى ذكر التفاصيل لأنها واضحة أمام جميع الناس ما
يحصل في سوريا عامة و المناطق الكوردية خاصة .
هل هناك من يسعى وراء الأسباب و بذرة الخطأ و النتيجة التي تنتهي بالكوارث من أين
تأتي ؟ ويجد حلا لها ؟
و بشكل خاص ما حصل للكورد منذ بداية الثورة السورية كثير
جدا لحد الأن و لا نريد العودة إلى ما قبل الثورة ماذا كان وضع الكورد في سوريا ،
حيث أن الشعب الكوردي كانوا من أوائل من قاموا نصرة للثورة السورية مطالبين بحقوقهم
المشروعة على أرضهم فيها مثل بقية الشعب السوري الذي نادى بالحرية و الكرامة ، لكن
للأسف حالهم أصبح سيئا أكثر بكثير في حين ساندوا اخوتهم في المعارضة السورية بجميع
فصائلها التي لم تعترف بالشعب الكوردي إلى الأن بشكل واضح في سوريا بل و كشف حقيقة
الوجوه من بعض الشخصيات الشوفينية المربية من قبل النظام البعثي الذي دام أربعين
سنة في عهد الأسد الأب و الأبن ، حين تتماشى معهم و تريد الخلاص و الوصول معا لحل
لمأساة  الشعب السوري ، تجدهم يريدون من الشعب الكوردي الرجوع إلى الوراء كما سابقا
أن يكون تحت أمرتهم دون الإعتراف بهم سوى بعض حقوق مضحوكة على أذهان بعض القيادات
الكوردية المتمثلة معهم ، هل الكوردي سيضحي من جديد و يُقتل و يتألم لأجل العروبة 
و فلسطينية عربية أخرى أم لجولان عربي أخر أو لسوريا عربية أخرى مستقبلا دون
الإعتراف به بكامل حقوقه على أرضه كشعب تاريخي عليه ؟
يُجيب الكوردي بأنه ليس من
باب العنصرية أو القومية ينأى بنفسه عن ذلك بل لأنه كوردي و ليس بعربي و لا شأن له
بذلك ، و إن العروبة و القضايا العربية الذين يدعي بهما رؤوساء العرب يحكمون شعوبهم
متاجرين باسم المقاومة و الصمود ضد  العدو الاسرائيلي  ليس مطلوبا من الكوردي
الوقوف معهم .
أما ما يبرز في الأوساط الكوردية المنقسمين داخليا إلى طرفين ، 
فقد هجر الشعب و تشرد و مات غرقا و قُتل و دُمرت مدنه بسبب فشل سياسة الأحزاب
الكوردية جميعا التي تدعي بنضالها القديم و حافظت على أصالة الشعب الكوردي مع أن
معظم القيادات الحزبية لا يفتقرون الى التحدث باللغة الكوردية بطلاقة ، و لازالوا
ينقسمون و يتشاجرون على المناصب و يتبادلون الإتهامات فوق ضعفهم و عدم وجود أي
قيادي بينهم يضحي و ينادي بحقيقة و بشكل سياسي و دبلوماسي بقضيته ليجد حلا لها إما
مع المعارضة السورية المسقبلية أو في الأوساط و المحافل الدولية و السعي الى تحقيق
أمال الشعب الكوردي في سوريا مستقبلا سواء كحكم فيدرالي أو كدولة كوردية .
أما
فيما يتعلق بالأخ الكوردي الملعوب و الخائن الذي يدعي بالحنكة السياسية مع النظام
السوري و الذي كان سببا في كل ما حصل من هجرة و قتل و اعتقال الكثير من الشباب
الكورد ، حيث يدعون الديمقراطية و ينادون بالوطن كوردستان أو بالأحرى روج آفا فأنه
لا وجود لذرة من هذين الصفتين فيهم ، إلا أنه يتراءى أمام ناظريك قيامهم ما هو
مطلوب منهم من أعداء الشعب الكوردي و إفراغ المناطق الكوردية و ضرب القضية الكوردية
بكافة الوسائل المطلوبة منهم ، تارة إدعاء بالسياسة الحكيمة مع النظام السوري لعدم
تعرض المناطق الكوردية لشيء من الدمار ، لكن كوباني و غيرها من المناطق الكوردية
مثالا حيا عكس ذلك . وتارة أخرى دفاعا عن الكورد ضد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش ”
الذي لم يكن له وجود في بداية الثورة السورية ، و كان  مخابرات النظام السوري
مشاركا في تشكيله و يقوم بدعمه ذلك لاستخدامه حسب مصلحته  و ضرب حليفه الكوردي و
انشغال الاثنبن ببعض و ضعف كل واحد للأخر ليقف موقف المتفرج ويجمع قواه بذلك
.
إن صورة الطفل البريء ألان الكوردي يذكرنا بنفاق المجتمع الدولي و أكذوبة
قوانين حقوق الإنسان و العدالة الدولية الوهمية ، إن هذه الدول المتمثلة بالإتحاد
الأوروبي وأمريكا و كندا و غيرها ليست أباً للدول الأخرى  و رقيبا مشرفا على حكام
العرب لشعوبهم ، لكنهم هم أنفسهم وضعوا مجالس و قوانين التي تنادي بمبادئ  حقوق
الإنسان و تدعي المحافظة عليها ، حيث أننا لا نراها سوى في بلدانهم ، مثالا بمجلس
الأمن الذي ليس إلا لعبة يحركونها حسب مصالحهم و سياساتهم ، إن هذه الدول التي
تستقبل اللاجئين بحفاوة و تصارع لإيجاد حلا لتلك الظاهرة هم أنفسهم ما يدعمون
حكومات دول تلك اللاجئين بالسلاح و المال لتسيير مصالحهم ، بل و يضحكون على شعوب
هذه الدول الشرق الأوسطية و يفجرون مناطقهم و يدمرونها و يستفيدون منهم بطرق أخرى ،
و يظهرون أنفسهم أصحاب الديمقراطية و المحافظين على حقوق الإنسان . لولا هذه
المصالح أو إن صح التعبير لو كانوا صادقين بما يدعون به و إليه لبادروا إلى وقف تلك
الجرائم و المجازر التي تحدث كل يوم ووضعوا حلا و حدا لما يحصل مثالا على الساحة
السورية خاصة .
لقد عانى الشعب الكوردي من الأنظمة الدكتاتورية في العراق و
ايران و تركيا و سوريا قديما و حديثا كل أنواع الظلم و القتل و التشريد و سلب
الهوية ، فكيف لهذه المرحلة الجديدة في سوريا سيعود الشعب الكوردي كما كان في عهد
النظام البعثي و ما يريده المعارضة الشوفينية الإسلامية الأن في سوريا المستقبل .
أما ما عاناه الكوردي داخليا من فشل سياسة الأحزاب الكوردية الضعيفة و من الأخ
الكوردي الخائن ، فإن رسالة الطفل البريء المرمي على الشاطئ _ألان من كوباني _
متوجها بفردتي حذائه  للعالم تدل على مضمونين حيث الأول منه للسوريين عامة ، فواحدة
لنفاق الأمم المتحدة و والثانية للعالم العربي و الاسلامي ، و الثاني خاصة للكورد
السورريين ، فواحدة لفشل الأحزاب الكوردية والثانية لسياسة سطلة الأمر الواقع .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…