عودة الى هجرة وتهجير الكرد السوريين

صلاح بدرالدين

  اذا كانت النسبة
المتوقعة لكرد سوريا لاتقل عن 15% فعلى الأرجح سنجد هذه النسبة تتضاعف في مجموع
ضحايا السوريين عبر قوارب الموت وشاحنات الاختناق والأمواج البشرية المتجهة نحو
عالم الشتات والاغتراب الأوروبي والكتل البشرية السورية التي تنتظر أقدارها على
أيدي المهربين والسماسرة في مختلف أصقاع العالم وبكل سهولة ستجد الكردي السوري الى
جانب مواطنيه الآخرين من على جوانب الحدود الاقليمية والدولية من ليبيا ولبنان
والحدود المشتركة السورية التركية والعراقية التركية واليونان وبلغاريا وانتهاء
ببلدان القطب الشمالي .
 مسألة هجرة أو تهجير الكرد السوريين من مناطقهم بالرغم من أنها تفاقمت الآن الى
أبعد الحدود ليست بنت اليوم فقد وضعت الأنطمة والحكومات المتعاقبة خططا عديدة
لاجبار الكرد على الرحيل من أرض الآباء والأجداد بهدف التقليل من عددهم وتسهيل
عملية التعريب في مختلف مناطقهم بأشكال متعددة وخصوصا بمنطقة الجزيرة فقد لعب
البعثييون والقومييون الشوفينييون الذين كانوا متعشعشون في مؤسسات حكومة الانفصال
دورا أساسيا في التهيئة لاجراء الاحصاء الاستثنائي واسقاط حق المواطنة عن عشرات
الآلاف بغية حرمانهم من حقوق التملك والعمل واجبارهم على الهجرة وفي باكورة الحكم
الناصري بعهد الوحدة كان شعار وزير الاصلاح الزراعي القومي المتزمت ( مصطفى حمدون )
– الكردي مالو شي عندي – أي حرمان الفلاحين الكرد من الأرض وبعد انقلاب حزب البعث
أصبح اضطهاد الكرد وقمع حركتهم الوطنية ودفعهم للهجرة أولوية سياسية تم الالتزام
بها عبر مراسيم جمهورية وقوانين وقرارات ادارية لاتعد ولاتحصى وكان مخطط الحزام
العربي تجسيدا لفكر البعث وقادته امثال – محمد طلب هلال – .
 اذا كان السورييون
عموما أصبحوا ضحايا وعرضة للتهجير حيث يبلغ أعداد المهجرين والنازحين أكثر من عشرة
ملايين بسبب جرائم النظام واعتداءاته وتدميره للأخضر واليابس عبر القصف والبراميل
المتفجرة وكذلك هربا من ممارسات ارهابيي داعش والنصرة وباقي جماعات الاسلام السياسي
الارهابية فان الكرد السوريين يعانون من مخاطر ثلاث تدفعهم الى الهجرة والنزوح
:
 الأول – تهديدات نظام الاستبداد المعروفة لدى الجميع والثاني – شرور وعدوانية
– داعش – حيث ذاق معظم السوريين الأهوال جراء ذلك والثالث – تحديات جماعات – ب ك ك
– المسلحة أو سلطة الأمر الواقع وهي خاصة تقريبا بالحالة الكردية السورية في معظم
المناطق .
 هذه الجماعات الأخيرة تسعى الى تحقيق رغبة قائدهاومرجعيتها الفكرية –
عبد الله أوجلان – بافراغ المناطق من الكرد السوريين ونقلهم الى الشمال أي تركيا
وهنا تلتقي مع مخطط النظام تجاه الكرد ولأنها لاتمتلك برنامجا سياسيا واضحا حول
كيفية حل القضية الكردية بل لاتعترف حتى بوجود مثل تلك القضية وتتجاهل مبدأ حق
تقرير مصير الشعوب ومستلزمات تحقيقه من ابرام تحالفات وتوحيد الصف والتعامل مع
الآخر المختلف فانها تعمل لمصلحة سياسة الحزب الأم بتركيا وتحاول استخدام كرد سوريا
وقودا في صراع حزب أوجلان مع تركيا ومؤخرا مع حكومة اقليم كردستان العراق وبذلك
تحصل على دعم ومساندة نظامي دمشق وطهران وحتى بغداد في صراعاتهما الاقليمية
.
 قبل استيلاء هذه الجماعات على مقدرات المناطق الكردية وتحديدا قبل عام 2012
وقبيل قيام مجلس الأحزاب الكردية – المجلس الوطني الكردي – والتعاون الثنائي سوية
وابرام اتفاقيات ( أربيل ودهوك ) والتفاوض على محاصصة استثمار طاقات شعبنا وتناغم
المواقف حيال الثورة والنظام والتوجه المشترك في ازاحة الحراك الشبابي الثوري
الكردي عن ساحة الفعل الوطني المنسق مع قوى الثورة السورية كانت نسبة الوجود الكردي
في محافظة الحسكة على سبيل المثال أكثر من 65% والآن وفي ظل كل من سلطة الأمر
الواقع ( الكردية ) وشريكها المفترض ( المجلس الكردي ) ومربعات النظام الأمنية هبطت
النسبة الى أقل من 40% ولم تكن منطقتي ( عين العرب – كوباني ) وعفرين جبل الأكراد
وحتى حي المقصود بحلب بأحسن حال .
 ماأربك الوضع أكثر وأطلق العنان لتنفيذ مشروع
تهجير الكرد السوريين وتفريغ مناطقهم والابقاء فقط بالنهاية لموالي جماعات – ب ك ك
– هو فشل أحزاب المجلس الوطني الكردي التي عول عليها بعض الكرد السوريين وحتى أوساط
من قيادة اقليم كردستان العراق التي أغدقتها بالدعم المالي في طرح مشروع نضالي
مواجه ومناقض للمشروع المشترك للنظام وجماعات – ب ك ك – على الأقل وبالحد الأدنى
وقف عملية النزوح وهنا أصيب الكرد مرة أخرى بالاحباط وبدأ شعور الهجرة ينتاب الجميع
كطريق وحيد للخلاص من كل الأخطار المحدقة ولسنا نغالي أن أكدنا على أن الوسط الشعبي
الكردي السوري الوطني بدأ يشير بأصابع الاتهام الى أحزاب المجلس الكردي كشريك لسلطة
الأمر الواقع في دفع الكرد نحو الهجرة والغرق والاختناق .
 لذلك نقول وندعو الى
المراجعة بصورة جذرية حاسمة عبر انعقاد مؤتمر وطني كردي سوري انقاذي للحيلولة دون
انهيار الحالة تماما واعادة الأمور الى نصابها وقبل ذلك على قيادات أحزاب المجلس
الكردي التنحي والاعتراف بالهزيمة وافساح المجال لقوى شعبنا الشبابية ومناضلينا في
المجتمع المدني وسائر نشطائنا في الداخل والخارج لقيادة المرحلة وانجاز مهامها
العاجلة وحتى تحقيق ذلك نناشد حكومة اقليم كردستان العراق الى اتخاذ الاجراءات
اللازمة للحيلولة دون هجرة عوائل وأفراد الكتلة الكردية السورية المهجرة الأكبر (
300 ألف ) من أراضي الاقليم وعدم السماح لتسليم مصائر هؤلاء لممارسات الأحزاب
الكردية السورية دون استثناء.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…