هل الجدار الكوردي ينذر بالإنهيار

مروان سليمان 

ما عشناه و نعيشه من نكد العيش و الشر الذي كان
يحوم حولنا و لا يزال و ينغص علينا حياتنا الذي رضينا به بالرغم من الآلام و البؤس
و الشقاءو لكننا كنا قد تعودنا عليه و لكن من الصعب أن نرضاه لأولادنا أن يعيشوه في
المستقبل و لكن يبدو أن المستقبل الذي ننشده لأجيالنا القادمة لن يكون بأحسن من
الحاضر المرير، فمن يتحمل مسؤولية هذا التدهور في هذه الحالة، و ما هو سبب الوصول
إلى هذه الحالة أصلاً، و هل نستطيع القفز عليه و كأن شيئاً لم يكن؟
لقد كان
الكورد سباقين في إنشاء أحزابهم و تنظيماتهم منذ نشوء الدولة السورية و عند قيام
الثور السورية كان الجميع يحسب للكورد ألف حساب قبل أن يتخذ قراره أو قراراً يتعلق
بمصير الوطن
 و لكن سوء تصرف الساسة الكورد و عدم استغلال الأوضاع التي كانت تحصل في المنطقة و
نتيجة للخلافات التي برزت بينهم في المحافل و لنقل الوطنية ما بين هيئة التنسيق و
الإئتلاف و المجلس الكوردي و تف دم قد كسر شوكة الكورد و ذهب بهيبتهم بعيداً عن
الأهداف التي يتمناه الكورد و مطالباتهم الشرعية بحقوقهم القومية و هنا لا بد من
القول بأنه لا مناص من الركون و الرجوع إلى التكاتف و التضامن و الإستناد إلى قاعدة
صلبة و متينة يقومنا من هذا الحلم و الغطرسة التي يمارسها البعض ضد الآخر في سبيل
إخلاء الساحة لنفسه و تحقيق أجنداته الحزبية على حساب الآخرين .
من سوء حظ
الكورد أن الذين يتاجرون بهم و بقضيتهم  و يتلاعبون بمصيرهم هم الطرف الأقوى على
الساحة في كردستان سوريا و نحن نرى أمام أعيننا بأن ما تبقى من الحواجز التي تحمي
البيت الكوردي بدأت تنهار تنيجة لتصرفات الغيورين سلبياً  و الجميع يعلم بأن
أفراداً و جهات حزبية تزداد تمادياً و عربدة في مصير الخلق و العباد بمن بقي على
أرض الوطن و لا يتوانى لحظة في أن يحدث القلاقل و المشاكل سعياً منه في خراب ما
تبقى من البيوت و تهجير من بقي متمسكاً بأرضه و وطنه و هم يدركون بأن السقوط يفضي
بالنتيجة إلى سقوط الجميع في منحدر الهاوية و يصبح الجميع لقمة سهلة لمن يتربص بنا
و يريد التلاعب بمصيرنا.
إن الذين لا يؤمنون بالتعددية السياسية  لا يستطيعون أن
يتعاملوا مع أحزاب أخرى بل ينظرون إليهم على أنهم مؤامرات خارجية ، و قد تم تنشئة
جيل بأكمله و هو فاقد للأسس الحضارية و عدم الإعتراف بالتعددية و حرية الآخرين و
حقوقهم و لذلك فإن أجيالنا القادمة سوف تعيش في فراغ سياسي و ثقافي لأنهم تشبعوا
بالأفكار المتوارثة من سياسة الحزب الواحد و القائد الواحد و الذي بدونه لا تكتمل
الحياة، هذه الثقافة التي يتم تلقينها أورثت الشباب الكورد سياسات عدوانية تجاه
الآخرين من الكورد أنفسهم  و كان آخرها الهجوم على مكتب حزب يكيتي الكوردي في سوريا
و هذا ليس الحادث الأول و لن يكون الأخير بسبب العنصرية الحزبية التي تميز حزب ال ب
ي د و هي العنصرية التي يجب علينا أن نقف عندها و نسقط عنها هالة القداسة من القائد
و السياسي و حتى المقاتل في الحزب المذكور و يحاسب على سياساته القمعية و التهجيرية
و القتل تجاه بني جلدتهم.
إن كل ما يتمناه أي كوردي غيور و حريص على مجتمعه و
أهله و ناسه هو أن يعم التفاهم بين جميع أبناء الشعب الكوردي من أجل مصلحة الوطن 
أولاً و مصلحة الشعب ثانياً و هو العيش بحياة كريمة و الإستقرار و السلام و احترام
حقوق المواطن و تحقيق العدالة الإجتماعية و تقديم الخدمات و الرعاية الصحية و
الإجتماعية و المهم في تحقيق ذلك هو المشاركة السياسية الحقيقية و خاصة عند سن
القوانين و إصدار القرارات المصيرية المتعلقة بالوطن و حياة المواطن، أما عدا عن
ذلك سوف يؤدي لقمع المعارضين و الجهل بأصول الحوار و عدم إحترام الآخر و عدم وجود
قانون ينظم العلاقة بين الحاكم و المحكوم هذا يكرس الإستبداد و الطغيان و يولد
الحقد و الكراهية و الثأر و هذا ما يطبقه أنصار ال ب ي د في كردستان سوريا
حرفياً.
فهل ينهار الجدار الكوردي الكوردي ؟ أم ما زال أمامنا متسع من
الوقت؟
12.08.2015
   

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…