أهداف التّدخُّل التركي في سوريا

افتتاحية جريدة كوردستان
تمهّد الحكومة التركية
المؤقتة خلال الفترة الراهنة لتنفيذ مخطط التدخُّل العسكري في سوريا، باستغلالها
للأجواء الدولية الجديدة بعد الاتفاق النووي مع إيران، وتفاهماتها مع الولايات
المتحدة الأميركية، والتي من أبرز نقاطها: منع سيطرة التنظيمات المتشددة كـ “داعش
وجبهة النصرة” وغيرها على المناطق المحاذية لحدودها، خاصة الواقعة بين جرابلس شرقاً
وعفرين غرباً، والسماح للمقاتلات الأميركية وطائرات التحالف الدولي باستخدام قاعدة
إينجيرليك (قرب أضنة) والمجال الجوي التركي، وفي حال نزوح عدد كبير من اللاجئين
السوريين إليها سيتم إنشاء منطقة آمنة لهم ضمن الأراضي السورية وبغطاء دولي.
أما المحاولات التركية لتأجيج الصراع والتدخل في المنطقة فلها أهدافٌ معلنةٌ وأخرى
غير معلنة، منها إسكات خصوم حزب العدالة والتنمية الداخلية وخاصة الحكومة التركية
الحالية (المؤقتة). وإن التهديد بالتدخل العسكري سيعزِّز من حظوظ حزب العدالة
والتنمية في الحصول على الغالبية البرلمانية في حال خوض انتخابات مبكرة، بإضعاف حزب
الشعوب الديمقراطية وكذلك قطع الحجج والذرائع لدى الأحزاب المعارضة الأخرى بتأجيج
المشاعر القومية للترك.
فبتكثيف الهجمات على المقاتلين الكورد في جبال قنديل،
والتظاهر بالحرب على داعش تضعُ تركيا الطرفين في ميزانٍ واحد والتَّساوي بينها. وفي
سوريا تعمل على منع توحيد الإقليم الكوردي، وعدم ربط المناطق الكوردية (الجزيرة،
كوباني، عفرين) ببعضها الأمر الذي عمل النظام الدكتاتوري على ترسيخها بسياساته
الشوفينية وإجراءاتها العنصرية على مدى خمسين عاماً، الأمر الذي من شأنه تهجير
الكورد من هذه المناطق الفاصلة بينها، وتوطين اللاجئين السوريين من غير الكورد
فيها، إضافة إلى سعيها بفكِّ الارتباط بين الكورد والتحالف الدولي بقيادة الولايات
المتحدة الأميركية، وتسعى إلى المساهمة في الدعم الجوي، والدفع مع التوجهات الدولية
متظاهراً بدعم المعارضة السورية.
فعلى الكورد المحافظة على توحيد الصف والموقف
الكورديين والاستمرار في الجهود الداعية إلى تنفيذ مشروع السلام الذي يسعى إليه
الرئيس مسعود بارزاني، وقيادة إقليم كوردستان لتفويت الفرصة على المتطرفين
الشوفينيين الأتراك، والعودة إلى التفاهمات بين الطرفين لإحلال السلام الذي هو من
مصلحة الجميع.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد دقوري تعتبر منطقة شمال غرب سوريا، الممتدة من عفرين حتى ساحل البحر الأبيض المتوسط، واحدة من أكثر المناطق تنوعًا ديموغرافيًا وثقافيًا في سوريا. تشمل هذه المنطقة قرى وبلدات يغلب عليها الطابع الكردي، بالإضافة إلى وجود مجتمعات علوية ومسيحية، مما يجعلها فسيفساء ثقافية ودينية فريدة. ورغم كل محاولات طمس الهوية الكردية وتعريب الكرد وتهجيرهم من خلال مشاريع…

شكري بكر   عندما نتحدث عن القضية الكوردية بشكل عام، يجب أن يقترن حديثنا بالإنصاف والمنطق والعقلنة في التعاطي مع القضية الكوردية بشكل عام، بخصوصياتها المبدئية والفكرية والسياسية والجغرافية والحقوقية، والعمل ضمن الممكنات لا من خلال طرح شعارات طنانة ورنانة يُراد بها باطل، وإدانة التدخلات اللامسؤولة سواء كان من جانب الدول الإقليمية أو من جانب المحاور الكوردستانية. فالحديث عن واقع…

عبدالرحمن كلو   عندما تأسس المجلس الوطني الكوردي عام 2011، انبثق ككيان معارض للنظام السوري (رغم ملابسات تأسيسه ومواقف صقوره الحاليين من النظام، وهو موضوع سنفصله لاحقاً )، لكنه وُلد في خضمّ الحراك الثوري السوري، حاملاً هدفاً رئيسياً يتمثل في نَيل الحقوق القومية المشروعة للشعب الكوردي، ثم تبنّى لاحقاً شعار إسقاط النظام تماشياً مع المعارضة العربية. ومن ثم إنضم باكراً…

د. محمود عباس في معادلة السياسة، من يملك القوة على الأرض يحدد شروط التفاوض، لكن في المشهد الكوردي السوري، يبدو أن هذه القاعدة مقلوبة رأسًا على عقب، فبدلاً من أن تجعل الأحزاب الكوردية من قامشلو مركزًا لفرض شروطها والتفاوض من موقع القوة، نراها تتهافت على أبواب دمشق، وأولهم المجلس الوطني الكوردي أو من يمثله، ولا نظن بأنهم يمثلون…