أزمة فكر أم قصور في الوعي.. الآفاق النظرية والوعي الديمقراطي لبعض من النخبة الثقافية العروبية – القسم الثاني

وليد حاج عبدالقادر 

في العودة الى جوهر القضية
واستكمالا لما ورد في القسم الأول اعلاه من هذا المقال ، نرى أن العقلية الإقصائية
والممارسة الفوقية والمتشعبة بنزعة الإستئثار وعلى المبدأ الإجتزائي / فويل للمصلين
.. / والآية الكريمة / كنتم خير أمة … / وخاصية الإستبداد المتمرسة أصلا في ذهنية
وعقلية كما وممارسات الإستلاب ومفهومية الحق المقدس الخاصوي والتي تأصلت كمنهج
وممارسة تعاقبت وتراكمت لقرون عديدة وهي تغذي مبدأ الغزوات ونتاجاتها من مشاع
وإقطاع وبالتالي ، ومن دون العودة الى سرديات التاريخ المجتزأة ايضا وبانتقائية فظة
والتي ترسخت وانطبعت في السايكولوجية الجمعية لهكذا أنماط ، وبالرغم من مخاضات
التقدم العلمي والتكنولوجي، إلا أنها بقيت مترسبة وبتكلص ممض في ذهنية كثيرين وإن
أسبغت المفاهيم النظرية وبأبعادها الأكاديمية على أسمائهم القابا تضيء لذاتها لا
ممارساتها وتطبيقاتها العملياتية ، 
وبالعودة الى صميم المسألة ، الى القضية الأساس ، وفي تتبع دقيق وخاصة لمرحلة مابعد
الحربين العالميتين وبشكل أخص بعيد الحرب العالمية الثانية ومن ثم طغيان التوجهات
القومية التي ما استطاعت تجاوز محنتها الذاتية والجمعية ، لابل ارتكزت وارتهنت على
ماضوية انتقائية من جديد تستقي منها أنموذجا مخياليا / مخبريا منتقاة ، فنرى ظهور
تيارات قوموية عربية كان الأبرز فيها هو البعث العربي والذي ارتهن تماما على
الرسالة الخالدة كوسيلة يستخدمها درعا وفيصلا ينتخي بها جمهورها للإلتفاف من حولها
، ومع الأيام تعددت التيارات وتشعبت وان بقيت راهنيتها ترتكز على عين الجوهر /
الأساس ، فصارت الأمة الواحدة والوطن الواحد ولتدور في فضائها قضايا الحرية
والإشتراكية والوحدة وهلم جرا .. ولا يخفى على أحد بأنه حتى الحركات والأحزاب
الشيوعية التي نشطت ومن ضمنها كل المجموعات الماركسية اللينينية والتي ادعت او
تظاهرت بأنها تمأسست على قاعدة / العمق الأممي وبعيدا عن النزعوية القوموية / إلا
أنها في الجوهر والممارسة ما استطاعت _ بالمطلق _ الخروج من جاذبية المد القوموي ،
لابل أن بعضا من الأحزاب الشيوعية العريقة ما استطاعت عربيا وتجاوز محورية الأمة
العربية الواحدة والقضية القومية العربية والتي أصبحت فيما بعد إسفينا في وحدة الصف
عند بعض من تلك الأحزاب ، ومن ثم لتتجاوز مثل هذه القضايا في أحايين كثيرة قضايا
وأمور جد حيوية تمس الجوهر الأساس الذي / التي أنشئت عليها هذه الأحزاب / الصراع
الطبقي كمثال / ، وقد نحت الإتجاهات الإسلاموية أيضا هذا المنحى فاستبدلت المفاهيم
العصرية بلبوس كهنوتي وصارت تتباهى ، لابل لا تخفي توجهها القومي الخاصوي مقابل
التذويب الديني للأعراق الأخرى ، لابل وتمددت في آفاقها لتشمل خاصية أقوام أخرى
وعلى نسقية الصراع الصفوي / العثماني المستتر حينا والظاهر في أحايين أكثر ، ومن
هنا وبتكثيف شديد فلو أعدنا بأصول غالبية الكتاب !! والمؤدلجين القوم / عروبيين مثل
د . عبدالرزاق عيد و د . كمال لبواني وميشيل كيلو و د. فايز فواز . و د. برهان
غليون الى حد ما وللأسف الشديد ياسين حاج صالح وووو لرأينا أنهم امتداد شرعي لتزاوج
الفكر القوموي العفلقي والمتشبع إرثا وبمنهجية البعث وإن حاولت ان تتغلف وبرقاقة جد
ناعمة وهامشية من المسخ لا المسوح الديمقراطي !! وذلك كقناع لا أكثر ، لابل أن
القضية القومية العربية أصبحت في الأساس المقص الذي قسم وحدة الحزب الشيوعي السوري
أواخر سبعينيات القرن الماضي وعلى انقاضها خرجت مجموعة المكتب السياسي / جناح رياض
الترك / الى الوجود ، ومن هنا وبالرغم من المخاض العسير الذي عاناه غالبية هذه
النماذج كمجموعات وأشخاص إلا أنهم ما تمكنوا من الخلاص ونزعة الهيمنة والإستحواذ
المشاعي _ الإقطاعي ، تلك الظاهرة التي لامسناها منهم ونحن وإياهم تجمعنا كانت ظروف
الإعتقال وجدران السجون وسلوكيات أجهزة نظام الإستبداد وطبيعي أن تتوحد تصوراتهم
وحتى بعض من سلوكياتهم وتتقاطع مع ممارسات وسلوكيات عناصر نظام الإستبداد ، ومن هنا
/ شخصيا لا أستغرب / استمرارية مسلكية ونتاجات التربية القومية العروبية ومصطلحات
مثل اقتطاع جزء من الوطن العربي .. الجيب العميل .. اسرائيل الثانية وبالتالي
لينعكس ذلك وبالفطرة عندهم فيرون ذواتهم في خندق داعش متحالفون معهم لابل وحاضنة
أساس لها عندما تتماس نزعتهم والتوجه الديمقراطي و القضية القومية الكوردية بآفاقها
الكوردستانية بشكل عام ولسان حال غالبيتهم / نحن كلنا داعش .. وكلنا حاضنة أمام أو
في وجه أية مشروع تقسيمي لإقامة كيان كوردي .. اسرائيل ثانية / في شمال سوريا او
العراق !! .. ومن هنا وبالضرورة وللوقوف في وجه هكذا أنماط يتحتم على الحركة
القومية الكوردية أن تنحاز هي أيضا لحاضنتها ، جماهيرها ، وأن ترتقي بعلاقاتها
البينية كورديا لتفرض شخصيتها السياسية والمعبرة حقيقة عن توجه كوردي خالص أمام
الهجمة الشوفينية والتي يقودها بعض من غلاة العروبيين دعاة التوجه الديمقراطي اسما
والديكتاتوري بأعتى مظاهرها الفكرية ممارسة ….

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

أحمد خليف* بعد انتهاء حقبة بيت الأسد، تلوح في الأفق تحديات جديدة، حيث تواجه الإدارة السورية الجديدة انتقادات وأسئلة مشروعة من رجال الأعمال والمستثمرين السوريين، حول مدى التزامها بالشفافية في منح المشاريع والمناقصات، في وقت تنتظر فيه البلاد إعادة الإعمار والانطلاق نحو المستقبل. يبدو أن غياب الإعلان الرسمي عن بعض المناقصات والمشاريع، وتوجيهها بطرق غير واضحة، يُثير مخاوف…

أزاد خليل* على مدى عقود من حكم آل الأسد، عاشت سوريا غيابًا تامًا لعقد اجتماعي حقيقي يعبر عن إرادة شعبها، ويؤسس لنظام حكم ينسجم مع تنوعها الثقافي والعرقي والديني. كان النظام قائمًا على قبضة أمنية محكمة وممارسات استبدادية استباحت مؤسسات الدولة لخدمة مصالح ضيقة. واليوم، مع نهاية هذه المرحلة السوداء من تاريخ سوريا، تبرز الحاجة إلى التفكير في نظام…

د. محمود عباس أحيي الإخوة الكورد الذين يواجهون الأصوات العروبية والتركية عبر القنوات العربية المتعددة وفي الجلسات الحوارية، سواءً على صفحات التواصل الاجتماعي أو في الصالات الثقافية، ويُسكتون الأصوات التي تنكر الحقوق القومية للكورد من جهة، أو تلك التي تدّعي زورًا المطالبة بالمساواة والوطنية من جهة أخرى، متخفية خلف قناع النفاق. وأثمن قدرتهم على هدم ادعاءات المتلاعبين بالمفاهيم، التي تهدف…

إبراهيم اليوسف منذ بدايات تأسيس سوريا، غدا الكرد والعرب شركاء في الوطن، الدين، والثقافة، رغم أن الكرد من الشعوب العريقة التي يدين أبناؤها بديانات متعددة، آخرها الإسلام، وذلك بعد أن ابتلعت الخريطة الجديدة جزءاً من كردستان، بموجب مخطط سايكس بيكو، وأسسوا معًا نسيجًا اجتماعيًا غنيًا بالتنوع، كامتداد . في سوريا، لعب الكرد دورًا محوريًا في بناء الدولة الحديثة،…