الذكرى الثامنة والخمسون لتأسيس أول حزبٍ كوردي

في الرابع عشر من شهر حزيران، تمرّ علينا الذكرى الثامنة والخمسون لولادة أول
تنظيمٍ سياسي كوردي في سوريا، لميلاد حزبنا الديمقراطي الكوردستاني- سوريا.
كان
هذا اليوم مفصلياً في تاريخ شعبنا النضالي، ففي مثل هذا اليوم من العام 1957م
وبجهود مجموعة من المثقفين المتحمّسين والوطنيين المخلصين من أبناء شعبنا الكوردي
أُعلن عن تأسيس أول تنظيم سياسي كوردي في سوريا على منهاج سياسي واضح، وهيكلية
تنظيمية تنظّم العلاقة بين أعضاء الحزب ليكون قوة سياسية مؤثر في الساحة السورية.
وكان تأسيس الحزب ردّاً منطقياً على الأوضاع التي كان يعيشها الشعب الكوردي في
كوردستان سوريا من إنكار تام لوجوده القومي والقوانين والإجراءات الاستثنائية التي
اُتّخذت وطُبّقت بحقّه، وبتأثيرٍ واضحٍ ومباشرٍ من النّضال القومي التحرُّري الذي
كان وقتذاك في كوردستان العراق بقيادة الزعيم الخالد مصطفى البارزاني، هذا النضال
الذي لعب دوراً محورياً في إذكاء الشعور القومي الكوردي في كوردستان سوريا، وزرع
الرُّوح النضالية لدى أبناء الشعب الكوردي.
وقام الحزب بالمطالبة بالحقوق
السّياسية وتحقيق الحقوق القومية المشروعة في إطار الدولة السورية،  واستقطب خلال
فترة قصيرة الآلاف من أبناء الشعب الكوردي المحروم من أبسط حقوقه القومية المشروعة،
وأصبح إطاراً يُجسِّد تطلُّعات الجماهير الكوردية ممثلاً لإرادتها وآمالها في إزالة
الظلم والاضطهاد القومي، وذلك بإقامة مجتمع تسودُه الديمقراطية والعدالة الاجتماعية
وتحقيق المساواة الفعلية بين كافة مكونات المجتمع السوري دون تمييز في الحقوق
والواجبات، والاعتراف الدستوري بوجود الشعب الكوردي وحقوقه القومية كثاني قومية في
البلاد .
لكنَّ ردَّ فعلِ السُّلطة على تأسيس الحزب ونضاله ونهجه كان عنيفاً
وقوياً، فقد اعتقلت العشرات من قادته، ولاحقت العديد من كوادره، في محاولة للقضاء
على أيِّ تنامٍ للرُّوح القومية لدى الشعب الكوردي والشعور بالوجود على أرضه
التاريخية.
وفي لفتة ذكية واستراتيجية اعتبر الحزب نفسه جزءاً من الحركة
الديمقراطية والوطنية السورية، وآمن أنّ حلّ قضيته سيكون في الإطار الوطني السوري،
وفي الوقت ذاته كان، ومازال يجدُ أنّ كوردستان بكلّ أجزائها عمقاً استراتيجياً له،
لإيمانه بوحدة كوردستان ووحدة الشعب الكوردي.
بقي حزبُنا فصيلاً رئيسياً محافظاً
على خطِّه القومي وتراث البارزاني الخالد المتمثل بنهج الكوردايتي، وتكرّس ذلك في
المؤتمر الوطني التوحيدي في آب 1970 وظل يسعى على الدّوام بكلّ جهودِهِ في معالجة
حالة التّشرذُم والانقسامات التي تعاني منها الحركة الوطنية الكوردية من صيغة
التّحالف الديمقراطي، وكذلك الجبهة الديمقراطية الكوردية، ودوره في انعقاد المؤتمر
الوطني الكوردي منذ بداية الثورة السورية في 26 – 10 – 2011  وتلازم نضاله من أجل
تحقيق الحقوق القومية للشعب الكوردي مع نضاله في سبيل وحدة أحزاب الحركة الكوردية،
حيث تم ذلك بتوحيد أطراف “البارتي” ومن ثم تشكيل  الاتحاد السياسي الديمقراطي
الكوردي الذي تكلّلَ بوحدة باسم الحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا في 3- 4 / 
2014 برعاية كريمة من السيد الرئيس مسعود البارزاني، وها نحن على أبواب المؤتمر
الثالث للمجلس الوطني، نركّز جلَّ اهتمامنا من أجل توحيد الطاقات الكوردية من أحزاب
سياسيٍة ومنظمات مجتمعية ومستقلّين وتنسيقياتٍ شبابية ومنظمات نسائية، لتعزيز وحدة
الصف والموقف الكوردي في هذه المرحلة الدقيقة التي يمرُّ بها شعبنا ووطننا .
في
هذا العام تحلُّ هذه الذكرى،  وبلادنا تمرّ بمرحلة استثنائية خطيرة، حيث يواجه
الشعب السوري نظاماً دكتاتورياً حوّل البلاد إلى ساحة لحرب دموية لا يستفيد منها
أحد، وارتفعَ عددُ الضحايا بشكل مُرعب، من قتلى وجرحى ومعتقل ونازح ومهاجر، حيث جعل
(داعش) الشعب الكوردي هدفا استراتيجياً له، لمواجهة ذلك علينا توحيد جهودنا
وطاقاتنا وتسخيرها مع الجهود الكوردستانية والدولية .
وبهذه المناسبة وفي الوقت
الذي نهنّئ شعبنا الكوردي وحركته السياسية، وكلّ المناضلين والأحرار، ورفاقنا،
كوادر وأعضاء، بمرور ثمانية وخمسين عاماً على ميلاد أول تنظيم سياسي كوردي في
سوريا، ونعاهدهم أن نكون أوفياء للمبادئ القومية والوطنية التي أمنا بها ، وأن
نستمرَّ في النِّضال وتحمُّل تبعاته واضعين مصلحة شعبنا وقضيته القومية
والديمقراطية نُصبَ أعيننا ومساندة نضال شعبنا في كافة أجزاء كوردستان، وندعو شعبنا
الكوردي إلى عدم إقامة تجمُّعات جماهيرية، لا في الساحات العامة ولا في الصالات
المغلقة نتيجة الظروف الأمنية الحساسة التي تحيط بمناطقنا المُستهدَفَة من قبل
الإرهابيين.
عاش نضال حزبنا الحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا
المجد
والخلود لشهداء الكورد وكوردستان
عاش نهج الكوردايتي نهج البارزاني
الخالد
قامشلو في 14/6/2015م
المكتب السياسي  للحزب الديمقراطي الكوردستاني –
سوريا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

رياض علي* نظرا للظروف التاريخية التي تمر بها سوريا في الوقت الحالي، وانتهاء حالة الظلم والاستبداد والقهر التي عاشها السوريون طوال العقود الماضية، وبهدف الحد من الانتهاكات التي ارتكبت باسم القانون وبأقلام بعض المحاكم، وبهدف وضع نهاية لتلك الانتهاكات، يتوجب على الإدارة التي ستتصدر المشهد وبغض النظر عن التسمية، أن تتخذ العديد من الإجراءات المستعجلة، اليوم وليس غداً، خاصة وان…

ادريس عمر كما هو معروف أن الدبلوماسية هي فن إدارة العلاقات بين الدول أو الأطراف المختلفة من خلال الحوار والتفاوض لتحقيق المصالح المشتركة وحل النزاعات بشكل سلمي. المطلوب من الكورد دبلوماسيا في سوريا الجديدة بعد سقوط طاغية دمشق بشار الأسد هو العمل على تأمين حقوقهم القومية بذكاء سياسي واستراتيجية دبلوماسية مدروسة، تأخذ بعين الاعتبار الوضع الإقليمي والدولي، بالإضافة إلى التوازنات…

نشرت بعض صفحات التواصل الاجتماعي وبعض المراسلين ، معلومات مغلوطة، بشأن موقف المجلس الوطني الكردي حول الحوار الكردي الكردي ، فإننا نؤكد الآتي : ١- ما ورد في المناشير المذكورة لا يمت للواقع بأي صلة ولا يعكس موقف المجلس الوطني الكردي . ٢- المجلس الوطني الكردي يعتبر بناء موقف كردي موحد خياراً استراتيجياً، ويعمل المجلس على تحقيق ذلك بما ينسجم…

إبراهيم اليوسف ليس خافياً أن سوريا ظلت تعيش، بسبب سياسات النظام، على صفيح ساخن من الاحتقان، ما ظل يهدد بانفجار اجتماعي واسع. هذا الاحتقان لم يولد مصادفة؛ بل كان نتيجة تراكمات طويلة من الظلم، القمع، وتهميش شرائح واسعة من المجتمع، إلى أن اشتعل أوار الثورة السورية التي عُوِّل عليها في إعادة سوريا إلى مسار التأسيس ما قبل جريمة الاستحواذ العنصري،…