عيد ميلاد سعيد لكلّ حزبٍ كرديّ في سوريّا

نارين عمر
تشكّلُ
الأحزاب وتأسيسها لدى أيّ شعبٍ وأيّة أمّةٍ  ليس بالضّرورة أن يشكّل خطراً عليهم,
بل يعتبره البعضُ نوعاً من أنواع ممارسة الدّيمقراطيّة والحريّة الشّعبيّة
والشّخصيّة للشّعوب والمجتمعات, ويعتبره البعض الآخر تنوّعاً ثقافيّاً واجتماعيّاً
ووجدانيّاً لدى هذه الشّعوب والمجتمعات. لذلك من الممكن أن نتقبّل فكرة التّعدّد
“الحزبيّ” أقصد ((الحزبويّ)) في معظمه الذي يعيشه شعبنا الكرديّ في سوريّا منذ
سنواتٍ طويلة, ولكنّ غير المألوف والغريب والعجيب في الأمر أنّ كلّ حزبٍ من أحزاب
وشعوب ومجتمعات العالم يحتفل بعيد ميلاده في اليوم الذي ولد فيه الحزب أو التّنظيم,
أي في اليوم الذي أعلن فيه عن تأسيسه باستثناء أحزاب الحركة الكرديّة في سوريّا
فإنّها تصرّ على الاحتفال بميلادها في يوم واحد وتاريخ واحد هو الرّابع عشر من
حزيران من كلّ عام, 

مع العلم اليقين على أنّهم ليسوا توائم حقيقيّة ولا  توائم كاذبة, وعلى أنّهم ليسوا
أشقاء من أمّ وأب ولا إخوة من أمّ وأب مختلفين, وهم ليسوا حتّى إخوة في الرّضاعة,
ولا تربطهم أيّة روابط حقيقيّة وحميميّة, الأمر الوحيد الذي يتشابهون فيه أنّهم
يتفوّهون بمفرداتٍ مستخرجةٍ من قاموس واحدٍ ووحيد, وعباراتٍ موزونةٍ على الإيقاع
ذاته لدى كلّ حزب.
كلّ حزبٍ يؤكّد على أنّه من مواليد 14 حزيران من عام 1957 أو
5 آب 1965 على اعتبار أنّ هذا التّاريخ الأخير هو الابن الوريث والشّرعيّ للرّابع
عشر من حزيران, والمضحك المبكي أنّ جماهير شعبنا تكون مدعوّة للاحتفال بهذا الميلاد
المجيد في التّاريخ ذاته وفي الشّهر ذاته, ولكنّ مكان الاحتفال يختلف, فماذا  تفعل
هذه الجماهير يا تُرى؟!
طبعاً الاحتفال يشملُ الأحزاب التي تنقسم على نفسها,
وتظلّ متمسّكة باسم الحزب القديم أو يضيفون كلمة على اسم الحزب للتّمييز بينهما, أو
الأحزاب التي تعلن اتحادها وتوحّدها في حزبٍ واحد, وعندما لا يروق لبعضهم الوضع
الجديد يسارعون إلى الانشقاق والانفصال من جديد. 
معلوم أنّ أيّ تنظيم أو حزبٍ
أو تجمّع حين يعلن الاتحاد مع تنظيماتٍ وأحزاب وجمعيات أخرى يكون قد حلّ نفسه,
ويكون قد أزيل من الوجود نهائيّاً, ولكنّ المضحك المبكي أنّ هؤلاء يعودون بنفس
الاسم الذي كانوا عليه, ويغيّرون تاريخ ويوم ميلادهم الجديد, ويعودون إلى ميلادهم
القديم. في الحقيقة لا نعرف إن كان هؤلاء يفعلون ذلك عن قصدٍ وعمد, أم عن جهلٍ
وحمق؟!
يبدو أنّ هذا الدّاء الشّرس قد تسلّلَ إلى أذهان أعضاء الاتحادات
والجمعيّات والتنظيمات الأدبيّة والثّقافيّة والاجتماعيّة والخيريّة التي تدّعي
انتماءها إلى ما يسمّونه “المجتمع المدنيّ” فيولدون في يوم يحتفلون به, وعندما
يتحدون ويتوحّدون يغيّرون تاريخ ويوم ميلادهم, وحين ينفصلون وينشقون يعودون إلى
ميلادهم القديم.
وأخيراً لا نملك إلا نهنّئ كلّ حزبٍ كرديّ في سوريّا ” كبير
وصغير, طويل وقصير, ضخم ونحيف, مفتول العضلات أو هزيل” بهذا الميلاد المجيد
والمشرّف.
كلّ عام ورحم الحركة الكرديّة يزهر بحزبٍ حبيب وعزيز, وبقياديّين
أكفاء, مخلصين, مناضلين, ثائرين في وجه الظّلم والعدوان, ومضحّين بنفسهم ودمهم
وأولادهم ومالهم في سبيل “الشّعب والأمّة والوطن” لدرجةٍ أنّهم يهرّبونهم إلى خارج
الوطن في الأزمات والأحداث والثّورات ليظلّوا سالمين, غانمين نافعين  للمستقبل
الكرديّ القادم.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…