كردستانيات 32- القواعــــد الذهبيــــــة للشخصية الكُرديـَّـــة

 ابراهيم محمود

أنّى وجِد الكرديُّ، يكون الكرديُّ
أولى به في مخاصمته، وتعكير صفوه، وتضييق الخناق عليه، إثباتاً له وللذي يخاصمه
وللعالم من حوله أنه الكردي أباً عن جد، ودون ذلك لا كرامة ولا شهامة
للكردي.
أنى وجَد الكردي نفسه في مكان آمن، على كردي آخر وهو الناطق بلسانه: لغة
ولهجة، وربما من ذات الرحم الذي خرج، والصُّلب الذي ينتسب إليه، أن يؤلّب عليه
المكان، استمراراً لمسيرة الأجداد وهم في توق إلى التنازع، أكثر من توقهم إلى الماء
القراح في صيف قائظ، وإعلاماً لمن حولهم أن الكردي، نعم الكردي خلاف أي كائن حيواني
ناطق على البسيطة.
أنَّى شق الكردي طرق نجاح له، تمهيداً لدخول عالمية منتظَرة وجائزة، على كردي آخر،
من طينته المباشرة، أو يكون كردياً بطبعه، قطع الطريق عليه، إذ لا شيء يستفز الكردي
أكثر من نجاح كردي آخر، بما أن النجاح هنا خرق لإحدى القواعد الذهبية للشخصية
الكردية، أي استثمار القوى النفسية في الأصلح، وهذا ما لم يعهده الآخرون فيها
تاريخياً.
أنّى استغرب الكردي تصرفات كردي آخر وهو يحوّل حرابه إليه، فتلك إشارة
بليغة إلى أنه غير ملمٍّ بالحد الأدنى مما يعرَف به الكردي في علاقته بالكردي، وهذا
يضيء بؤرة التوتر التي تغذّيه ليبقى الغريب عن نفسه وعليها.
ليس هناك جغرافيا
كردية، رغم وجودها، حيث تلتهب الحدود بالكردي- الكردي، فأنّى رسم الكردي لنفسه
حدوداً تمهيداً لبناء عالم يعنيه، ثمة كردي آخر في الجوار، يلغّم كل رقعة فيها
إجمالاً. لا حدود للكردي وهو يغير على كرديه، طالما أن ذلك يلقى سنداً ما من أعدائه
الفعليين، كما لو أن الكردي وجِد وفي نفسه كراهية مضاعفة للحدود التي تميزه
وباسمه.
أنّى أطلق الكردي حمامة ثمة كردي يطلق في إثرها حدأة، أنى فتح الكردي
باباً ثمة كردي يضع على عتبته عقارب قاتلة، أنى فتح كردي ساقية ماء لإرواء شجرة،
ثمة كردي يجهد في ردمها، أنَّى ارتبط كردي بوجه أنثوي جميل، ثمة كردي يستميت في
تأكيد وضاعتها ..
أنى عاش الكردي حلماً جميلاً، يتحرك كردي في الحال لجعله
كابوساً، إذ لا يعيب الكردي هنا أكثر من كونه منشغلاً بنفسه وتوضيب المكان من حوله،
حتى وهو في النوم، فمن غير الجائز إذاً استمرار كرديه الآخر طي حلمه الجميل، كون
ذلك يثير سؤال العالم الذي تعوّد فيه مثل هذا التركيز على كرديه منذ عهود طويلة
.
أنى وجِد كردي وهو في وضع آمن ودون أن يستفزه أحد، فليعلم من لا يعلم أن في
المسألة ” إنَّ..”: إما أنه ليس كردياً حسباً ونسباً، وإما أنه بحسب دون نسب، أو
بنسب دون حسب، أو بحسب ونسب ولكن ثمة ما يخطَّط من الخارج، وهذا يعني أن المسألة
وقتية، كما هي القنبلة الموقوتة .
أنى تهجأ الكردي ” way Xweda “، فليعلم من
يريد أن يعلم من أهل الاختصاص اللغوي، أن ثمة مصيبة كبيرة، لعلَّها كارثة تعرَّض
لها، أو يتعرض لها من كرديه، ولا يعرف كيف يخرج منها لأمر يعني كرديته، وأنى تهجأ
الكردي ” يا الله “، فليعلم من يريد أن يعلم من أهل الاختصاص اللغوي أيضاً، إن ثمة
كارثة أخرى ومخيفة وراء هذه التهجئة، يناجي الكردي ” الله “، وربما ليتبرأ ممن
لسعوه وعضّوه وأوجعوه ألماً وعنفاً من أهل ” Xweda “.
أنى وجِد كردي متحمساً لما
هو جديد، وينشد التاريخ والتنوع، كان هناك من يحاصره بسيل من الشبهات، إذ ما مات
ميتة كردية فعلية من شق طريقاً مختلفاً لنفسه.
أنى علِم بأمر كردي وهو مقهور
ومهدور بأكثر من معنى، فليكن في الحسبان أن ثمة أكثر من كردي، وليس أي كردي طبعاً،
وراءه في المكايدة والمراوغة وتسميم حياته وتعزيز حق الكردي في الكردي إذلالاً
وتلغيماً وتسطيحاً .
أنَّى….!

دهوك

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…