المجلس الوطني الكوردي والمسؤولية التاريخية

قهرمان مرعان آغا
 لا شك أن القضية السورية في مرحلة بلورة النتائج ما قبل النهائية أو ما يسمى بمرحلة الشطب ، ورسم إحداثيات على الأرض تتجاوز جغرافية الدولة ،  بالنسبة لأطراف الصراع كافة .
– الثورة  في سنتها الخامسة وقواها الحية على الأرض وسلسلة الإنتصارات الأخيرة ، فلا مجال يحدد أفق توسعها على مساحة البلاد .
– النظام المجرم ، وعبثية حربه المدمِّرة ، وإنكفائه المحتوم في كانتونه المفترض . 
– حزب {الله} اللبناني واستراتيجيته الطائفية الجديدة الشبيهة لغزوات داعش التوسعيه ، في هجومه الأخير على القلمون وريف دمشق بمحازاة الحدود و الإمتدادالوظيفي الى خارج لبنان   . 
– داعش ، واستراتيجيته العابرة لحدود سايكس بيكو وسيطرته على  كامل محافظة الرمادي باتجاه بغداد، وباتجاه ريف حمص الغربي (تدمر ) ورسم ملامح الدولة المزعومة . 
– روچ آفا ، حيث الكانتونات الثلاث والسلطة المشتركة بين أنصار ب،ك،ك والنظام ، وتحمل مسؤولية إفشال و إنعدام الثقة ، بخصوص اتفاقيات ( هولير ودهوك ) بين المجلس و ت، ف، دم ، على إعتبارها سلطة الأمر الواقع . 
– المعارضة السياسية المتمثلة بالأئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة ، وآفاق مؤتمرالرياض المزمع عقده ، وجهود الأمم المتحدة في إطار الحل السياسي .  
– غرب كوردستان (كوردستان سوريا) ، والمجلس الوطني الكوردي ، ممثلاً عن القضية  القومية للشعب الكوردي ، وآفاق مؤتمره الثالث . وتطورات قضية شعب كوردستان في باقي الأجزاء وخاصة إقليم كوردستان الفيدرالي وتوجُّه قيادته المتمثلة بالسروك مسعود البارزاني في عرض إستقلاله على الإستفتاء وإعلان الدولة المستقلة .
إذاً نحن أمام مرحلة تتسم بالحساسية والحزم في اتخاذ قرارات لها مفاعيلها المباشرة على الأرض ، يتحدد في لزوم تشكيل هيكلية مرنة للمجلس ، يسهل له تجاوز سلبيات الفترات السابقة ، التي اتسمت بالمراوحة والإستكانة ، والفشل التبريري ، لأسباب من جملتها الحفاظ على الإطار الوهمي الجامع لأحزاب الحركة السياسية الكوردية التقليدية ، والتي استندت بالأساس الى جملة من الأخطاء منذ البداية نتج عنها ، الإخفاق التام في توحيد الجسم السياسي للحركة الكوردية ، لإفتقاده الى معايير موضوعية لحقيقة الأحزاب والقوى والشخصيات التي شاركت في المؤتمر الوطني الكوردي الأول في بداية الثورة السورية . لحين الإصطفافات الأخيرة للأحزاب و الشخصيات المستقلة ، التي أنضمت الى الإدارة الذاتية لأنصار ب،ك،ك  .   
الخطأ الاول : هو ، دعوة الاطراف المشبوهة والتي لم تخفي تلك الشبهات عن نفسها لحد الآن ، الى المؤتمر التأسيسي للمجلس الوطني الكوردي في 2011/10/26 ، بدعوى توحيد الطاقات والإجماع ، مما خلق حالة من الإرباك والتعثر في اتخاذ القرارات المصيرية ، بحجج مناصرة الثورة السلمية ؟ فيما كان النظام يمارس إجرامه منذ اليوم الأول بمزيد من القتل والتنكيل ، وكان المبرر للدعوة والشراكة هو الاقتداء بإنتفاضة كوردستان العراق 1991 والتي ساهمت في إنتصاراتها أجواء التسامح  والعفو والمصير المشترك. 
ثانياً : حاول هؤلاء من خلال مداخلاتهم وتنظيراتهم في المؤتمر ، إلى التشكيك في مصطلح الثورة وأبعادها ومراميها ، ولم يفلحوا في البداية. ؟ وعمل هؤلاء وآخرين من الأحزاب( الجماهيرية والنصف جماهيرية) من خلال شخوصهم على رفع درجة  التوجس من مواكبة الحركة الكوردية لشعارات الثورة والتي بلغت في ذلك الحين إسقاط النظام ، بدعوى الخوف من إستهدافهم من قبل الأجهزة الأمنية سواء بالقتل أو الإعتقال ، على إعتبارهم قادة ؟ وتم الإكتفاء بالدعوة لإسقاط مؤسسات النظام ومرتكزاته الأمنية . وعلى إعتبار إننا طلاب حقوق ولسنا طالبي سلطة . 
 وحاول المراوغون ، إضفاء هالة الوطنية المزعومة على أنفسهم بإعتبارهم معارضة دمشق (الداخل) والآخرين ، باقي الأحزاب معارضة استانبول (الخارج) للإيحاء بأن النظام يراقب أجواء المؤتمر ، وهو قابع في مواخير مربعه الأمني في قامشلو ، وأصبح الحرص على بقاء سلمية الثورة في المناطق الكوردية ، متلازماً لعلة حرمة رفع السلاح في وجه النظام أكثر منها لحماية المناطق والسكان ، واصتدمت تلك الإدعاءات بتحالفهم  مؤخراً مع  الطرف المسلح في المناطق الكوردية بمشاركة النظام .، مما حدا بها لإتخاذ مواقف مزدوجة ، أفضت بالأخير الى إصطفافها الى جانب انصار ب،ك،ك ، وهكذا عادوا الى الخيمة الجامعة لمؤيدي ومناصري النظام ، بدعوى موجبات الأمر الواقع ، والمصلحة الآنية ، وحماية (المكتسبات) .؟
ثانياً: كان وجود بعض الاحزاب في المجلس الكوردي ، بمثابة إنقاذ وطوق نجاة  لها من التلاشي لأسباب كثيرة ، سمعة البعض والشبهات التي رافقت مسيرتهم الشخصية ، والإفتقار الى الهيكل التنظيمي ، ناهيك عن الإفلاس المعنوي والعَوز المادي ، وكان ذلك بادياً في اللجان التحضيرية و عند تشكيل مجالس المدن والأرياف للمجلس . 
القرار المستقل ، خارج مؤثرات صراع الاطراف الكوردستانية والتي يتزعمها فصيلان كورديان وفق مرجعيتهما التاريخية ، لم تلقى النور لاسباب كثيرة منها التجاذبات السياسية ، في اقليم كوردستان الفيدرالي، والروح الكيدية ، والتنافس السلبي ، أفرغت جهود الحريصين على وحدة الموقف وأهدرت الكثير من الوقت . 
بعض القيادات الحالية في الأحزاب ، ساهمت ، بغباء وبدون وعي على زعزعة الثقة بين الجماهير وخاصة أثناء عمل اللجان التحضيرية لإنتخاب المستقلين من كافة الفئات ، بالتكتل وإعتماد معيارالتصويت الأعمى ، وفقاً للولاءات والتي ساهمت بالمحصلة في تباطئ عمل المجلس ، لإفتقاده الى سويات ثقافية وسياسية وإعتبارات إجتماعية .
 التفرد في الحوار والتفاوض مع أنصار ب،ك،ك أو الدخول معهم في نشاطات من قبل البعض الآخر خلال مسيرة المجلس ، دون الاجماع العام ، دفع بالطرف الآخر الى مزيد من التعنت والاستخفاف بتلك القوى وبالتالي بالمجلس .
أغفل القائمون على الاتفاقات ( هولير ودهوك)  الموقف من النظام الأسدي البعثي المجرم ، دون مراعاة مدى الإرتباط البنيوي بين الطرف الآخر والمحور الذي يمثله في الصراع الدائر على مستوى سوريا وكأن الأمر يخص المناطق الكوردية ، خارج تأثيرات الثورة وصراعها الدامي مع النظام و إرتدادات القوى الأخرى الشوفينية والإرهابية ، مثل داعش وحواضنها القبلية ، في معادلة العلاقة الجغرافية و التغاضي عن آلاعيب النظام في هذا المجال  .  
نأمل ان يخرج المجلس الوطني الكوردي ( الكوردستاني) في مؤتمره الثالث بموجبات عمل لمشروعه السياسي المتمثل في سوريا إتحادية ، فيدرالية ، يحقق للشعب الكوردي حقوقه القومية وفق تمايزه الثقافي على أرضه التاريخية ، كما نأمل من القوى الكوردستانية الفاعلة على دفع الأطراف في هذا الجزء الكوردستاني ،على الإتفاق لما فيه مصلحة قضيتنا القومية الكبرى .
  في 22/5/2015 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف باتت تطفو على السطح، في عالم يسوده الالتباس والخلط بين المفاهيم، مصطلحات تُستخدم بمرونة زائفة، ومن بينها تجليات “الشعبوية” أو انعكاساتها وتأثيراتها، التي تحولت إلى أداة خطابية تُمارَس بها السلطة على العقول، لا لتوجيهها نحو النهوض، بل لاستغلالها في تكريس رؤى سطحية قد تقود إلى عواقب وخيمة. لاسيما في السياق الكردي، حيث الوطن المجزأ بين: سوريا، العراق، إيران،…

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…