عشرة ملاحظات لناشطي مهاباد

 صلاح بدرالدين
 استنادا الى دروس
تجربتنا نحن كرد سوريا منذ اندلاع الثورة السورية التي دخلت عامها الخامس ومن منطلق
الحرص على الأشقاء في كردستان ايران (الشرقية) وقضيتهم المشروعة ومن أجل الخروج
بأقل الخسائر في معركتهم الدفاعية أمام جلاديهم وتحقيق في مايصبون اليها من أهداف
ومطالب محقة نضع أمام ناظريهم الملاحظات التالية : 
 الأولى – النسبة العددية
لكرد ايران من المجموع العام تتشابه مع مثيلهم الكرد السوريين وهم يعانون مثلهم
الحرمان والاضطهاد القومي والتميز المذهبي ولديهم أيضا تاريخ طويل من النضال
التحرري إضافة الى محطات مضيئة مؤثرة مثل قيام أول جمهورية ديموقراطية كردستانية في
العصر الحديث دامت قرابة العام . 
 الثانية – حصلت هبة شعبية دفاعية في مدينة قامشلو عام 2004 وهي توازي أهمية مدينة
مهاباد من حيث الرمزية والوعي والنشاط وكان السبب المباشر حادثة جرت في احدى
الملاعب الرياضية تماما مثل حادث انتحار الشهيدة خسرواني ولكن الحدثين لم يكونا الا
مظهرا من واقع أعمق وقضايا أوسع تهم حاضر ومستقبل الكرد ومعاناتهم في ظل
الدكتاتورية والاستبداد وكل المصير الوطني وكان المأمول والمتوقع انتقال تلك الهبة
من طابعها المحلي الكردي الى الفضاء الوطني السوري العام لتتحول الى انتفاضة وطنية
وثورة جامعة لاسقاط النظام واجراء التغيير الديموقراطي .
 الثالثة – ماحصل أن
الأحزاب الكردية السورية التقليدية ببرامجها ومواقفها وقياداتها المترهلة عجزت عن
مواكبة الحالة واستيعابها وتطويرها بل تحولت الى عائق أمام توسعها ومدها بالزخم
والرعاية ووقفت قياداتها الى جانب أجهزة النظام في مواجهتها باسم السلم ودرء الفتنة
رغم قيام السلطات بفتح النار على المتظاهرين المسالمين من شباب وناشطي القامشلي
واستشهاد العشرات منهم حتى بلغ الصفاقة ببعض تلك القيادات الى وصف تلك الهبة
الدفاعية كمشروع للتحول الى انتفاضة ” بأعمال الشغب ” ” وخلافات بين فريقين لكرة
القدم ” تماما مثل توصيفات السلطة الحاكمة .
 الرابعة – لم تكن الظروف الذاتية
والموضوعية مهيأة لاستجابة الشركاء في الحركة الوطنية السورية عموما لنداء الكرد
بالتضامن معهم والتحرك كل من موقعه ومناطقه حتى تتحق الانتفاضة الوطنية الشاملة
بالعكس من ذلك وخلافا لكل التوقعات هرعت جماعات حزبية – يسارية – سورية وأفرادا
محسوبين على النظام الى مدينة القامشلي المقاومة باسم التوسط والصلح بين الأهالي
وسلطة النظام المستبد القاتل ومن ثم خسر السورييون فرصة مناسبة للانتفاض ضد نظام
القهر والسعي لتحقيق التغيير الديموقراطي .
 الخامسة – حتى الآن نحن بصدد مقارنة
حدث حصل بالقامشلي قبل أكثر من عشر سنوات مع مايجري الآن بمهاباد ولكن علينا الآن
التسليم بتوفر عامل إيجابي جديد وهو أن هبة مهاباد تتزامن مع ثورات الربيع التي يقف
نظام ايران في موقع المضاد منها بأكثر من بلد وخاصة في سوريا حيث نحن كرد سوريا من
ضمنها وجزء منها منذ نحو خمسة أعوام كما ذكرنا ولدينا من الدروس والخبرة والعبر
مانستطيع افادة الأشقاء .
 السادسة – في مقدمة تلك الدروس ضرورة تكاتف الشباب
بكل أطيافهم وتنظيم صفوفهم وبناء تنسيقياتهم واختيار قيادات ميدانية كفوءة وواعية
والاستفادة من كل الطاقات بمافيها أنصار الأحزاب التقليدية والحذر كل الحذر من
هيمنة وسيطرة قيادات تلك الأحزاب التي هجرت الوطن منذ عقود وتعيش حياة الغربة
والضياع والبعد عن الحدث إضافة الى تعرضها الى الاختراقات من جانب أجهزة نظام طهران
والجوار وهي تحمل الكثير من الأمراض السياسية من الخطورة بمكان نقلها الى أوساط
الشباب .
 السابعة – التواصل مع نشطاء الشباب لدى شعوب ايران الأخرى والتنسيق
معهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي وخلافها والتعاون وصولا الى إقامة لجان مشتركة
وقيادة عليا للتخطيط سوية في توزيع المهام واملاء الفراغ والدفع باتجاه انتفاضة
ثورية سلمية شاملة في عموم ايران وخاصة العاصمة طهران وجامعاتها وعواصم ومراكز
الأقاليم الأخرى .
 الثامنة – اتخاذ الحيطة والحذر من اندساس الشبيحة والمخبرين
في صفوف المحتجين وبشكل خاص من محاولات تغلغل جماعات – ب ك ك – تحت أسماء ومسميات
وشعارات مختلفة وبراقة بغية حرف النشاطات عن مسارها وتنفيذ أجندة النظام في الساحة
الكردية كما حصل في الساحة الكردية السورية وكذلك منع أية مداخلات من جانب أحزاب
كردستان العراق وخاصة منها القريبة من أوساط فيلق القدس  باسم التوسط أو تحت غطاء
تقديم المساعدة العسكرية أو خلافها .
 التاسعة – بناء علاقات الصداقة والتعاون
مع القوى الشبابية والفاعلة الديموقراطية في البلدان التي اندلعت فيها الانتفاضات
الثورية بغية الاستفادة من تجارب البعض الآخر .
 العاشرة – اذا لم تتوفر الشروط
والعوامل الإيجابية المؤاتية خاصة منها الذاتية والموضوعية والداخلية لامكانية
استمرار الهبة الدفاعية الكردية والتحول الى انتفاضة وطنية إيرانية شاملة فمن
الأفضل والأجدى لنشطاء مهاباد وغيرها من مدن كردستان الخروج جماعيا بقرار شجاع
ومسؤول بوقف الاحتجاجات الى وقت آخر واعتبار ماتم حتى الآن بمثابة – بروفة – مصغرة
لانتفاضة قادمة .
 رغم السكوت المريب لوسائل الاعلام الكردية الحزبية والعربية
الرسمية وصمت عواصم الغرب فان شباب مهاباد كسروا حاجز الخوف وقالوا بصوت مدو واحد
لالنظام طهران التيوقراطي المذهبي العنصري .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لقد كان حلم السوريين أن يتوقف نهر الدم الذي فاض وارتفع عداده ومستواه، تدريجياً، طيلة العقود الأخيرة، أن يُفتح باب السجون لا ليُستبدل معتقل بآخر، بل ليُبيّض كل مظلوم مكانه، أن يتحول الوطن من ساحة للبطش إلى حضن للكرامة. لقد كان الأمل كبيراً في أن تؤول الأمور إلى دولة ديمقراطية، تُبنى على قواعد العدالة والحرية والكرامة، لكن هذا…

صالح جانكو حينما يتوهم القائمون على سلطة الأمر الواقع المؤقتة بأنهم قد شكلوا دولة من خلال هذه الهيكلية الكرتونية، بل الكاريكاتورية المضحكة المبكية المتمثلة في تلك الحكومة التي تم تفصيلها وفقاً لرغبة وتوجهات ( رئيس الدولة المؤقت للمرحلة الانتقالية)وعلى مقاسه والذي احتكر كل المناصب والسلطات و الوزارات السيادية لنفسه ولجماعته من هيئة تحرير الشام ، أما باقي الوزارات تم تسليمها…

خالد جميل محمد جسّدت مؤسسة البارزاني الخيرية تلك القاعدة التي تنصّ على أن العمل هو ما يَمنحُ الأقوالَ قيمتَها لا العكس؛ فقد أثبتت للكُرد وغير الكُرد أنها خيرُ حضن للمحتاجين إلى المساعدات والمعونات والرعاية المادية والمعنوية، ومن ذلك أنها كانت في مقدمة الجهات التي استقبلَت كُرْدَ رۆژاڤایێ کُردستان (كُردستان سوريا)، فعلاً وقولاً، وقدّمت لهم الكثير مما كانوا يحتاجونه في أحلك…

ريزان شيخموس بعد سقوط نظام بشار الأسد، تدخل سوريا فصلًا جديدًا من تاريخها المعاصر، عنوانه الانتقال نحو دولة عادلة تتّسع لكلّ مكوّناتها، وتؤسّس لعقد اجتماعي جديد يعكس تطلعات السوريين وآلامهم وتضحياتهم. ومع تشكيل إدارة انتقالية، يُفتح الباب أمام كتابة دستور يُعبّر عن التعدد القومي والديني والثقافي في سوريا، ويضمن مشاركة الجميع في صياغة مستقبل البلاد، لا كضيوف على مائدة الوطن،…