هذا هو الرد على إيران!

صالح القلاب

إذا اراد العرب أن “يكتفوا شر” إيران ويضعوا حداً لتمددها
في المنطقة العربية، فإن عليهم أن يشغلوها بوضعها الداخلي، وأن يفجروا العديد من
أزماتها الداخلية، وهذا يقتضي أن يساعدوا أشقاءهم الأكراد في كردستان العراق على
إقامة دولتهم المستقلة التي ستكون إقامتها حافزاً للأكراد الإيرانيين للاقتداء بهم
والسعي الجدي إلى حصولهم هم أيضاً على حقهم في تقرير مصيرهم ولو تطلب هذا الكفاح
المسلح إذا لم يُجدِ العمل السياسي والوسائل السلمية.
تشير بعض التأكيدات إلى أن
عدد أكراد إيران يتجاوز ثمانية ملايين نسمة يتركزون أساساً في شمالي غرب الدولة
الإيرانية، وأنهم يشكلون المكوِّن الثالث بعد الفرس والتركمان الأذاريين، وبعدهم
فإن هناك العرب والبلوش و”اللُّر” و”البختيار” و”الشيعة الفيْليين”، ثم بعد هؤلاء
جميعاً هناك سلسلة من المجموعات المذهبية والدينية والإثنية التي تقول بعض
التقديرات إن عددها يتجاوز ثمانين مكوناً والتي من السهولة تحويلها إلى ألغام
متفجرة.
إن العرب بالأساس لا يريدون إلا الخير والاستقرار والهدوء لإيران ولشعبها الذي هو
عبارة عن لوحة “فسيفسائية” متعددة الأحجام والأشكال، لكن ما العمل يا ترى عندما
يستهدف القادة الإيرانيون، وبخاصّةٍ بعد انتصار الثورة الخمينية في عام 1979، الأمة
العربية على هذا النحو وعندما يواصلون سعيهم الدؤوب لتحويل العرب الشيعة إلى جاليات
إيرانية وإلى جيوب تعادي هذه الأمة، وهذا هو واقع الحال الآن في العراق وسورية
ولبنان.
ربما لا يعرف البعض أن مدينة “مهاباد” التي تفجرت فيها ثورة الدفاع عن
الشرف الأخيرة كانت قد شهدت  في عام 1946 قيام أول كيان سياسي كردي تحت اسم
“جمهورية مهاباد المستقلة” التي احتل فيها الملّا مصطفى البارزاني، والد الزعيم
ورئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني، منصب وزير الدفاع، لكن وللاسف فإن
المعادلة الدولية قد أطبقت على تلك المحاولة الاستقلالية المبكرة، وانتهت بها إلى
تلك النهاية المأساوية التي سيبقى التاريخ يتحدث عنها حتى يوم القيامة.
الكل
يعرف أن شعوب وأمم هذه المنطقة، العرب والأتراك والإيرانيين على وجه التحديد، قد
أقاموا  أو أقيمت لهم دولهم وكياناتهم السياسية المستقلة، وإنْ شكلياً بالنسبة
لبعضها، بعد الحرب العالمية الأولى وبعد انهيار الإمبراطورية العثمانية إلّا الشعب
الكردي والأمة الكردية، فإن هؤلاء قد حُرِّم عليهم ما حُلِّل لغيرهم، وتم تمزيق
وطنهم القوي وإلحاقه أجزاءً بعدد من دول المنطقة، وها قد مرَّ نحو قرن كامل وهم
محرومون من حق أقرته كل الشرائع الكونية.
وحقيقة وبعيداً عن النزق القومي
“الشوفيني” البائس، فإنه كان على العرب رغم ما كابدوه من ويلات  ومازالوا أن يقفوا
إلى جانب أشقائهم الأكراد، وأن يساندوهم في كل الدول التي يوجدون فيها على نيل
استقلالهم وعلى توحيد شعوبهم ووحدة أمتهم الكردية، هذه الأمة الحية التي لن تكون
رغم أخطاء الماضي ورغم كل ما حصل إلا أمة رديفةً وشقيقة للأمة
العربية.
الجريدة:
 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…