إن الشعوب في الشرق الأوسط عانت وما تزال تعاني من الظلم
والاضطهاد والقهر والحرمان من قبل الأنظمة الدكتاتورية الفاسدة التي تحول دولتهم إلى
مزرعة خاصة لهم وكل ما موجود داخل مزرعتهم فهي أملاكهم الخاصة بهم ينفذون بما
يشاؤون ويتصرفون بما يرتاحون .. لكن شعوب المنطقة وصلت إلى الطريق المسدود نتيجة ممارسات
وتصرفات الأنظمة الاستبدادية القمعية والرجعية وكبت الحريات العامة وممارسة جميع
أنواع القتل والتهجير والتشريد والإبادة الجماعية إلى أن وصلت إلى الأعمال الدنيئة
والاغتصاب بحق الشرفاء من أبناء هذا الشعب البريء .. لكن الشعب الكوردي حصد الحصة الأكبر
من هذا الاضطهاد والظلم بسبب اتفاقية سايكس بيكو المشؤومة التي قسمت وطنهم بين
الأنظمة الدكتاتورية ومارسوا كافة انواع التعذيب والتشريد والتهجير بحق أبناء
شعبنا الكوردي في كافة الأجزاء من كوردستان بالرغم كانت هناك محاولات الكورد من
خلال الثورات التحررية الكوردية لكن باءت بالفشل نتيجة الظروف الدولية والأنظمة
القمعية لإخماد هذه الثورات الكوردية التحررية
والميدانية بحق النشطاء والسياسيين الكورد بالإضافة كان هناك أصحاب النفوس الضعيفة
من أبناء شعبنا الكوردي دائماً لمساعدة أعداء قضيتهم العادلة ضد أبناء شعبهم لإرضاء
الأنظمة الغاصبة لأرض كوردستان وفي العصر الحديث هناك الأمثلة الكثيرة في هذا
الاتجاه ففي جنوب كوردستان مارس النظام المجرم العفلقي بقيادة المجرم صدام حسين
واستخدامه للأسلحة الكيماوية المحرمة دولياً بحق المدينة الكوردستانية حلبجة ودمرت
كاملة وراح ضحيتها خمسة آلاف من الكورد من النساء والأطفال والشيوخ .. وفي شمال
كوردستان أنطلقت الثورات التحررية ونتائجها باءت بالفشل وإعدام قادتهم كثورة الشيخ
سعيد بيران وغيرها وفي المرحلة الأخيرة انطلقت ثورة العمال الكردستاني لكن في
النتيجة خرجت عن مسارها الصحيح وخدمت الأنظمة الغاصبة لكوردستان بشكل واضح ليس هذا
فقط فحسب بل وقفت في وجه تطلعات أبناء شعبنا الكوردي ومن نتيجة تصرفاتهم تم افراغ
ثلاثة ألاف قرية كوردية في شمال كوردستان واللعب بعواطف أبناء شعبنا باسم القومية
وتوحيد وتحرير كوردستان وفي النتيجة سقط شعارهم الكوردستانية إلى شعار تدمير القضية
الكوردية وآخر ثمار من نتائج ثورة العمالي التركي إفراغ مناطق غرب كوردستان من
السكان لمصلحة النظام السوري الذي حاول منذ أكثر من أربعين سنة لكن هم أفرغوا غرب
كوردستان من خلال أقل من ثلاثة سنوات بالإضافة تدمير وتخريب وتهجير وتشريد كامل
منطقة كوباني وتحويل مركز المدينة إلى متحف دولي والهدف إفراغ هذه المنطقة وممارسة
هذه السياسة الفاشلة في منطقتي الجزيرة وعفرين وأكثر قادة الثورة العمالي التركي
يرفضون استقلال الكورد وأي دولة كوردية وفي الأخير يرفضون الاعتصامات التضامنية مع
انتفاضة مهاباد في شرق كوردستان في المناطق الكوردية في غرب كوردستان تحت حجج واهية
…
تواجه على الصعيد الداخلي اسوأ أزمة اقتصادية في عهد النظام الملالي بسبب العقوبات
الدولية المفروضة عليها على خلفية ملفها النووي إلى جانب التدهور الكبير في أسعار
النفط العالمي ادت بشكل كبير الى تقليص حجم مواردها المالية وانكماش اقتصادها فضلا
عن الاستنزاف المريع لمواردها بسبب حروبها المذهبية خارج الحدود الامر الذي ينمي
استياء حادا واحتقانا كبيرا على المستوى الشعبي مضافا الى كل ذلك غياب الحريات
العامة واستمرار في القمع التي تستخدمها في ضبط الأوضاع الداخلية كما تواجه على
الصعيد الدولي والاقليمي ضغوطات غير مسبوقة بسبب ملفها النووي وسعيها المحموم
للتمدد في المنطقة وتدخلها السافر في شؤون دولها.. كل هذه المناخات ينبغي استمرار
الانتفاضة في شرق كوردستان لكن لم أرى أي مؤشر في استمرارتها ..
المعروف أن النظام الملالي في إيران منبع الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط ومحاولة
سيطرة على عدة الدول ومنها سوريا ولبنان واليمن والعراق بالإضافة أن هذا النظام
القمعي الرجعي معروفاً أنه النظام الدموي وخاصة يملك السلاح النووي ليس من السهل
إنهاء دوره في المنطقة أو إسقاط سلطته في إيران وخاصة أن هذا النظام يخدم مصالح
الغرب والدولة العبرية في منطقة الشرق الأوسط .. إذاً من الصعب تفكيك بنية هذا
النظام بين ليلة وضحاها لأن ما يزال النظام السوري باقي على صدر السلطة بالرغم خلال
أربعة سنوات من عمر الثورة وتدمير كافة مناحي الحياة في سوريا وما يزال في استمرار
المعركة لأن هناك بعض الدول الغربية تدعم هذه الانظمة القمعية في المنطقة ..
انتفاضة مهاباد جاءت في الزمان والمكان غير المناسبين كي تستمر حتى اسقاط النظام
الملالي في إيران لأن حتى هذه اللحظة الواقعة السياسية تؤكد أن هذه الانتفاضة تفرز
نفس مسار بداية الثورة السورية .. والكورد في أجزاء كوردستان الأخرى وفي المنفى
يترقبون الظروف التي بدأت هذه الانتفاضة بالرغم أنها شملت كافة المدن الكوردية في
شرق كوردستان إلى أن وصلت إلى عاصمة طهران والجماهير الكورد الغاضبة والتي انطلقت
شرارتها في يوم الرابع من أيار نتيجة تعرض فتاة كوردية حرة تدعى فريناز خسرواني
البالغة من العمر 26 عاماً في فندق تارا بوسط مدينة مهاباد الكوردستانية لعملية
اغتصاب من قبل الرجل الاستخباراتي في النظام الملالي وعلى أثرها أقدمت الفتاة إلى
الانتحار ورمت نفسها من أحد الطوابق العليا من الفندق .
تعاطفاً كوردياً في غرب كوردستان واضحاً مقارنةً مع الكورد في بقية الأجزاء
الكوردستانية الأخرى، حيث يتخوف غالبيتهم من تكرار قمع الاحتجاجات الكوردية هذه قبل
انتقالها إلى المدن الكوردية الأخرى في شرق كوردستان و إيران، على غرار ما فعلته
قوات النظام السوري أثناء انتفاضة الثاني عشر من آذار الكوردية عام 2004 في غرب
كوردستان ، حيث برزت أصوات كوردية سورية متتابعة من الكُتّاب والصحافيين
والإعلاميين، تطالب بالوقوف إلى جانب أخوتهم الكورد ضد ممارسات النظام الملالي
الرجعي في إيران بحقهم ..
لم تتضح مواقفهم فهي تتأخر دائماً في اتخاذ مثل هذه القرارات أو التعاطي مع الظروف
والواقع ، في حين بات واضحاً أن الشعب الكوردي، ينتظر منها موقفاً صارماً بالوقوف
معه، في الوقت الذي يبقى فيه الشارع الكوردي، شارعاً شعبياً قومياً وحيداً وموحّداً
دون مظلةٍ سياسية، ومطالباً بحقوقه المغتصبة في أكثر من دولة منذ اتفاقية ” سايكس
بيكو ” التي قسمت كوردستان ، فالشعب عادة يخرج في تظاهرات غاضبة، لن يوقفه بيانٌ
حزبي، أو آلة عسكرية ، ففي غرب كوردستان في عام 2004 عمت التظاهرات المناطق
الكوردية ووصلت إلى العاصمة دمشق دون أن تساندهم الأحزاب السياسية على العكس وقفت
هذه التظيمات مع النظام السوري لوقف الجماهير الغاضبة وفي النتيجة فشلت انتفاضة غرب
كوردستان وعلى أثرها اعتقل المئات من الشباب الكورد واستشهد العشرات .. أما في
انتفاضة مهاباد وما زالت مستمرة وشملت كافة المدن في شرق كوردستان ولا تظهر ملامح
هذه الانتفاضة حتى هذه اللحظة لكن حسب ما نلاحظ سلكت نفس المسار لانتفاضة غرب
كوردستان ولربما يفتح المجال أمام التنظيمات السياسية الكوردية واللعب على حساب
الشعب الكوردي في شرق كوردستان لمصلحة النظام الملالي .. لكن حسب الواقعة السياسية
أن هذه الانتفاضة ليست من أجل تعرض الفتاة لعملية الاغتصاب والانتحار لأن هناك
إعدامات صورية شبه يومية ولم يحصل مثل هذه الانتفاضة بل هناك قوة أخرى في خلفية هذه
الانتفاصة لمصلحة الغرب على حساب الكورد في هذا الجزء من كوردستان لأن من خلال
التاريخ أن الكورد دائماً وقود للمحرقة ..
بصورة ضعيفة وخجولة وتراقب الوضع بشكل المتفرج من بعيد ولا تحمل المسؤولية
التاريخية على عاتقهم لذلك لا اعتقد أن تستمر الانتفاضة بالشكل المطلوب لأن هناك
الأطراف السياسية الكوردية المدعومة من الأنظمة الغاصبة لأرض كوردستان ستستلم
الموضوع من أساسه كما حصل في غرب كوردستان وستفشل الانتفاضة .. والآن الشعب الكوردي
في شرق كوردستان أمام خيارين : إما يقبل القتل والتهجير والتدمير أو انتهاء
الانتفاضة بشكل كما يريد النظام الملالي الدموي في إيران .. وربما تنجح الانتفاضة
بحالة واحدة الدعم الغربي كما حصل في العراق في عام 2003 واسقاط النظام المجرم صدام
حسين ودعم إقليم جنوب كوردستان … إذاً في هذا التوقيت بالذات لم أرى أي استمرارية
في هذه الانتفاضة لأن هناك بعض الملفات الأخرى تشغل المجتمع الدولي لذلك أرى بان
هذه أول خطوة لتحرك العمق الإيراني كي يمهد الطريق في المرحلة المقبلة …
5 / 2015