ابراهيم محمود
أمضيت فترة طويلة من الزمن نسبياً في
الولايات المتحدة الأميركية، وأنا أتنقل بين ولاية وأخرى، وتعاقدت مع صحف رئيسة،
ملتزماً بتقديم المقالات في الوقت المناسب، فالالتزام بالوقت قانون أخلاقي
واجتماعي هناك. في مقالاتي لم أستثن رئيساً أميركياً، إلا وانتقدته من جونسون
ونيكسون إلى ريغان وكلينتون فبوش..الخ، نُشِرت المقالات دون أي حذف، وتميزت
بالحدة، لكنها راعت أصول النقد..سمعتُ مقتطفات مما نشرتُ في وسائل الإعلام
الأميركية، وهي محل تقريظ، وكوفئت عليها من خلال توضيحات واستفسارات.
لم أشأ الإقامة طويلاً في امبراطورية ” العم سام “، فقادتني خطاي إلى المملكة التي
لم تغب عنها الشمس ذات يوم: بريطانيا طبعاً . الضباب اللندني أعاقني عن التفكير كما
أريد بداية، لكنه في الوقت نفسه ألهمني بأشياء أخرى غير متوقعة، وأنا أظهر حركات
عفوية وقد شوهدت من قبل بعض الانكليز الذين لا يغفلون عن أي حركة من حولهم، فاهتموا
بأمري، ووجدتني محل تقدير، ومن ثم رحّب بي، وهم ينتظرون المزيد من الحركات الجسمية
ذات العلاقة المباشرة بالتمثيل، ولعل هذا الحافز منحني ثقة خاصة بنفسي بالتأكيد، إذ
الانكليز يهمهم العمل، والعمل أصناف وإبداعات، ولا يهم من يكون المرء في الحالة
هذه، واندهشت أنا بالذات مما طرأ على وضعي من تغير، إذ إنني خلال زمن قصير جداً،
أصبحت نجماً، ومنِحت أدواراً في أفلام لم تخطر على بالي ولا في الحلم، ودُعيت إلى
مهرجانات وحفلات خاصة، وأجريت معي مقابلات للتعرف إلي أكثر فأكثر، واغتنيت.
لم تغب عنها الشمس ذات يوم: بريطانيا طبعاً . الضباب اللندني أعاقني عن التفكير كما
أريد بداية، لكنه في الوقت نفسه ألهمني بأشياء أخرى غير متوقعة، وأنا أظهر حركات
عفوية وقد شوهدت من قبل بعض الانكليز الذين لا يغفلون عن أي حركة من حولهم، فاهتموا
بأمري، ووجدتني محل تقدير، ومن ثم رحّب بي، وهم ينتظرون المزيد من الحركات الجسمية
ذات العلاقة المباشرة بالتمثيل، ولعل هذا الحافز منحني ثقة خاصة بنفسي بالتأكيد، إذ
الانكليز يهمهم العمل، والعمل أصناف وإبداعات، ولا يهم من يكون المرء في الحالة
هذه، واندهشت أنا بالذات مما طرأ على وضعي من تغير، إذ إنني خلال زمن قصير جداً،
أصبحت نجماً، ومنِحت أدواراً في أفلام لم تخطر على بالي ولا في الحلم، ودُعيت إلى
مهرجانات وحفلات خاصة، وأجريت معي مقابلات للتعرف إلي أكثر فأكثر، واغتنيت.
ولا
بد أن رغبتي في التغيير دفعتني إلى الخروج من انكلترا ذاتها، ووجدتني في ماليزيا،
حيث العوالم الغريبة فيها، وخلال فترة قصيرة من الزمن، تمكنت من التكيف مع الجو
الماليزي، واندمجت مع العمل الذي اخترته، وقبِلت دون تردد، حيث لم أسأَل من أكون
وما هو ديني واتجاهي السياسي، وبقيت مواظباً على عملي محافظاً على نظام العمل، حيث
كانت المكافآت تأتيتي بشكل متفاوت على قدر عطائي أكثر من المواطن الماليزي نفسه في
بعض الحالات والأحيان. نعم، المواطنة الماليزية هي كأي مواطنة، من خلال الحفاظ على
الأمن، ولكن الإخلاص في العمل هو جوهر المواطنة، ولكم كبُرت في عيني هذه الـ”
ماليزيا “، بأهلها وأديانها، وقدرتها على خلق هذا التناغم بين الماليزي والآخر
والاشتراك في بناء الوطن معاً .
بد أن رغبتي في التغيير دفعتني إلى الخروج من انكلترا ذاتها، ووجدتني في ماليزيا،
حيث العوالم الغريبة فيها، وخلال فترة قصيرة من الزمن، تمكنت من التكيف مع الجو
الماليزي، واندمجت مع العمل الذي اخترته، وقبِلت دون تردد، حيث لم أسأَل من أكون
وما هو ديني واتجاهي السياسي، وبقيت مواظباً على عملي محافظاً على نظام العمل، حيث
كانت المكافآت تأتيتي بشكل متفاوت على قدر عطائي أكثر من المواطن الماليزي نفسه في
بعض الحالات والأحيان. نعم، المواطنة الماليزية هي كأي مواطنة، من خلال الحفاظ على
الأمن، ولكن الإخلاص في العمل هو جوهر المواطنة، ولكم كبُرت في عيني هذه الـ”
ماليزيا “، بأهلها وأديانها، وقدرتها على خلق هذا التناغم بين الماليزي والآخر
والاشتراك في بناء الوطن معاً .
شارفت على الستين من عمري، وأنا أحاول أن أكون
كردياً، كما هي الكردية باعتبارها الإخلاص في العمل ووحدة الشعور بالكردية عموماً،
فلم أفلح. لا أدري أي كردي أنا الآن: عملت لبعض الوقت من خلال حزب ” اليد
الضاربة ” مؤكداً أن الكردية الصحيحة هي من خلال هذا الحزب، لكنني بعد
سنوات، وجدتني في حزب ” ركلة جزاء “، وأنا أظهر في مقالات أن
التاريخ ليس أكثر من ركلة جزاء تأتي بهدف منتظَر، وأن السر في أي تقدم هو من خلال
النجاح والفلاح في ” ركلة جزاء “، ولا بد أن المنتمي إلى هذا الحزب وحده من يعرف
حقيقة الكردية، ومن ثم انتقلت إلى حزب ” هز البطن ” وفي الحال
نشرت الكثير من المقالات مبيّناً دور البطن في قيادة الجسم، وماذا يعني البطن في
تاريخ المجتمعات، وأنه إذا كانت صحة البطن تساوي سوية الجسم والعقل، فإن مجرد
الانتساب إلى حزبه يعني المعرفة الفعلية للكردية، ولأنني محب للتغيير، على الطريقة
الكردية، سرعان ما انتميت إلى حزب ” الأذن المرنة “، حيث لم أبخل
منذ لحظة انتسابي الأولى بنشر مقالات كثيرة عن دور الأذن في حياة الإنسان، إذ
الإنسان حقيقة أذنية، وأنا أشدد على مقولة باتت مثلاً: قل كيف تسمع أقل لك من أنت !
والتاريخ نفسه كان وما زال ذا خاصية أذنية، إذ على قدر ما نركز على ما يقوله
الآخرون نزداد غنى، وزاد الاهتمام بي، كما لو أنني لم أكن منتسباً إلى أحزاب أخرى،
لكنني رضيت بعد حين، وجرّاء مساومات أن أنتسب بعد ذلك إلى حزب ” الوجه
المكشوف “، مؤمناً بدقة الاسم وفطنة مؤسسه ومن ابتكره، فالانسان هنا حقيقة
وجهية، كما اتضح لي أخيراً، وما كان لأحدهم أن يكون وجيهاً، وفي الواجهة، إلا لأن
الوجه يتقدم الجسم، وهكذا أثبتُّ موقعي، سوى أنني تعرضت للوجوه التي لم تظهر كما
هي، أي تلك الأقنعة التي تغطيها كردياً، فالمهم في الإنسان هو أن يكون خارج القناع
يَرى ويُرى. وربما كان تركيزي في المحطة الأخيرة- حتى الآن – من قائمة تحولاتي
التكتلية وغيرها، هو الذي أثار سخط الجميع، لأن مجرد الحديث عن الوجه والقناع يثير
حفيظة الأغلبية، ووجدتني بغيضاً، منبوذاً، غير مرحَّب بي أينما حللت .
كردياً، كما هي الكردية باعتبارها الإخلاص في العمل ووحدة الشعور بالكردية عموماً،
فلم أفلح. لا أدري أي كردي أنا الآن: عملت لبعض الوقت من خلال حزب ” اليد
الضاربة ” مؤكداً أن الكردية الصحيحة هي من خلال هذا الحزب، لكنني بعد
سنوات، وجدتني في حزب ” ركلة جزاء “، وأنا أظهر في مقالات أن
التاريخ ليس أكثر من ركلة جزاء تأتي بهدف منتظَر، وأن السر في أي تقدم هو من خلال
النجاح والفلاح في ” ركلة جزاء “، ولا بد أن المنتمي إلى هذا الحزب وحده من يعرف
حقيقة الكردية، ومن ثم انتقلت إلى حزب ” هز البطن ” وفي الحال
نشرت الكثير من المقالات مبيّناً دور البطن في قيادة الجسم، وماذا يعني البطن في
تاريخ المجتمعات، وأنه إذا كانت صحة البطن تساوي سوية الجسم والعقل، فإن مجرد
الانتساب إلى حزبه يعني المعرفة الفعلية للكردية، ولأنني محب للتغيير، على الطريقة
الكردية، سرعان ما انتميت إلى حزب ” الأذن المرنة “، حيث لم أبخل
منذ لحظة انتسابي الأولى بنشر مقالات كثيرة عن دور الأذن في حياة الإنسان، إذ
الإنسان حقيقة أذنية، وأنا أشدد على مقولة باتت مثلاً: قل كيف تسمع أقل لك من أنت !
والتاريخ نفسه كان وما زال ذا خاصية أذنية، إذ على قدر ما نركز على ما يقوله
الآخرون نزداد غنى، وزاد الاهتمام بي، كما لو أنني لم أكن منتسباً إلى أحزاب أخرى،
لكنني رضيت بعد حين، وجرّاء مساومات أن أنتسب بعد ذلك إلى حزب ” الوجه
المكشوف “، مؤمناً بدقة الاسم وفطنة مؤسسه ومن ابتكره، فالانسان هنا حقيقة
وجهية، كما اتضح لي أخيراً، وما كان لأحدهم أن يكون وجيهاً، وفي الواجهة، إلا لأن
الوجه يتقدم الجسم، وهكذا أثبتُّ موقعي، سوى أنني تعرضت للوجوه التي لم تظهر كما
هي، أي تلك الأقنعة التي تغطيها كردياً، فالمهم في الإنسان هو أن يكون خارج القناع
يَرى ويُرى. وربما كان تركيزي في المحطة الأخيرة- حتى الآن – من قائمة تحولاتي
التكتلية وغيرها، هو الذي أثار سخط الجميع، لأن مجرد الحديث عن الوجه والقناع يثير
حفيظة الأغلبية، ووجدتني بغيضاً، منبوذاً، غير مرحَّب بي أينما حللت .
مختصر
الكلام، هو أنني راسلت أحمد خاني مطَّلِعاً إياه على ما كتبت فجاءني بروحه الوهاجة
في الحال، ومن ثم: بكى وحكى واشتكى قائلاً: أعياني فهم الكردية، وأين تكون، والذين
من حولي يكررون ما أقول:
الكلام، هو أنني راسلت أحمد خاني مطَّلِعاً إياه على ما كتبت فجاءني بروحه الوهاجة
في الحال، ومن ثم: بكى وحكى واشتكى قائلاً: أعياني فهم الكردية، وأين تكون، والذين
من حولي يكررون ما أقول:
نحن – الكرد – جميعاً غير متفقين نعيش متخاصمين وفي
شقاق
شقاق
وهم أنفسهم في غالبهم يجسّدون ما أقول، ومنذ ثلاثة قرون ينهشون في لحمي
وروحي، ولو أعطيِت القوة لصرخت:
وروحي، ولو أعطيِت القوة لصرخت:
أنا لست أحمد خاني.. لست أحمد خاني!
لهذه
الأسباب، ما العمل ؟
الأسباب، ما العمل ؟
دهوك