درويش
محما
محما
عائشة كوكان المعروفة بـ “عيشة”, مقاتلة سابقة تركت الجبل
لتعمل في السياسة, فذاع صيتها واشتهر اسمها, وعلى رأس بلدية مدينة نصيبين تم
نصبها, المدينة التي ينقل اليوم عن اهلها, ان بعضهم اتفق على الذهاب الى مكتبها,
لنقل شكواهم ومعاناتهم لحضرة جنابها, لما حل بمدينتهم من قمامة واوساخ في عهدها,
وحتى تكون بلديتهم كباقي بلديات البلاد, وهم مثلهم مثل غيرهم كسائر العباد, في
ازقة حاراتهم وساحاتهم وحدائقهم ينعمون بالنظافة والعناية وبقية الخدمات, فدخلوا
مكتبها راجين عطفها وتجاوبها, طامعين بسعة قلبها ودماثة خلقها, تلبي لهم طلباتهم
وتقضي لهم حاجاتهم, لكنهم وجدوا امرأة متزمتة وغاضبة, تطردهم وتصرخ فيهم : “انا
لست هنا لاخدمكم انا هنا للقيام بالثورة”.
لتعمل في السياسة, فذاع صيتها واشتهر اسمها, وعلى رأس بلدية مدينة نصيبين تم
نصبها, المدينة التي ينقل اليوم عن اهلها, ان بعضهم اتفق على الذهاب الى مكتبها,
لنقل شكواهم ومعاناتهم لحضرة جنابها, لما حل بمدينتهم من قمامة واوساخ في عهدها,
وحتى تكون بلديتهم كباقي بلديات البلاد, وهم مثلهم مثل غيرهم كسائر العباد, في
ازقة حاراتهم وساحاتهم وحدائقهم ينعمون بالنظافة والعناية وبقية الخدمات, فدخلوا
مكتبها راجين عطفها وتجاوبها, طامعين بسعة قلبها ودماثة خلقها, تلبي لهم طلباتهم
وتقضي لهم حاجاتهم, لكنهم وجدوا امرأة متزمتة وغاضبة, تطردهم وتصرخ فيهم : “انا
لست هنا لاخدمكم انا هنا للقيام بالثورة”.
رجب طيب اردوغان, الرجل القوي صاحب النفوذ والسلطان, الذي حكم بلاده دزينة اعوام وعقداً كاملا من الزمان, رئيسا لتركيا مرة ورئيسا للوزراء مرتين, وفاز بصناديق الانتخابات لدورة ودورتين, والذي تصدى للجيش واعاده الى “بيت خالته” ومنع تدخله في السياسة وحاصره في الثكنات, والذي غير في الانظمة الاتاتوركية الشوفينية الظالمة في بلاده ليستبدلها بافضل الدساتير والقوانين والقرارات, الرئيس التركي اردوغان في اخر تصريحاته من مدينة باطمان, قال : “لا وجود لقضية كردية في تركيا, ومن يطلقون الخطابات الرنانة الافضل لهم تنظيف شوارعهم وتقديم خدمات بلدية”.
صلاح الدين ديمرطاش, الرئيس المشترك لحزب الشعوب الديمقراطي, في تغريدة من تغريداته على “تويتر” قبل فترة, ناشد وغرد لدولة فلسطين, قائلا: “سنقدم كل انواع الدعم لانهاء احتلال فلسطين, والشعب الفلسطيني له الحق في اقامة دولته المستقلة”, لكن لسوء حظ ديمرطاش الكردي التركي, كان له بالمرصاد البروفسور اسماعيل بيشكجي, وحين سمع تغريدته ثارت حفيظته, فقام البيشكجي المدافع الرصين عن استقلال كردستان, والذي قضى معظم سنين حياته في سجون بلاده تركيا من اجل كرامة وحرية وحقوق الانسان الكردي, أطلق تغريدة محرجة لديمرطاش, وهو يسأله صادحاً: ” وماذا عن استقلال كردستان?”
مجموعة المواقف والاحداث اعلاه, اتيت على ذكرها بغاية القاء بعض الضوء على المشهد الكردي ـ التركي قبيل الانتخابات البرلمانية التركية, الا انها تحتاج لبعض الشرح والتوضيح, حتى تكتمل الصورة وتتبدد الحيرة لدى قارئنا الكريم.
بالنسبة للسيدة كوكان, فقد انتهت ثورتها من حيث لا تدري, فبعد القاء القبض على زعيمها بتاريخ 15 فبراير 1999, تغيرت الحال وتبدلت الاحوال, فمن توحيد واستقلال كردستان اصبح حزبها اليوم يعادي استقلال كردستان ويعمل على تقطيع المقطع منه لاجزاء وكانتونات, ومن العداء المفرط للتتريك والاتاتوركية اصبح حزبها اليوم من اكثر عشاق اتاتورك وتعاليمه, والبرنامج الانتخابي لحزب الشعوب الديمقراطي حزب”عيشة”, جاء ليفضح المستور وليثبت انه حقا اسم على مسمى, فهو حزب الشعوب كل الشعوب الا الشعب الكردي, وهو حزب العمال والطلاب والشباب والنساء والعاطلين من العمل والمثليين الا الشعب الكردي, والمثليين والعياذ بالله, كلمة تردد صداها في البرنامج الانتخابي لحزب”عيشة” اكثر من ثماني مرات مقابل ست مرات فقط لكلمة الكرد, فنصيحة لوجه الله نقدمها للسيدة كوكان, ان تعيد النظر في موقفها من مسألة الخدمات والتنظيفات.
اما البرفسور اسماعيل بيشكجي فالرجل محق ونتفهم غضبه, وهو مشكور على جهوده العظيمة التي ذهبت هباء منثورا, ونقول له: “شكر الله سعيكم سيدي البروفسور, فكل ما كتبته عن حقوق الكرد ومظلمتهم التاريخية لم تأت ثمارها, ولا عيب في دفاع ديمرطاش عن اهل فلسطين والمطالبة بدولة تخصهم, لكن المعيب في امر ديمرطاش هذا, انه يعادي اهله وحلمهم باقامة دولتهم, حقا انه لأمر شاذ وغريب, ومن السهل وصفه باكثر من مجرد “الخطابات الرنانة”.
اما بشأن تصريحات اردوغان في باطمان, اعتقد ان الرجل لم يقل الا الحقيقة, فاليوم لا وجود لشيء اسمه “قضية كردية” في تركيا, والفضل يعود بطبيعة الحال, لحزب العمال الكردستاني, وجناحه السياسي حزب الشعب الديمقراطي, فبعد اعتقال عبد الله اوجلان, بدأ عهد التنازلات (الاوكازيون) حتى فرغت جعبتهم من اخر حقوق للكرد كي يتنازلوا عنها, وفي غياب ممثل حقيقي لاكراد تركيا اليوم, وبعد ان استفرد العمال الكردستاني لمدة اربعة عقود طويلة بتمثيل وقيادة هذا الشعب المغلوب على امره, وبتعاون ضمني غير معلن مع السلطات التركية, اصبحوا يتصرفون بحقوق كرد تركيا وكأنها بضاعة نافقة رخيصة, ويزاودون على اعتى الاحزاب التركية بتركيتهم, ويستمتعون بهذا الدور الجديد ايما استمتاع, فلا عتب على اردوغان وهو يطالبهم بتنظيف شوارعهم وتقديم الخدمات البلدية, ولا عتب ولا لوم على الرجل بانكاره لوجود قضية كردية في تركيا, فليس من المعقول ان نطالبه ان يكون ملكيا اكثر من الملك, ويتكرم علينا بحقوقنا القومية رحمة بالله, ولا حول ولا قوة الا بالله.
كاتب كردي سوري
السياسة الكويتية