لا زالت صرخات الضحايا تلاحق الآتاتوركية

  شيركوه عباس *

بين فينة وأخرى تفاجئنا المؤسسات التركية بتصريحات مدوية تجاه الإقليم الكردي في العراق الفدرالي.

تارة تطالب بكركوك كورثة من ميراث الإمبراطورية العثمانية المندثرة وتارة ترى في الإقليم ملجأ لمثيري الشغب والقلاقل لدولة آتاتورك “المدنية” وتارة ترى أن الإقليم هو الخطر الحقيقي على وجود تراث آتاتورك “العالمي”.

هذه التصريحات المدوية بحق الإقليم الكردي والرعب الذي تظهره من الإقليم الآمن دليل أكيد على أن دولة آتاتورك “المدنية” لا تحمل من المدينة سوى دماء الأبرياء من الكرد والأرمن ومن الإرث العالمي لا تحمل سوى كوارث هتلر وموسوليني بحق البشرية.

هذه الدولة “المدنية والعصرية” منذ ما يقارب من قرن من الزمن لا تزال تحلاقها أشباح الضحايا وترعبها أنين القتلى الأبرياء فتصيح مذعورة ورثة آتاتورك من أنات الضحايا لتفاجئ العالم بأن مآثر(!) آتاتورك للبشرية مهددة من إقليم فتي يعمل حثيثا من أجل إزالة آثار مجازر حلبجة وتداوي جروح الأنفال وإعادة ما بددته الحكومات المتعاقبة على العراق منذ ولادتها حتى زوال طاغية القرنين صدام المشنوق.


هذا الإقليم المثقل بالجروح والآلام والمنكوب بويلات الحكام الساديين سيكون خطرا على الميراث “الإنساني” الذي أنعم البشرية به مصطفى آتاتورك! هذا الميراث لا يعرف شعوب المنطقة عنه سوى القتل والدمار وحرق القرى بمن فيها وإمحاء قوميات برمتها إن كانوا كردا أو أرمنا أو عربا أو لازا أو غيرهم من القوميات التي زالت تحت جزمات عساكر آتاتورك الهمجية.
يبدو أن أشباح الضحايا ستلاحق تركيا الآتاتوركية إلى مثواها الآخير.

ستظل تفاجئ العالم بأنها مهددة من إثنيات وأقوام وشعوب تنير طريقها مشاعل الديمقراطية وتمنحها العولمة الطمأنينة والسلام.

هذه الدولة التي قامت على أشلاء الضحايا تخاف حتى من حفيف الأشجار وتروعها براعم الربيع ولا تعرف الهدوء والطمأنينة إلا في الظلام الحالك ولا تهدأ لها بال إلا بالاعتداء على الأبرياء والفتك بهم.

تارة تشن الحرب على القبارصة وتتهمهم بالاستلاء على أرض الإمبراطورية المندثرة، وتارة أخرى تعلن الحرب على اليونان بأنها عدوة لدولة “الحضارة والمدنية – تركيا الكمالية” فتريد محوها.

بينما لا القبارصة المسالمين ولا اليونان الديمقراطي ولا الإقليم الفتي يفكرون بسفاح الأناضول فهم منكبون على ما يفيد مجتمعهم والعمل من أجل تأمين العيش الكريم لمواطنهم.
لن تهدأ الآتاتوركية ولم ترتاح لها ضمير إلا بعد أن تذهب إلى مثواها الأخير؛ حيث تلاحقها صرخات الضحايا وأنات المنكوبين من شعوب منطقتنا التي أبيدت وبوحشية لا مثيل لها في التاريخ البشري.
رغم مخاوف آتاتوركي القرن الحادي والعشرين ورغم هلوساتهم سيتوفق الإقليم الفتي في العراق الفدرالي في إزالة آثار الأنفال وتسمم حلبجة ودمار عقود من الدفاع من أجل الحقوق المشروعة لأبناء الإقليم.

وبقيادة حكومة الإقليم سيصل شعب الإقليم إلى بر الأمان.

هذه القيادة التي أظهرت للعالم أجمع عن صحة سياستها ونهجها إن كان على نطاق الإقليم أو على النطاق الدولي.
وما تصريحات رئيس الإقليم الأخيرة بشأن تهديدات آتاتوركي القرن الحادي والعشرين لهي ضمانة أكيدة على بقاء الإقليم وازدهاره رغم عواصف ورعود آتاتوركي قرننا هذا.
يدعم المجلس الوطني الكردستان – سوريا ما صرح به الأخ البارزاني حيال التهديدات الأخيرة لقادة تركيا الكمالية.

ويدين بشدة ما تصرح به حكومة تركيا الكمالية بقصد التدخل في شؤون العراق المحرر.

* رئيس المجلس الوطني الكردستاني – سوريا / واشنطن

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…