سوريا ما بعد «عاصفة الحزم»

صلاح بدرالدين
   

في السنوات الأخيرة وخاصة منذ موجة ثورات الربيع  لم تبلي هيئة الأمم المتحدة البلاء الحسن تجاه
طموحات الشعوب ليس لعلة فيها وجودا وميثاقا بل لأنها بمثابة شاهدة زور تعكس الإرادة
الدولية وبالأحرى رغبات ومصالح القوى الأعظم ولاشك أن سوء إدارة ممثليها المعتمدين
ترك بصمات اخفاقاتها الأولى في سوريا واليمن خصوصا حيث يتردد أن النظام الإيراني استطاع
باساليبها اللاأخلاقية وبوسائل الترغيب التأثير في سلوكيات وتصرفات عدد من أولئك المندوبين
الأمميين .
      السيد ديمستورا في عداد أولئك المعنيين وليس معلوما
ماذا في جعبته ليخاطب الهيئة الدولية غير خرائط أحياء حلب التي غيرتها قوى الثورة أو
تبرعه السخي في الشهادة بأن النظام السوري هو جزء من الحل وهو الآن يتهاوى أمام مشهد
هزائم جيشه وهروب وزرائه وقادة شبيحته وعمليات اغتيالات أعوانه .
         ثم من هؤلاء – المعارضون – الذين
يعتبرهم ديمستورا ممثلين عن الثورة السورية لدعوتهم الى جنيف 3 وماهي
مقاييسه في الاختيار خاصة بعد التطورات الأخيرة على الأرض من تحرير محافظة ادلب الى
التقدم في حوران والجولان وكسر شوكة ارهابيي داعش في أكثر منطقة وتحسن أداء الجيش الحر
في ريف دمشق والقلمون وريف حلب كل ذلك يؤكد على أن القائمة الموجودة في جعبة ممثل الأمين
العام العام للأمم المتحدة أصبحت قديمة وغير مجدية وعديمة الفائدة وغير مخولة
لابرام الصفقات . 
 
   ان من يمثل الثورة هم الثوار أنفسهم في الميدان ومن
مع نهجهم  داخل البلاد وخارجها أي الملتزمون بأهداف
اسقاط نظام الاستبداد والمؤمنون بالتغيير الديموقراطي وبسوريا الجديدة التعددية
وبالمصالحة الوطنية والتسامح واقتلاع جذور إرهاب جماعات الإسلام السياسي وفي
المقدمة – داعش – وتوابعها والعيش المشترك بين كل مكونات الوطن القومية والدينية
والمذهبية والاجتماعية على قاعدة احقاق الحقوق وتضمينها بالدستور الجديد .

 

   وكما أرى فان هناك مرحلة جديدة
في بلادنا قد بدأت بعد ( عاصفة الحزم ) ومازالت نتائجها قيد
الإنجاز سيتغير على ضوئها المشهد الوطني برمته وكل مايتعلق بالقضية السورية داخليا
وإقليميا ودوليا بدءا بمسألة من يجب أن يمثل الثورة وطرق الوصول الى تسليم السلطة
للشعب ومرورا بدور هيئة الأمم المتحدة وماسمي بمرجعيات جنيف وموسكو.

 

     أما
بدعة – ديمستورا – الجديدة القديمة بدعوة نظام طهران ليشارك في إيجاد الحلول فمردودة جملة
وتفصيلا لدى غالبية السوريين ليس لأن ايران طرف معاد على نفس مستوى نظام الأسد
وشريكه بابادة الشعب السوري وتغيير تركيبة البلاد المذهبية فحسب بل لأن جمهورية
ايران ( الإسلامية ! ) تعيش حالة انحسار في اليمن وسائر أرجاء المنطقة وتحولت من
الهجوم الى الدفاع ولابد من انتظار تقهقرها العسكري والسياسي وفك أياديها من
التدخل السافر في شؤون بلادنا وبالتالي عدم السماح لها بأي دور أوموقع في تقرير مصير
سوريا فايران كما نظام الأسد جزء من الأزمة والمشكلة وليس من الحل ومن مصلحة السوريين
التريث واستكمال التحضير لمواجهة المرحلة القادمة .

  

   ان أولى
الخطوات التي تنتظر الإنجاز من جانب السوريين العمل على عقد مؤتمر وطني عام وعاجل لكل المكونات
والتيارات السياسية الديموقراطية تنبثق عنه قيادة سياسية – عسكرية مشتركة انقاذية وبرنامج
مرحلي لمواكبة التطورات وهي ملحة وغير قابلة للتأجيل وبخلاف ذلك ستبقى الساحة
مفتوحة على كل الاحتمالات السلبية وسيضيع القرار الوطني السوري المستقل مرة أخرى
على حساب الدماء والدموع .

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…