لازالت المؤامرة مستمرة

توفيق عبد
المجيد

كل من يتابع الأحداث
الساخنة والمتسارعة في هذه المنطقة الملتهبة من جهة ، والحبلى بالمفاجآت والمتغيرات
الصادمة والصاعقة لأولئك الذين يحاولون التصدي بمخططاتهم المضادة لتطلعات شعوب
المنطقة ، والمخططات التي وضعت لها من جهة أخرى ، سواء حظيت برضى شعوبها أو لم تحظ
.
في هذا المجال تحاول الجهات الإقليمية التي كانت ومازالت معادية لتطلعات شعبنا
الكوردي وحقه المشروع في تقرير مصيره وبالصيغة التي يختارها ، وإنشاء دولته
المستقلة ، تحاول وضع العصي في عجلات دولاب التغيير لعرقلتها ووقف دورانها ،
 لتستمر في سياسة الهيمنة على كوردستان وشعبها ، وخنق أي صوت كوردي ينادي بالتحرر
واسترجاع الحقوق المسلوبة والمصادرة من عشرات السنين ، والموزعة بإرادات مبنية على
الإرضاءات والصفقات على أربع دول لازالت ترفض الاعتراف بهذه الحقيقة .
ففي
الآونة الأخيرة تنشطت دبلوماسية المنطقة في محاولات متممة لمحاولاتها السابقة
للحيلولة دون قيام دولة كوردية على المديين القريب والبعيد ، بعد أن مني مشروعها
الداعشي بالفشل أمام الدعم الدولي اللامحدود ، وغير المتوقع للدول الإقليمية
ووكلائها المعتمدين في المنطقة لعزل القوة الكردية التي أصابتهم انطلاقتها
العقلانية الحكيمة ، ودفاعها المستميت عن كوردستان وشعبها ، واستحواذها على إعجاب
العالم المتحضر ، أصابتهم بالإحباط والهزيمة ، لكنها لم تيأس بل تابعت مساعيها
العدوانية الشريرة بعد أن تدثرت بثوب لم يستطع أن يخبئ النوايا العدوانية المبطنة
.
أعتقد أن الهدف من تلك المحاولات هو الحيلولة دون إقامة علاقات يفرضها الواقع
الميداني بين المملكة العربية السعودية والأردن من جهة وإقليم كوردستان من جهة أخرى
، لأن هكذا امتداد لو تحقق سيساهم في تضييق الدائرة على إيران الطامعة ، ويحكم
الحصار عليها من البوابة الكوردستانية بعد أن ضمنت السعودية الدعم النووي
الباكستاني بالإضافة إلى تحسين العلاقة مع أذربيجان ، وفي نفس الوقت أعتقد أن قادة
إقليم كوردستان على علم بهذه المستجدات ولن يترددوا في مد جسور التعاون إلى المملكة
وغيرها من دول عاصفة الحزم للجم الدور الإيراني ومحاصرته في جغرافيته .
أمر آخر
أستنتجه وأستشفه من متابعتي المتواضعة للأحداث ، وهو أن الصراع العربي الإسرائيلي
المزمن قد صار من الماضي ، وأسقط من لائحة الاهتمامات العربية بحكم التقادم ،
وتراجع كثيراً إلى الخلف بعد أن أطل الخطر الاستعماري الإيراني برأسه مكشراً عن
أنيابه ليهدد ويبتلع دولاً عربية أخرى ،  وقد بدأت تلوح في الأفق بوادر نهاية ذلك
الصراع ، بعد أن تغير سلم الأولويات في المنطقة ، لتتوجه كل الأنظار باتجاه رد
العدوان الإيراني المنفلت من عقاله ، ولا أستغرب أن تكون إسرائيل ضمن الحلف الذي
سيتشكل لاحقاً للتصدي له .
9/4/2015
 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني في عالم تُرسم فيه الخرائط بدم الشعوب، لا تأتي التحوّلات العسكرية منفصلة عن الثمن الإنساني والسياسي. انسحاب نصف القوات الأمريكية من شرق الفرات ليس مجرد خطوة تكتيكية ضمن سياسة إعادة التموضع، بل مؤشر على مرحلة غامضة، قد تكون أكثر خطراً مما تبدو عليه. القرار الأميركي، الذي لم يُعلن بوضوح بل تسرب بهدوء كأنّه أمر واقع، يفتح الباب أمام…

لم يعد الثاني والعشرون من نيسان مجرّد يومٍ اعتيادي في الروزنامة الكوردستانية، بل غدا محطةً مفصلية في الذاكرة الجماعية لشعبنا الكردي، حيث يستحضر في هذا اليوم ميلاد أول صحيفة كردية، صحيفة «كردستان»، التي أبصرت النور في مثل هذا اليوم من عام 1898 في المنفى، على يد الرائد المقدام مقداد مدحت بدرخان باشا. تمرّ اليوم الذكرى السابعة والعشرون بعد المئة…

د. محمود عباس قُتل محمد سعيد رمضان البوطي لأنه لم ينتمِ إلى أحد، ولأن عقله كان عصيًا على الاصطفاف، ولأن كلمته كانت أعمق من أن تُحتمل. ولذلك، فإنني لا أستعيد البوطي اليوم بوصفه شيخًا أو عالمًا فقط، بل شاهدًا شهيدًا، ضميرًا نادرًا قُطع صوته في لحظة كانت البلاد أحوج ما تكون إلى صوت عقلٍ يعلو فوق الضجيج، مع…

صديق ملا   إن قراءة سريعة ومتفحصة للتاريخ المعاصر في الشرق الأوسط يستنتج : أن هذا الشرق مقبل على تحولات كبرى ، فالدول التي أنتجتها إتفاقية (سايكس_بيكو)ستتفكك لا محالة ليس فقط بتأثير النظام العالمي الجديد ، بل بتأثير يقظة الوعي القومي للشعوب المستعمَرة أيضا… فالتطورات التي حدثت بعد ثورات الربيع العربي ابتداءاً بتونس ومصر وليبيا وأخيراً سورية قد أرعبت الدول…