نحو تجيير «عاصفة الحزم» لصالح الثورة السورية

صلاح بدرالدين

   ليس خافيا أن أطراف
الصراع الإقليمي الراهن بغالبيتهم ان لم يكن كلهم معنييون سلبا وايجابا بقضايا شعوب
المنطقة وفي المقدمة القضية السورية فنظام ايران الذي يقف من وراء القوى اليمنية
المسلحة المناهضة للشرعية والاجماع الوطني والفالتة من عقالها بحثا عن السلطة
بالعقلية الميليشياوية المذهبية والمناطقية هو الداعم الأساسي لنظام الاستبداد
الأسدي والواقف وراء العديد من المجموعات الإرهابية التي تعيث ببعض بلدان المنطقة
وخصوصا سوريا ولبنان والعراق فتنا عنصرية وطائفية وتقف عائقا أمام استكمال بناء
الدول والنظم الديموقراطية وانتصار ثورات الربيع في إزالة جذور الاستبداد .
 أما الحملة العسكرية التي تقودها المملكة العربية السعودية باسم ” عاصفة الحزم ”
وتضم تحالفا من عشر دول فان غالبية أعضائه لاتخفي سياستها المناوئة لنظام الأسد (
أقله اعلاميا  ) وتعاطفها مع الشعب السوري الى حدود معينة وبناء على مصالحها من دون
التبني الكامل لمطامح الثوار السوريين أو تقديم الدعم اللازم للتمكن من اسقاط
النظام وإعادة بناء سوريا الديموقراطية التعددية وبالرغم من ذلك فان هناك مصلحة
مشتركة لايقاف نظام ايران التوسعي عند حده وتحجيم دوره السلبي في المنطقة والتخلص
من جماعاته وميليشياته المسلحة المحلية والوافدة الموزعة في أرجاء بلدان المنطقة
كأدوات للثورات المضادة .
 من دون شك وبمنتهى الصراحة نقول أن هناك مسافات واسعة
بين مصالح الشعب السوري وثورته من جهة وبين أجندات ماأطلق عليه ( بأصدقاء الشعب
السوري ) من دول وحكومات عربية وإقليمية وعالمية وبلغت أكثر من الستين في مراحل
سابقة وهذه الحقيقة من الأمور الطبيعية والواقعية في العلاقات الدولية كما أن
الثورة السورية باعتبار أهدافها تقتصر على اسقاط الاستبداد وإعادة بناء سوريا
الجديدة ليست شريكا بصورة عملية في ” عاصفة الحزم ” وليست على اطلاع الا على
الأهداف المعلنة للحملة وهي نصرة الشرعية وردع اعتداءات وتجاوزات تحالف ( الحوثي –
علي صالح ) وقطع الطريق على التدخل الخارجي – الإيراني – وحل القضية اليمنية عبر
الحوار الوطني السلمي وهي أهداف مشروعة لاغبار عليها .
 وهنا لابد من التشديد
على حقيقة فصل واقع وأهداف الثورة عن سياسات – المعارضات – التي قامت بدعم بعض
أطراف التحالف العربي – الإقليمي والتي تتخذ مواقف مغايرة بل مزايدة من الحملة
العسكرية الى درجة اعلان بعض الفصائل المسلحة المحسوبة على – المعارضات – عن
الاستعداد في ارسال المقاتلين الى اليمن في حين أن مصالح الثورة تقضي بتأييد
الأهداف المعلنة للحملة فحسب من دون الانجرار الى مواقع صراعات أنظمة المنطقة حول
النفوذ أو المواجهات المذهبية والقومية خاصة وأن بلادنا متعددة الأقوام والأديان
والمذاهب ونحن بغنى عن اثارة الحساسيات بين أبناء الوطن الواحد .
  أمر آخر يجب
الانتباه اليه بمنتهى الحذر وهو أن بعض أعضاء التحالف من النظام العربي الرسمي يكيل
بمكيالين يتعامل ويدعم قوى إرهابية في – الإسلام السياسي السني – في سوريا والعراق
وليبيا خصوصا ويحارب بالوقت ذاته قوى – الإسلام السياسي الشيعي – في اليمن وغيرها
كما يتواصل مع جماعات مسلحة في سوريا من صناعة فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني
ويقدم لهم الدعم المالي والمكاتب ويتم استقبال ممثليها مباشرة أو عبر سماسرة ثم
يشارك في ضرب مجموعات – الحوثي – المرتبطة بنفس الفيلق والحرس .
  لقد كان مشهدا
مقززا عندما صدرت عشرات البيانات والتصريحات والمواقف باسم المعارضات السورية
ومتزعمي الفصائل المسلحة حول ” عاصفة الحزم ” في حين كان من المناسب صدور موقف موحد
باسم الثورة السورية يؤيد بقوة الأهداف المعلنة التي ذكرناها آنفا حتى لو كان من
جانب من يمثل تشكيلا واحدا من الجيش الحر لأننا نعلم مدى تفكك قوى الثورة في
المرحلة الراهنة وافتقارها الى قيادة مركزية منتخبة .
 من الممكن واذا ماتوفر
العامل الذاتي والقرار السياسي الاستفادة من ” عاصفة الحزم ” وتجييرها لمصلحة أهداف
الثورة بالعمل على ادامتها وتوسيعها لتشمل كل أعوان النظام الإيراني في المنطقة
وخاصة في سوريا من نظام الأسد الى باقي المجموعات والفئات الحزبية المسلحة والشبيحة
التي تشكل قوى الردة ومفرقي الصفوف ومثيري الفتن والمعارك الجانبية خاصة وأن من شأن
إطالة الحملة وتوسعتها افتضاح أمر كل من يعمل سرا أيضا مع محور طهران – دمشق .
   وما يتعلق بأطراف التحالف العربي – الإقليمي وخاصة السعودية فعليها وبعد أن بان كل
شيء وجاءت ساعة الحسم مراجعة المواقف السابقة وترددها تجاه الدعم الحقيقي والحاسم
لقوى الثورة السورية والتعامل معها كشركاء مرحليين للجميع مصلحة موحدة في وقف
التمدد الإيراني واسقاط نظام الأسد مصدر الشر والفتن وتحرر الشعب السوري ليقرر
مصيره بنفسه وإزالة بؤر التوتر المذهبية الإرهابية وتجفيف منابعها لتعيش سوريا وكل
المنطقة بسلام .
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…