الشعوب الديمقراطية، والأمة الديمقراطية

كاسي يوسف

 
كلمات مبهمة يتم تداولها ويُعزفُ على
اوتارها ، تذكرني بشعارات الحزب الشيوعي السوري، وهو   الذي كان يدعي انه ينادي
بالمساواة بين البشر، وعندما كان نظام صدام حسين يقصف الكورد بالأسلحة الكيميائية،
وعندما كان أكراد كوردستان سورية, يعاملون معاملة الحيوانات من قبل نظام الاسد,
كانت صحافة ذاك الحزب تتحدث عن انسداد مجارير حلب، ونقصان علف السويداء، ورخص
الآبار الارتوازية……، وندواته كانت بمثابة اجتماعات غزل مع نظام البعث السوري,
والبعث العراقي ايضا ؟!!
وعندما كنا نسأل اصدقاءنا من الكورد المنضوين تحت رايات الحزب المذكور عن هذه
المفارقة, كان جوابهم:  اننا نناضل من اجل القضايا الكبرى, والقضية الكوردية قضية
صغيرة!؟
في مثلنا الآخر, واقصد حزب العمال الكوردستاني “
    بعد كل
التضحيات, من عشرات الاف القتلى والدماء التي سالت كالانهار, والقرى التي هجرت ,
واللغة التي بُورت, يتم تحويل الشعار، تحرير وتوحيد كوردستان ، الشهير، الى شعار
الامة الديمقراطية، في ظل الدساتير الاتاتوركية 
من هو الصحابي الجليل الذي لا
يمكن إلغاء قراراته، في هذه المنظومة؟!
 وباي منطق يقتنع جل اولئك المنساقين؟! 
كيف يتم تمرير هذه القرارات المشوهة, والمعتلة, والمدروسة بعناية من قبل
مستنسخيها, لتصل الى قنوات الردة الشهيرة, بالتواءاتها المكشوفة, وبلغتها الغريبة
الخاصة كل الخصوصية, في الاصطلاحات والقواعد والاشارات والادوات, واحرف العطف وحروف
الجر المستولدة  لمقاسات معروفة الاتجاه والمنحى.
اليوم عندما يطلب عبدالله
اوجلان ان يترك مناصروه السلاح, هذا امر حزبي بحت, لست معنيا به, ولكنني اتعجب كما
يتعجب معي كل االمتعجبون , من الكيفية والآلية التي بها تتحول الشعارات بين ليلة
وضحاها , من اقصى اليمين الى اقصى اقصى اليسار وبالعكس في هذا الحزب..
لست من
دعاة حمل السلاح, ولكني ادعو تحديد الحقوق بدقة , بالطرق السلمية, وعدم تمييع
المطالب المحقة في بوتقة الغموض المقصود , كان نقول مثلا : الامة الديمقراطية!! دون
تحديد ماهيتها, او مساحتها او لونها القومي,او الجغرافي او التاريخي, فالامة
الديمقراطية جملة لا مفهومة بقياس حجم تضحيات الشعب الكوردي في صفوف هذا
الحزب.
فحزب الشعوب الديمقراطية, من كم قومية وطائفة يتكون. وكم هي عدد تلك
الشعوب الموجودة في جغرافيا مظلوم دوغان, ومقاومته المشهودة ورفاقه, ضد الفاشية
التركية, وهل كانت ولا تزال شاباتنا وشبابنا ممن يقاتلون في صفوف فروع هذا الحزب,
يضحون بانفسهم من اجل حقوق شعوب المنطقة, وتأليف دولة من قوميات المنطقة من المحيط
الى (الخليط)؟!!!
أم انهم حملوا  السلاح , في سبيل الهدف المقدس الا وهو
كوردستان ذات الحدود الجغرافية والتاريخية المعروفة للقاصي والداني , دون مواربة,
او لعب , او غموض  ؟
23-3-2013 سويسرا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…