كوردستان العراق والاستهداف الإيراني

توفيق عبد المجيد  

عندما يدلي مستشار الرئيس الإيراني
للشؤون الدينية والأقليات علي يونس الشخصية المهمة في منظومة الحكم في إيران
بتصريحات تشتم منها رائحة العدوان والأطماع القريبة والبعيدة ، المعلنة والمضمرة ،
والتي لا يتردد في الإفصاح عنها أحياناً وبصريح العبارات التي لا تحتاج إلى
التفسيرات والتأويلات ” “إيران أصبحت إمبراطورية كما كانت سابقا وعاصمتها بغداد،
وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما كانت عبر التاريخ”.
ويتابع قائلا:
“العراق ليس جزءا من نفوذنا الثقافي فحسب، بل من هويتنا.. وهو عاصمتنا
اليوم ”  ويستمر في تصريحاته قائلاً : ” جغرافية إيران والعراق غير قابلة للتجزئة
وثقافتنا غير قابلة للتفكيك، لذا علينا أن نقاتل معا أو نتحد “
هكذا تصريحات لا تدعو إلى الارتياح ، بل إلى الحيطة والحذر والخوف من الجار القريب
والذي هو على تماس مباشر مع العراق ككل ، وإقليم كوردستان بشكل خاص ، سيما إذا
استعرضنا المواقف الشجاعة والإيجابية التي اتخذها رئيس إقليم كوردستان منذ بدايات
انطلاق الثورة السورية ووقوفه إلى جانب المطالب العادلة والمشروعة للشعب السوري ،
ورفضه بشكل قاطع ربط إيران بسوريا عبر الإقليم ، ورفضه مرة أخرى زيارة دمشق للقاء
الرئيس السوري ، وعدم السماح لوليد المعلم بزيارة أربيل مؤخراً عندما زار بغداد
مؤخراً .
يقول الكاتب والسياسي الأردني الغيور على الشعب الكوردي صالح القلاب
” على إخواننا في كردستان العراق، والمقصود هنا تحديدا الزعيم مسعود بارزاني
المجسِّد الحقيقي والفعلي للتطلعات القومية الكردية، ألا يناموا على أرائك من سندس
وإستبرق وهم يسمعون مثل هذا الكلام ويرون كل هذه الأفعال، فهم مستهدفون أيضا ربما
أكثر كثيرا من استهداف أشقائهم العرب ” ويمضي الاستاذ القلاب ودون أن يستبعد التدخل
العسكري الإيراني في الإقليم قائلاً ” إن ما يجب أخذه بعين الاعتبار هو أن
الإيرانيين بمجرد انتهائهم من السيطرة التامة على العراق سيتجهون حتما إلى هذا
الإقليم وهنا فإنه غير مستبعد أن يلجأ هؤلاء إلى القوة العسكرية بعد افتعال مشكلة
داخلية وعلى غرار ما حدث عام 1996. “
لهذه الأسباب مجتمعة ولأخرى غيرها ، ولهذه
التصريحات العدوانية نصل إلى استنتاج مفاده أن الإقليم جزيرة وسط بحر من المخاطر ،
لكننا ندرك جميعاً الآن وأكثر من أي وقت مضى أن للكرد أصدقاء سوى
الجبال
17/3/2015
 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

فرحان مرعي هل القضية الكردية قضية إنسانية عاطفية أم قضية سياسية؟ بعد أن (تنورز) العالم في نوروز هذا َالعام ٢٠٢٥م والذي كان بحقّ عاماً كردياً بامتياز. جميل أن نورد هنا أن نوروز قد أضيف إلى قائمة التراث الإنساني من قبل منظمة اليونسكو عام ٢٠١٠- مما يوحي تسويقه سياحياً – عالمياً فأصبح العالم يتكلم كوردي، كما أصبح الكرد ظاهرة عالمية وموضوع…

شيركوه كنعان عكيد تتميز سوريا كما يعرف الجميع بتنوعها القومي والديني وكذلك الطائفي، هذا التنوع الذي استطاعت السلطة البائدة أن تبقيه تحت السيطرة والتحكم لعقود طويلة في ظل سياسة طائفية غير معلنة، ورغم أن علاقة الدين بالدولة بقيت متشابكة، إلا أنها لم تصل إلى حد هيمنة العقلية الدينية أو الطائفية على مؤسسات الدولة بصورة صريحة. أدى ذلك الوضع تدريجيًا إلى…

علي جزيري نشرت جريدة قاسيون، في الخميس المصادف في 17 نيسان 2025 مقالاً تحت عنوان: “لماذا نحن ضد الفيدرالية؟” انتهج القائمون عليها سياسة الكيل بمكيالين البائسة بغية تسويق حجتهم تلك، فراحوا يبرّرون تارة الفيدرالية في بلدان تحت زعم اتساع مساحتها، ويستثنون سوريا لصغر مساحتها…! وتارة أخرى يدّعون أن سويسرا ذات (أنموذج تركيبي)، يليق بها ثوب الفيدرالية، أما سوريا فلا تناسبها…

صلاح عمر منذ أن خُطّت أولى مبادئ القانون الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، ترسخ في الوعي الإنساني أن الشعوب لا تُقاس بعددها ولا بحدودها، بل بكرامتها وحقها في تقرير مصيرها. ومنذ ذلك الحين، أُقرّ أن لكل شعب الحق في أن يختار شكله السياسي، وأن ينظّم حياته وفق هويته وتاريخه وثقافته. هذا المبدأ لم يُولد من رحم القوة، بل من عمق…