غداً 12 آذار، ماذا عن غده ؟

 ابراهيم محمود

 ” إلى إبراهيم يوسف
شريكي العتيد في منعطف تاريخي كان ويكون آذارياً “
كل يوم آذاريٍّ واقعة كُردية
وأكثر، لأن الكرد، رغم ارتباطهم بكاوا الحداد بنسبه الآذاري في الانقلاب الربيعي،
ما زالوا ينتظرون آذارهم الذي يمنحهم حق الإقامة المطمئنَّة في زمانهم ومكانهم
المستقَلين: كردستان ؟ وربما كان للآخرين هذا الـ” آذار ” الذي لا يقوَم بفتنته،
إلا بالنسبة للكرد الذين يعيشونه بمعناه الكردي ” AZAR: Ê Û XEM “، كما لو أن
آذارهم يقع في حكم المؤجَّل دائماً حتى اللحظة !
ماذا يعني هذاالـ”12 آذار” بعد
سنّيه الإحدى عشرة ؟ أكتبها وأنا في حاضنة يوم 11 آذار الحدث المحتفى به، والمغدور
تالياً بفعل أعداء الكرد؟ لكنه المحتفظ بوهج حدثه العظيم هو الآخر كردياً . ماذا
يعني تتالي السنين، ليكون هذا التحديد الزمني روجآفاوياً له تصريفه البطولي
والمأسوي معاً ؟
لا يكفي أن ننحني أمام الحدث، إن أي حدث يضيء بقعة تاريخ كردية، ليُستفاد منه، إنما
أن نتعرف إلى الجديد منه في كل حول له، أن نكون في مستوى الحدث لنحسن تدبُّر أمر
التاريخ، ويكون لنا حوْلٌ في المآل، دونه سنبقى دون الآخرين تعرفة بأنفسنا وحِكمة
التاريخ .
كان الحدث الانتفاضي، الاستنهاضي للاسم الكردي العليم، فاعل إشعار بأن
ثمة كرداً ليسوا بأقلية، حتى لو نُظِر لهم في المعتبَر ” الداخل السوري “، لأن خانة
” الأقلية ” تجريد لأهليها من مقام لائق بهم كشعب لا كأقلية تحديداً، كان حدثاً له
تاريخه الصاعد في منطقة كاملة في الشرق الأوسط وخارجه، استثنائي في الجهة الجغرافية
كردياً، وها هو في يومه الموعود يسمّي أهله، إنما داخل دائرة سورية ملتهبة منذ
أربعة أعوام، وللكرد بطولات ومساع تترى لتأكيد وجودهم. هنا يمكن التوقف !
ما كان
في وسع الكرد تأكيد حضورهم وقتذاك، جرّاء تبعثرهم شِيعاً تحزبية، وعلى قدر تبعثرهم
كان مسعى كل طرف منهم، إلى كيفية استثمار الحدث ليضمن بقاء في دوري الأضواء
التاريخية، وباسم الذين سقطوا ضحايا/ شهداء، وجرحى، وسيقوا إلى السجون، وأهينوا من
قبل النظام، كان أولو أمر الكرد، غالباً، كما يعرّفون باسمهم حتى اللحظة، يوسّعون
حدود اتصالاتهم خارجاً، وباسم أولئك جميعاً، يلفتون الأنظار ، وتحت بند” مساعدتهم
“، يتنافسون فيما بينهم، حباً بمواقعهم في الغالب.
وما أشبه اليوم بالأمس، وبشكل
أكثر إيلاماً، حين نشهد هذا الحراك التحزبي، والمتلفز من قبل من كانوا حينذاك، وقد
صار لهم فروع وضروع وجموع هنا وهناك، في جهات شتى من العالم، وبالكاد يبرز المفيد،
بالعكس، ثمة النكوص، لأن المبني عليه فاسد، ناحية الهدف ومن يصبون إليه، إذ مع
تكاثر الطباخين.. يعرف أهل الطبخ وجوعى الحرية أي منقلب ينقلبون إثرها.
واقع
أكثر تأزماً، جراحات أكثر نزفاً، ضحايا يتتابعون، جرحى، إصابات شتى، نزوحات،
وبالمقابل: تمثيليات باسم الكردايتي، وقنوات ضاقت بالأسماء والوجوه الطارئة،
واستعراضيات للملأ التحزبي ومزاعم حول مدى التألم لِما يجري، بينما أهلوها في وضع
لم يكن يُحلَم به حتى الأمس القريب خارج مناطق ” خطر التوتر العالي “، وعلى الشعب
المسكين أن يجرب بطولته دائماً على حد السكين.
كردستانيات، وألسنة كردستانية في
البازار القومجي، وتنقلات مكوكية منقولة مباشرة، وأعين المعنيين بها تحدق في وجوه
المشاهدين الغلابة أو متحرّي الجاري،  وهي تعلن عن ابتسامة لها مغزاها فيما بينها،
صحبة شرب الشاي والقهوة، حيث تصطف طاولات مثقَلة بأوراقها ومحارمها الورقية، جرّاء
جهاديات تلفظية، وكأني بها تقول: ها نحن كما نحن، ونكون كما نكون يا من تتابعوننا
!
بينما في الجوار القريب جداً، أرواح مضحية بدمائها، ودماء تسمّي أهلها
المقدامين، وقلوب تحتضن كردستانها على جبهات عديدة، وجبهات متداخلة لا تخفي جنودها
المجهولين، وحماتها الكردستانيين حقاً، كما لو أنهم مأهولون بأكثر من 12 آذار، وكل
يوم، كل لحظة حدث 12 آذار، دون انتظار لمن يشجعهم، أو يلتقط لهم صوراً تذكارياً،
لأن ثمة التضحية هي هذا النوع من احتضان الكردايتي.
ويتكرر القول: غداً 12 آذار،
فماذا عن غده يا كرد الرايات المنكَّسة ؟
دهوك
في 11-3-2015 
=======

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

بيان ارتكبت طائرة مسيرة تركية، ليلة يوم أمس الأحد 16 آذار/مارس ٢٠٢٥، مجزرة مروعة بحق المدنيين في قرية برخ بوتان بريف كوباني الجنوبي، حيث استهدفت بغارة جوية مسكن عائلة تعمل في مجال الزراعة، ما أسفر عن وقوع ضحايا، قتلى وجرحى، من عائلة واحدة معظمهم أطفال، وإصابة اثنين آخرين بجروح متفاوتة، الضحايا القتلى، هم: (آهين عثمان عبدو، دجلة عثمان عبدو، دلوفان…

إبراهيم اليوسف   يبدو أن ما يحدث في المشهد السوري من تناقضات يعيد إنتاج الأخطاء ذاتها التي أسقطت النظام السابق، والتي أدت إلى انتفاض السوريين ضد استبداده. لقد ابتهج جميع السوريين، باستثناء الفاسدين والشبيحة، بسقوط نظام الأسد، لكن ما حدث بعد ذلك من خيبة أمل يجعلنا نعيد طرح الأسئلة الملحة: لماذا خاب أمل السوريين سريعًا؟ ومن المسؤول عن ذلك؟ حقيقة،…

شادي حاجي   بداية ولكي لا يظل قادة الأحزاب الكردية في سوريا يتفاجؤون ويستغربون ويندهشون دائماً بالأحداث والمصائب التي تحل بالشعب الكردي في سوريا ( الإعلان الدستوري للمرحلة الانتقالية .. نموذجاً ) . وألا يظلوا مشتتون لا تربطهم لا أهداف ولا خطة استراتيجية ولا هيئة أو مرجعية تمثيلية ولا رؤية سياسية قانونية مشتركة لحل القضية الكردية في سوريا وأن لا…

نظام مير محمدي *   مهما بذل النظام الايراني من محاولات مستميتة من أجل إبراز قوته ومقدرته أمام الضغوط الامريکية الجارية من أجل إجباره على قبول المطالب الامريکية المطروحة فيما يتعلق بالبرنامج النووي وأمور أخرى، فإن ذلك ليس بکاف وليس بمقنع للشعب الايراني قبل غيره، خصوصا وإن النظام الآن في أسوأ أوضاعه وإن أوضاعه السيئة تزداد سوءا وفي طريقها الى…