قراءة حول التغيرات في غرب كوردستان وحديث بشار الأسد حول دعمه للكورد

عدنان بوزان

لاشك أن الوضع في منطقة
الشرق الأوسط غير مستقر ويختلط الحابل بالنابل كمرجلة على نار هادئة وتغلي من كل
جوانبها أي أن هذه المرحلة هي مرحلة التحول ورسم خارطة جديدة في تاريخ شعوب المنطقة
لكن هذه المرة قد تكون المسرحية والسيناريوهات مكشوفة نسبياً أمام الرأي العام ..
ومن هنا نعود إلى بداية الثورة السورية وكيف تحرك حجر الشطرنج لصالح النظام السوري
.. فعندما بدأت الثورة قام النظام مباشرة اللعب بعدة أوراق وشحنت بمكونات المجتمع
السوري ضد بعضهم البعض وتم تشكيل عدة مجموعات مسلحة ومن ضمنها حاول اللعب بالورقة
الكوردية .. ومن هذه المجموعات المسلحة التي تشكلت من خلال الثورة : جيش الصناديد
التابع لعشيرة الشمر العربية – جيش سوبارتو التابع للطائفة السريانية – جيش الدفاع
الوطني التابع لمحمد فارس رئيس عشيرة الطي العربية” بالإضافة ظهرت مجاميع مسلحة
أخرى وهي : وحدات الحماية الشعبية ي ب ك التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي ب ي د
والجيش السوري الحر وبعض الجماعات الإسلامية المتطرفة : جبهة النصرة – وأحرار الشام
– وتنظيم الدولة في العراق والشام / داعش / وتوابعها .. 
وتم تدمير كامل المدن السورية وقتل وتشريد سكانها وحصل ما حصل لكن بعد كل هذه الحرب
والمعارك بين النظام والمجاميع المسلحة وصل النظام إلى المرحلة النهائية آيلة على
إسقاطه فحاول النظام هذه المرة اللعب بالورقة الكوردية ونحج فيها بامتياز وسلم
المناطق الكوردية لحزب الاتحاد الديمقراطي ب ي د لسببين : 
أولاً
: لتخفيف العبئ عن النظام .. 
ثانياً : انشغال
المناطق الكوردية في صراعاتهم الداخلية لتحييد الكورد من الثورة هذا من ناحية ومن
ناحية أخرى الضغط على كافة النشطاء والسياسيين والمثقفين الكورد ودفعهم إلى ترك غرب
كوردستان .. وهذا ما قام به حزب الاتحاد الديمقراطي ب ي د بمهامه على أكمل وجه ..
ثم دفع النظام السوري بالاتفاق مع التحالف الثلاثي للدول الغاصبة لكوردستان بتنظيم
داعش إلى فتح الحرب في إقليم جنوب كوردستان كي يشغل إقليم كوردستان بالحرب الدائرة
هناك ويشغله عن تقديم المساعدة لأبناء شعبنا في غرب كوردستان وثم دفعوا تنظيم داعش
إلى المناطق الكوردية في غرب كوردستان وخاصة إلى منطقة كوباني كي يفصلوا إقليم غرب
كوردستان عن بعضه البعض والهدف هو تمديد عمر النظام السوري من ناحية ومن ناحية أخرى
إنشغال الكورد بهذه المعركة وستكون سهلة عندما يعود النظام إلى السيطرة مرة أخرى
على المناطق الكوردية في غرب كوردستان .. للعلم قام حزب الاتحاد الديمقراطي ب ي د
بكل هذه المهمات بدقة عالية … وبالرغم من هذا التحالف القديم بين العمال
الكردستاني وخلفاً بعده حزب الاتحاد الديمقراطي ب ي د والنظام السوري لكن هناك
مخاوف لدى التحالف الثلاثي من استمرار قوات كريلا في قنديل وستكون قوة خطيرة في
المستقبل على الدول الغاصبة لكوردستان فهنا دق ناقوس الخطر وبدأ النظام السوري
بتخفيف دعمه لحزب ب ي د كي يجبر هذا الحزب وقياداته في حزب العمال الكردستاني كي
يقوم النظام بتنفيذ خططه على أكمل وجه .. ومن هنا ظهر شقين في صفوف العمال
الكردستاني فحاول النظام السوري أن يستغل طرف من هذا الشق .. ومن جانب آخر توهم بعض
من قيادة حزب ب ي د بأنهم سيطروا على هذه المناطق في غرب كوردستان بالقوة .. فحاول
النظام السوري التخلص منه أو التخفيف من قوته وسحب يده عن دعمه لحزب الاتحاد
الديمقراطي ب ي د وبالمقابل دفع تنظيم داعش بالهجوم على منطقة كوباني .. ومن هنا
تلمس قيادة الاتحاد الديمقراطي ب ي د بأن هناك تلاعب يجري من حوله لذلك استعجل
قيادة هذا الحزب لايجاد الحل البديل له لكن لم يجد أي طرف كي يستند عليه وأغلقت كل
الطرق أمامه ولم يبقى لديه سوى الحل الوحيد هو التقرب من القيادة الكوردستانية
ولهذا عقدت اتفاقية دهوك لتشارك أحزاب المجلس الكردي كي يتاجروا هذه المرة باسم
المجلس الكردي لبعض الوقت والضغط على النظام السوري بأن لهم السند في حال إذا حاول
النظام الأسدي التخلص منهم لكن النظام السوري مطالبه تعود إلى عدة نقاط : 
1 –
إفراغ قوات كريلا من قنديل وإرسالها إلى كوباني للتخلص من أكبر عدد منهم .. 
2 –
ضغط من قبل النظام السوري على حزب ب ي د للاستمرار بمهامه وتشتيت الكورد وتدمير
البنية التحتية لهذه المناطق..
3 –  تجميد دور حزب العمال الكردستاني في شرق
كوردستان / إيران / 
4 – إشغال إقليم جنوب كوردستان بالمعركة لتأخير إعلان
استقلال كوردستان ..
لكن هذه المرة تغيرت مجريات الأحداث والخطط التي رسمتها
الدول الإقليمية فقد كان تدخل القيادة الكوردستانية هو من ضمن الخطوات لإفشال هذا
المخطط العدائي ضد أبناء شعبنا في غرب كوردستان فقامت بإرسال قوات البيشمركة إلى
كوباني بالرغم من المعارك والجبهات في إقليم جنوب كوردستان وعندها دخلت قوات
التحالف الدولي بفضل القيادة الكوردستانية للسيطرة على الوضع وإفشال المخطط..
وبعدها أسرع التحالف الثلاثي / إيران – تركيا – سوريا / بفرض دخول بعض الفصائل باسم
الجيش السوري الحر المقربة من النظام السوري والتركي إلى كوباني مقابل السماح لدخول
البيشمركة إليها كي يثبت بأن كوباني هي مدينة عربية سورية وليست كوردستانية ..
بالإضافة تضامن الدول الغربية مع مأساة كوباني وبعد وصول تحرير كوباني إلى المرحلة
الأخيرة .. فمن هنا استعجل النظام لفتج جبهة أخرى في منطقة الجزيرة لاستكمال
المسرحية بفضل الشخصيات المتقنة بالدور المسرحي بالإضافة دفع الأتراك لنقل ضريح
سليمان شاه إلى غرب كوباني وتحريك عملية السلام بين الحكومة التركية وحزب العمال
الكردستاني ودفع بالسيد عبد الله اوجلان بالنداء إلى قيادته في قنديل لإلقاء السلاح
لتنفيذ خطط عملية السلام .. لكن حتى هذه اللحظة حزب الاتحاد الديمقراطي ب ي د قام
بمهامه على أكمل وجه .. لكن هنا يلتمس قيادة ب ي د إن حصلت عملية السلام في تركيا
.. أو لربما يطالب الأتراك من العمال الكردستاني بتسوية الوضع في غرب كوردستان
أيضاً أو يبدو هناك الاتصال بين الاتحاد الديمقراطي ب ي د والنظام الأسدي حول هذه
النقطة .. 
وبنفس التزامن ظهرت علامات غريبة نسبياً في قامشلو أن هناك أنصار حزب
البعث السوري يهددون الكورد بالعودة ، عبر كتابات على الجدران وهذا محل استغراب لدى
عامة الأهالي في مدينة قامشلو اليوم ببعض الكتابات لأنصار وكتائب حزب البعث السوري
على جدران الكثير من المباني والمؤسسات ومنها “البعث قادم – كتائب البعث
قادمون”.
بالإضافة ظهر بنفس التوقيت في جندريس في عفرين بعض كتابات باسم انصار
تنظيم داعش وأعلنوا بأن أسايش عفرين التابعة لحزب ب ي د يلقون القبض على هؤلاء
الأشخاص الذين يكتبون على الجدران ..إلخ 
اعتقد أن هذه الكتابات هم انصار حزب ب
ي د بنفسه لتمهيد الطريق أمام عودة النظام الأسدي إلى هذه المناطق كي ينسحب العمال
الكردستاني من غرب كوردستان بعد عملية السلام في تركيا ..
بالإضافة ظهرت مقابلة
بشار الأسد من خلال الإعلام البرتغالي بأن نظامه كان يدعم الكورد والمقصد هو / قوات
ي ب ك / قبل أن يدخل التحالف الدولي في أحداث كوباني وبالإضافة يؤكد بشار الأسد بأن
له وثائق بأن النظام كان يدعم الكورد وبكل تأكيد الوثائق ليست كتابة على الورق
ومختومة من قبل مؤسسة عسكرية بل هناك أمور مصورة حية لقادة حزب الاتحاد الديمقراطي
ب ي د وحديثهم حول الاتفاقية بينهما .. وهذا يوضح لنا على النحو التالي : 
1 –
إما دخل النظام السوري إلى مراحله الأخيرة آيلة على الإسقاط بمعنى أنتهت الفرصة
المتاحة له من قبل مخططي الربيع العربي ..
2 – أو أن النظام يرى بأنه فشل بكل
مخططاته في المناطق الكوردية في غرب كوردستان ولديه مخاوف بأن تبقى قوات البيشمركة
بشكل دائم في غرب كوردستان وبالدعم الغربي ليظهر امام الرأي العام بأنه كان من
المشاركين في تحرير كوباني من خلال دعمه لقوات ي ب ك وأن هذه القوة تحت مسميات
كوردية لكن تابعة للنظام السوري ..
على الأرجح المقصد هو النقطة الثانية كي يبرز
بأن النظام السوري هو الصاحب الشرعي لهذا التحرير أما الباقيين هم الضيوف المشاركين
لمساعدة هذا النظام لمحاربة الإرهابيين …
لأن منذ بداية إنطلاق الثورة في
سوريا وحتى هذه اللحظة وهي أربعة سنوات كانت كل خطوات النظام السوري مدروسة بشكل
دقيق عندما قال بأن النظام لن يسقط فعلاً وهو مستمر حتى الآن .. بالإضافة قال بشار
بأن بإمكانه أن يشعل النار في كل مكان في العالم فعلاً ظهر تنظيم داعش وهو خطر على
كافة دول العالم .. وهناك الكثير من النقاط المشابهة وهي مستمرة حتى هذه اللحظة ..
والورقة الرابحة دائماً بيد النظام السوري بالرغم كل هذه المآثر والمجازر بحق الشعب
السوري عامة وما تزال دول العالم في نقاشات حول كيفية إسقاط هذا النظام المجرم … 
5 / 3 / 2015 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…