مستقبل جنوب-غربي كردستان.. الجزء الأخير

د. محمود عباس

2-التعامل السياسي مع الآخر من المنطق
الكردستاني وليس الأنا الحزبية، والاستراتيجية الذاتية دون الآخرين، فالمرجعية
الحالية شكلية، وهي لا تمثل الشعب ولا الحركة الكردية عامة، والأحزاب الذين حضروا
دهوك لا يمثلون كلية الشعب، ولا نصفه، والمطبق هو منطق السلطات الشمولية، فعلى
الإخوة في أل ب ي د التخلص من هذه الذهنية، وهذا الأسلوب في التعامل
السياسي.
3-ومن على أعتاب هذه الخطوات، يتطلب التخلي (ولو مؤقتا) عن زوايا
الإيديولوجيات المستخلصة لمرادفات لا تتلاءم والأبعاد الكردستانية. فإقليم
جنوب-غربي كردستان، لها جغرافية واحدة حتى ولو كانت ضمن الوطن المصنوع في بداية
القرن الماضي، وجغرافيتها تمتد من نقطة انتهاء الإقليم الفيدرالي وتنتهي على سواحل
البحر المتوسط، بلا انقطاع، وتجزئتها، هو تشويه لتاريخها ولجغرافيتها وإعدام لكيان
اجتماعي متكامل، وتشتيتها مطلب بعثي منذ عقود، ورددها بشار الأسد وأردوغان قبل
شهور.
4-وهنا الأهم: 
أولا، تشكيل قوة عسكرية كردستانية انتماؤها للوطن، فحزب لا يحظى
بالأغلبية الجماهيرية لا يستطيع تشكيل جيش وطني، ولن يستطيع احتواء كل المنطقة، ولا
امتلاك القدرة على تحرير كردستان، والنجاحات ستكون آنية، والعدو يترقب مثل هذه
اللحظات لينتهزها.
ثانيا، لا شك دول المؤامرة لا تهدأ، ولن تستكين على ما فرض
عليهم من انحسار عن المنطقة، ولن تصمت إزاء ما يتكون في كردستان من قوة، لهذا،
فالقوة الكردستانية يجب أن تكون على مستوى المواجهة، وهذا يتطلب التعامل مع الإقليم
مثلما يتطلب الشراكة الحقيقية في الداخل وليست شكلية من أجل تبيان شرعية
وهمية.
ثالثا، لا شك القوى المتربصة بكردستان، وبينها سلطة بشار الأسد، ستحاول
خلق الخلافات بين الإقليم وجنوب-غربي كردستان. إبطال هذه الأحابيل يبقى على مدى وعي
الطرفين وعدم الانجراف إلى المؤامرات التي قد تكون على بنية تضاربات إيديولوجية أو
اختلافات استراتيجية، مثلما حدث في شنكال بعملية تكوين كانتونها، وقد يُحرض أل ب ي
د على أحداث خلخلة داخل الإقليم، ولا يستبعد العكس لغاية سياسية، وكلها ستكون
وراءها القوى المحتلة لكردستان، وهي على قدر عالٍ من الخبث والحنكة، بحيث تمرر على
الطرفين وبقناعة منهما.
رابعا، بناء كردستان سيمر بمراحل، وبناء جنوب-غرب
كردستان مرحلة، وتنقية ثقافتها ومفاهيمها، ومن ثم تطويرها بالمنطق الكردستاني هي من
أهم المراحل. فالبناء الأممي، لا يدرج ضمنه كردستان. لا يعكر صفوها إذا كانت
كردستان المحررة مشاركة في قيادة طرح الثقافة الأممية في الشرق. لكن القفز فوق واقع
الاحتلال إلى واقع الأممية، مسألة لا يتقبلها المنطق ولا الواقع وتسرح في عالم
الخيال الفكري، وتساهم في تمرير مخططات المحتل، وغير هذا فهو خداع للنفس قبل
الغير.
خامسا، لا بد من تطوير الإدارة الذاتية وحل الكانتونات الثلاث، وتشكيل
هيئة موحدة، تمثل كلية المنطقة، وتطويرها إلى الفيدرالية، ولا يعكر صفوها أن تكون
كونفدرالية، مادامت الكانتونات في هيئتها، تتضمن وزارتي الخارجية والدفاع، وهاتين
الوزارتين تندرجان ضمن بند الكونفدرالية حسب القوانين الدولية.
وجود السلطة
الشمولية والمعارضة العروبية وبمفهوم متقارب عن القضية الكردية في سوريا، يضعان
معظم المذكور ضمن دائرة الإلغاء للوجود الكردي. ومنطق الاستجداء يجب أن يُلغى. وعلى
الأحزاب أن تتحرر من الإملاءات، وتخلق الثقة بالذات على هذين المحورين. عندها سيكون
سهلا قيادة المعارضة الوطنية، أو التلاؤم معها، وهذا سيكون في حال وجود القوة
الكردية الوطنية المشتركة، الممثلة للمنطقة الكردية وللمعارضة السورية الحقيقية
أيضا؛ وكذلك ممثلة لمفاهيم الثورة السورية ومتحررة من سياسة وتكتيك فترة تفتيت
الأحزاب للحركة الشبابية كونها كانت أدوات بيد النظام الشمولي.
 أل ب ي د
والإدارة الذاتية، تنجح في بعضه وتخفق في بعضه الآخر، وهي ولا شك حالة طبيعية، لكن
الإخفاقات مع الحركة الكردية، كعملية تشكيل المرجعية وإدخالها في حالتها الشكلية
الموجودة، حاليا، بين الغيبوبة والإنعاش، ودون كسب ثقة الشعب ونزوح القوى الشبابية
إلى الخارج، لن يؤدي إلى النجاح النهائي. 

د. محمود
عباس

الولايات المتحدة الأمريكية

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين لاشك أن استبعاد ممثلي الشعب الكردي من أي حوار أو مؤتمر وطني سوري ليس مجرد هفوة أو إهمال عابر، بل سياسة مقصودة تُجسّد رفضاً مُضمراً للاعتراف بحقوق شعبٍ عريقٍ ساهمَ في تشكيل تاريخ سوريا وثقافتها. فالكرد، الذين يُشكّلون أحد أقدم المكونات الاجتماعية في المنطقة ، عانوا لعقود من سياسة التهميش المنظم ، بدءاً من حرمان الالاف من الجنسية…

ملف «ولاتي مه» حول مستقبل الكورد في سوريا، يُعتبر أحد الملفات الهامة التي تُناقش مستقبل الكورد في سوريا في ظل التغيرات السياسية التي تشهدها المنطقة عامة وسوريا بشكل خاص. يركز هذا الملف على تحليل الأوضاع الراهنة والتحديات التي يواجهها الكورد، بالإضافة إلى استعراض السيناريوهات المحتملة لمستقبلهم في ظل الصراعات الإقليمية والدولية. يسلط الملف الضوء على أهمية الوحدة والتعاون بين مختلف…

صلاح بدرالدين الفرق بين مؤتمر الحوار السوري ، والمؤتمر الكردي المؤتمر السوري المزمع عقده هو مؤتمر للحوار بين الناس حول مستقبل سوريا ، وهو تجمع للتشاور ، ولاصفة تشريعية ، او تقريرية له ، ولا يشكل من يحضر ممثلا لاي مكون قومي او طرف سياسي ، لان التمثيل الشرعي يجب ان يتم عبر الانتخاب الحر…

شادي حاجي الحقيقة الوضع السياسي الكردي في سوريا وتحالفات كل من أطرافها السياسية تعاني من تخبط فيما يبدو أنه نتيجة عدم وضوح الرؤية والتأثر بالضغوط السياسية والمصالح الشخصية والحزبية لا شك أن أحياناً كثيرة قد يتأثر صانع القرار السياسي بشأن ما ينبغي فعله إما بضغوط سياسية من جهات مختلفة كأن تكون داخلية او خارجية وهذا الأمر يجب حسمه في…