الصوت الجريء … نصر الدين برهك

توفيق عبد
المجيد

إذا كانت القيادة تعني
مواصفات عدة ، يتصف بها القيادي الحقيقي ، ليكون قيادياً بكل ما تعنيه الكلمة من
معنى ، وبكل ما يترتب على حاملها من مسؤوليات ، فأستطيع القول بثقة وصدق إن الشهيد
” أبو علاء ” قد جميع في شخصه الكثير من تلك الصفات ، واستحوذ على معظمها ، ليكون
بحق وحقيق مثالاً للقيادي الكوردي المتواضع  ، ذاك الذي انتزع محبة الغالبية العظمى
من جماهير شعبه المسحوق المظلوم ، المسلوب الحق والحرية وأبسط مستلزمات المواطنة ،
ومن رفاق حزبه الذين استحصل حبهم بتفانيه ونضاله اليومي ، كما حاز على محبة باقي
مكونات الشعب السوري المتعايشة معه في نفس المكان والبلدة ، وضحى بالمال ، والوقت ،
والجهد ، والراحة الشخصية ، ليضعها كلها في خدمة الجميع ،
 وليجعل من بيته ملتقى لكل من يقصده من تلك المنطقة بحثاً عن حل لمشكلة استعصت عليه
، أو معضلة اعترضت طريقه وحياته اليومية ، وليجعل من شخصه معلماً وناصحاً ومرشداً
في نفس الوقت ، ويتصدى بكل حكمة وعقلانية لمشاكل الآخرين وهمومهم دون أن يخشى في
قول الحق لومة لائم .
في حياته الحزبية أيضاً – وهذا هو الجانب المهم في شخصه –
كان مثالاً للحزبي الحركي ، الفعّال النشيط ، يعمل ليل نهار لتطوير حزبه وتحديثه ،
وتوسيع قاعدته الحزبية والجماهيرية من خلال المنظمة التي ناضل فيها ، وتوعية الرفاق
، وتوجيههم نحو أنجع الطرق ، وأنجح التجارب ، فكانت البرزانية خير منهج له يسترشد
بها ، ويهتدي ببوصلتها لتكون الضامنة للانتصار الحتمي الحقيقي لأبناء شعبه .
لم
يدخر الشهيد جهداً ليكون مثالاً للمواطن الحريص على أبناء شعبه وقضيته القومية
العادلة ، فكان في مقدمة المتظاهرين السلميين في بداية الثورة السورية ، ولم يتخلف
عنها جمعة من الجمع ، ليجسد إرادة الشعب السوري ككل نحو الحرية ، وإرادة شعبه
الكوردي نحو تحقيق حقوقه القومية العادلة ، مما جعله هذا الحراك السلمي الذي لم يرق
للكثيرين من أعداء الشعب هدفاً سهلاً يجب النيل منه ، وإسكات ذلك الصوت الجريء
المؤثر ، فاستغل الجناة والغدارون هذا الخروج العلني له في التظاهرات الأسبوعية ،
وهذه المشاركة الميدانية الفاعلة لينتقموا منه عندما أفرغوا رصاصات الحقد في جسده ،
ليستشهد ونحن بأمس الحاجة إليه .
لك المجد والخلود أيها الشهيد الحي
وللجبناء
والغدارين الخزي والعار
22/2/2015
 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…