ما الذي يتضمنه بنود الاتفاق بين اوجلان و الحكومة التركية ؟

نورالدين عمر  

في عام 2012 بدأ
الكشف على لسان المسؤوليين الكورد و الاتراك عن وجود لقاءات بين الدولة التركية و
الزعيم الكوردي عبد أوجلان المعتقل في جزيرة إيمرالي التركية منذ اختطافه في نيروبي
عاصمة كينيا ب 15 شباط سنة 1999 ,و منذ ذلك الوقت و حتى الان استمرت تلك اللقاءات
وسط صعوبات و عوائق جمة و بمشاركة مسؤوليين عن الدولة التركية و شخصيات و برلمانيين
كورد , و تطورت تلك اللقاءت الى ما سماه البعض من المعنيين نوع من الاتفاق بين
أوجلان و الدولة التركية رغم ان تفاصيل هذه الاتفاقية لم تكشف لرأي العام حتى الان
لا من قبل الدولة والحكومة التركية و لا من قبل منظومة المجتمع الكردستاني و لا من
قبل حزب الشعوب الديمقراطي و لا من قبل أوجلان, و هؤلاء هم المعنيين الاساسيين
بعملية التفاوض و يبدو ان هذه العملية التفاوضية ستكون ماراتونية مهما أريد لها ان
تكون سريعة و حاسمة .
اذا ليس هناك اتفاق علني حتى الان و لم يكشف التفاصيل بعد و لكن بالنظر الى تصريحات
المسؤولين و المعنيين الكورد و الترك يمكن رؤية النقاط الاساسية التي يجري حولها
عملية التفاوض .
أولا -منظومة المجتمع الكوردستاني مصرة على ان أوجلان هو الذي
يجب التفاوض معه باعتباره القائد و الزعيم للمنظومة و اذا كانت الدولة تريد السلام
فان أوجلان هو الوحيد القادر على تحقيق ذلك و لا تنازل في هذه المسألة و لذلك و من
اجل سير المفاوضات و تحقيق نتائج ملموسة يجب تحسين ظروف حياة  الزعيم الكوردي و
نقله من سجن امرالي الى ماكان يشبه الاقامة الاجبارية بحيث يستطيع اوجلان اجراء
الاتصالات اللازمة مع منظومة المجتمع الكردستاني لتسير عملية التفاوض .
ثانيا –
الاعتراف الدستوري بالكورد و اعتبارهم شركاء في جميع مؤسسات الدولة و منحهم حقوقهم
القومية المشروعة بما فيها ادارة مناطقهم ادارة ذاتية.
ثالثا – سماح بتدريس
اللغة الكوردية في المدراس الرسمية و الحكومية و كذلك تعديل الدستور التركي وقانون
الأحزاب لفتح الابواب أمام مشاركة واعتراف حقيقي بالهوية الكردية في تركيا. وتعديل
قانون الحرب على الارهاب وتغيير بعض مواده باتجاه السماح لمقاتلي التنظيم للممارسة
العمل السياسي بحرية و اطلاق سراح الاسرى و المعتقلين و اصدار عفو عام .
هذا
يمكن اعتباره مطالب الجانب الكوردي أما الجانب التركي فهو يأمل من خلال العملية
التفاوضية نزع السلاح من مقاتلي الكورد المنتشرين في جبال كوردستان و انهاء الحرب
الدائرة عبر اجراء بعض التعديلات التي لا تؤثر على بنية و شكل الجمهورية التركية
.
و بين هذه المطالب التي غالبا ما يفصح عنه المسؤولين الكورد و الترك تكمن
تفاصيل كثيرة و معقدة , قد ينهي احدى هذه التفاصيل او احدى هذه المطالب العملية
التفاوضية برمتها , لان العملية التفاوضية لم تصل بعد بين الجانبين الكوردي و
التركي الى مستوى يمكن الثقة بها , و هي مهددة في كل وقت بسقوط و الانتهاء .
فالكورد يتهمون الدولة و الحكومة التركية بالمماطلة و عدم الجدية و اللجوء الى
المراوغة و الالاعيب و عدم تحقيق اية خطوات باتجاه حل المسألة الكوردية .و الحكومة
التركية ايضا تتهم الجانب الكوردي بعدم الجدية في المفاوضات .
و من تعقيدات
العملية التفاوضية ايضا هناك من الكورد من يتهم أوجلان بإنه يسعى عبر صفقة مع
الحكومة التركية من اجل اطلاق سراحه من السجن و هو يقدم التنازلات لدولة في سبيل
ذلك . و كذلك هناك من الاتراك من يتهم الحكومة التركية بانها تفتح المجال عبر
التفاوض لتقسيم تركيا و ان هذه المفاوضات لو استمرت فسينتهي بإقامة دولة كوردية
منفصلة عن تركيا .
باختصار هناك الكثير من اشارات الاستفهام في هذه المفاوضات و
ما يزال الوقت مبكرا لتقيم فشلها و نجاحها و لكن هل حقا ان حكومة العدالة و التنمية
الاسلامية مقتنعة بحل المسألة الكوردية سيتم بطرق السياسية و التفاوضية ؟ أما انها
تسعى الى كسب الانتخابات التشريعية المقبلة لتغيير الدستور حسب رغباتها و اهدافها
.؟ و هل حقا ان منظومة المجتمع الكوردستاني مستعدة لانهاء الصراع المسلح ؟ و كيف
سيكون وضع قواتها المسلحة في الاجزاء الاخرى من كوردستان ؟ و ما الذي سيطلبه الزعيم
الكوردي من قوات الكريللا مع اقتراب نوروز؟ .
و لكن العملية التفاوضية هي ستكون
أهم مرحلة في الصراع الكوردي – التركي الذي استمر اكثر من 36 سنة و هي عملية دقيقة
و معقدة و ربما اصعب من تلك الصراع المسلح الذي راح ضحيته عشرات الالاف . و بقناعتي
ان الكورد لن يخسروا في العملية التفاوضية شيئا و هم سيكسبونها سواء كانت الحكومة
التركية جدية او لم تكن جدية فالوضع الكوردي الداخلي و الوضع الاقليمي و كذلك الوضع
الدولي و العالمي في صالح الكورد اكثر من اي وقت مضى. و الاتراك في حال كانوا جديين
في عملية التفاوض فانهم سيكسبون حليفا قويا لهم و ستزداد تأثير تركيا دوليا و
أقليميا أما العكس أي لو  لم يبدي الحكومة التركية الجدية في التفاوض فانها ستجلب
الويلات لشعب التركي ,و الصراع الكوردي التركي  لن ينتهي ألا بتحقيق العدالة و
المطالب المشروعة لشعب الكوردي مهما طال الزمن .    

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…