المجلس الوطني الكردي في سوريا ولغز الانهيار

افتتاحية صوت الأكراد *
ما إن انطلقت الثورة السورية السلمية في ربيع عام 2011م ، حتى برزت ضرورة وجود إطار سياسي كردي شـامل ، لمعظم مكونات الحركة الوطنية الكردية في سوريا، ليقود نضال جماهير شعبنا الكردي وإيصاله منتصراً إلى برّ الأمان في ظل ما ينتاب البلاد من دمار هائل في ظل تفاقم الأزمة السورية، والتي تحول إلى صراعٍ دامٍ بين عدة أطراف وطنية وإقليمية ودولية ، يحاول كلّ منها إيجاد موطئ قدم لتمرير أجنداتها في سوريا, دائرين الظهور لآلام ومآسي الشعب السوري , ومنطلقيـن في تحركاتهم ومواقفهم بنـاءً على مصالحهم .
 وفي هذا المضمار خطت الحركة السياسية الكردية منذ بداية الثورة عدّة خطوات لعلها كانت اللبنة الأساسية للوصول إلى انعقاد المؤتمر الوطني الكردي في سـوريا ، كالتنسيق القائم حينها بين أحزاب الحركة الكردية  ” 12 حزباً ” ..
ولكن بازديـاد وتيرة الأحداث في سـوريا ، بالتزامن مع حالة الارتباك والتشرذم في صفوف الحركة الكردية … كان لا بـد من الخيرين في الحركة السياسية ومن أبناء شـعبنا الكردي من السعي الحثيث باتجاه رص الصف الكردي, مقدمين تضحيات مشرِّفة للوصول إلى هذا الهدف النبيل لحمايـة شعبنا الكردي من أية مخاطر قد تلم به من جهة, ومن جهة أخرى للنضال ككتلة واحدة تسعى إلى تحقيق الأهداف القومية المشـروعة للشعب الكردي … ففي ال26 من شهر تشرين الأول عام 2011م تكللت تلك الجهود بالنجاح , بدعوةٍ من أحزاب الحركة الوطنية الكردية في سوريا وحضور أكثر من 250 مندوب، شمل مناضلين أوائل في الحركة الكردية وشخصيات وطنية مستقلة وممثلين عن المجموعات الشبابية وكذلك ممثلي الأحزاب المشاركة، ونشطاء يمثلون لجان حقوق الإنسان ، وفعاليات اجتماعية وثقافية وإعلامية . واعتبر المؤتمر مجلساً وطنيا كردياً كممثلٍ رئيسي للشعب الكردي في سوريا . كان انعقاد هذا المؤتمر وتمخضه عن هذه القرارات في هذا الظرف الحساس والمصيري بالنسبة لنا ككرد وكسوريين ، كان بمثابة شعاع الأمل الذي قد يؤول في النهاية إلى مرجعية كردية شاملة لشعبنا الكردي, خاصةً, وأنه لقي من التأييد الكردستاني الشيء الكثير, وكان ذلك جلياً في رسالة التهنئة التي بعث بها الرئيس مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان العراق للمؤتمر ومن ثم استقبال قيادة المجلس الوطني الكردي في أربيل من قبل سيادته وحكومة إقليم كردستان, وكذلك لقاء ممثلين عن أحزاب كردستانية عراقية وتركية وإيرانية مع وفد المجلس الوطني الكردي في إقليم كردستان العراق, بالإضافة إلى الاستقبال الرسمي لوفد المجلس الوطني الكردي في القاهرة من قبل أمين عام الجامعة العربية “نبيل العربي”, وكذلك لقي من الدعم الدولي الشيء الكثير, والمظاهرة الحاشدة في أربعاء دعم المجلس الوطني الكردي في مدينة القامشلي ، ومظاهرات المجلس الوطني الكردي يمثلني في عامودا ، درباسية ، كوباني ، وديرك … ولذلك كان الحفاظ على هذا المجلس الفتي ضرورة ملحة وواجباً أساسياً لجميع القوى السياسية الكردية, فبدأ المجلـس بتشكيل مجالسه المحلية بشكل جدي وتوزيع المهام المأمول منها والتي تصب في خدمة الجماهير, وبدأ التفاؤل يسود الشارع الكردي من أدائه وبدأ يكسب شعبية واسعة على امتداد تواجد أبناء شعبنا , وبدأ نشاطه السياسي يتسع إقليما وكردستانياً و دولياً .
ومع تشكل مجلس الشعب في غرب كردستان كان لا بد من الاتفاق والتفاهم بين كلا المجلسين لتوحيد الجهود المشتركة لقيادة الجماهير فكان تشكل الهيئة الكردية العليا لتكون بمثابة حالة متطورة من التنسـيق بين القوتين الكرديتين على الأرض , وذلك برعاية كريمة من السيد مسعود البارزاني رئيس الإقليم , ومع تعطيلها لفترة من الزمن , ونظراً للظروف الصعبة والدقيقة التي تمر بها المنطقة وسوريا والمناطق الكردية بشكل خاص, والهجمات الشرسة من قبل قوى الإرهاب وفي مقدمتها داعش مستهدفة الوجود القومي الكردي, وبناءً على الدعوة الكريمة من السـيد مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان , وفي دهـوك بتاريخ 14/10/2014م ولغاية 22/10/2014م اجتمع وفد المجلس الوطني الكردي وحركـة المجتمع الديمقراطي , وبإشراف ممثل رئيس إقليم كردستان, حيث اتفق الجانبان على ما يلي: المرجعية السياسية الكردية– الإدارة الذاتية الديمقراطية– الحماية والدفاع, وتم التوقيع على اتفاقية دهوك في 22/10/2014م بإشراف الرئيس مسـعود البارزاني , والتي باركتها كافة القوى السياسية الكردية والكردستانية وأبناء شعبنا في كل مكان .
إن النجاح الذي حققه المجلس الوطني الكردي منذ بدايته لم يرق لبعض القوى الإقليمية, والتي اعتبرت أن المكاسب القومية للكرد في سوريا تهدد أمنها القومي , فبدأت بفعل ما تستطيع لتبديد أية آمال تلوح في أفق القضية الكردية ومن أهمها إجهاض وإفراغ المجلس الوطني الكردي من أية إمكانية لتماسكه من خلال محاولة خلق النزاعات والصراعات الهامشية في صفوفه .
ولقد كان حزبنا الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) من المؤسسين والمؤمنين بدور المجلس الوطني الكردي في سوريا وأهمية توحيد الصف والخطاب الكردي, وعمل جاهداً من أجل ذلك, ووقف سداً منيعاً في وجه كل المحاولات الرامية إلى تعطيل المجلس الوطني الكردي وإفشاله في أداء مهامه , وقاوم بحزم كل المؤامرات التي سعت لتأجيج الصراع الكردي – الكردي , وجعل القضية الكردية في مهب الريح. عليه فإننا ندعو جميع المخلصين من أبناء شعبنا الكردي من شخصيات مستقلة ومنظمات شبابية ونسائية وأحزاب سياسية إلى التنبه لما يحاك في الداخل والخارج للنيل من القضية الكردية في سوريا والمكتسبات الأولية التي تم تحقيقها , كما أننا في الوقت نفسه ندعو الأخوة الكردستانيين وفي مقدمتهم السيد مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان العراق بصفته كقائد كردي وراعٍ للاتفاق أن يتدخلوا سريعاً لوضع الاتفاقية على مسارها الصحيح, وعدم السماح لما تكرر سابقاً.
كما أننا نؤكّد مجدّداً وكما عهدتنا جماهيرنا الوطنية من أبناء شعبنا الكردي بأننا مستعدون لتقديم كل ما يتطلب منا من تضحيات في سبيل وحدة الصف الكردي, هذا هو نهج البارتي على مرّ تاريخه النضالي, وهذا ما يمليه علينا ضميرنا وحسّنا الوطني في هذا الزمن العصيب, خاصةً إذا ما عرفنا أن وحدة الكرد سيكون الضامن الحقيقي لنيل شعبنا الكردي لحقوقه القومية المشروعة, كما سيكون لها الكلمة الفصل في مسيرة الأحداث في سوريا المشتعلة .
* لسان حال اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا ( البارتي )
لقراءة مواد العدد انقر هنا  dengekurd_480

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…