كوباني الانتصار الذي لم يكتمل بعد

سمير احمد

الخبر المفرح والبشرى  السارة التي اعلنها قائد قوات البشمركة في كوباني أثلجت قلوبنا نحن الكرد بالانتصار على هؤلاء الرعاع وشذاذ الافاق وقطعان الفاشية من ايتام البعث العراقي والسوري وبعض من حثالات المجتمعات التي تعيش في بعض البلدان العربية والغربية ومن بعض الدول الاسلامية حيث تعددت دوافع هؤلاء الغزاة والهمج حيث تداخل القومي المتطرف مع الديني السلفي ولكن الهدف كان واحداً لهؤلاء جميعاً وهي إستباحة كردستان العراق وكردستان سوريا ظنناً منهم بأن السبيل الوحيد لتحقيق افكارهم المريضة هذه لايتم الا عبر تدمير كل ماهو جميل وحضاري والرجوع بنا الى العصر الحجري ومن خلال الترويج لثقافة مشوهة ممزوجة ببعض الشعارات القومية والدينية المقيتة وبان دخول الجنة لا يتم الا من خلال تدمير مدننا وتهجير شعبنا وسرقة ونهب ممتلكات الكرد كما حدث في الكثير من المناطق الكردية من كردستان العراق وكردستان سوريا وخاصة في مدينة كوباني مدينة الاباء والكبرياء.
وأن الانتصار الذي تحقق بتاريخ 26.01.2015 شيء جميل ولا بد منه على هؤلاء الهمج داعش واخواتها ومن يدعمهم في المنطقة وعلى راسهم الدول الغاصبة لكردستان (سوريا ,العراق,تركيا ونظام الملالي في طهران) ولكن يبقى هذا الانتصار ناقصاً ما لم نتوقف على الاسباب الحقيقية التي ادت الى تلك الهزيمة من خلال قراءة علمية, نقدية وحيادية لتلك الاسباب التي صنعت تلك الكارثة التي حلت بشعبنا في كوباني حيث الدمار في كل مكان ماعدا الكلفة البشرية والمادية وان نستخلص العبر من هذه النكسة لكي لاتتكرر مرة اخرى في باقي المناطق الكردية ولو باشكال قد تختلف عن ماحدث في شنكال او كوباني وان الانتصار في كوباني انتصار لشعب كردستان وكانت ثمرة وحدة الموقف الكردستاني والجهد المشكور لقيادة الاقليم الكردي بزعامة الرئيس البارزاني من خلال دعم مقاومة شعبنا في كوباني والتحالف الدولي الذي بناها في وجه همج العصر داعش وتضحيات ابناء شعبنا بمختلف مشاربهم وإنتماءاتهم السياسية وكذلك تضحيات بعض فصائل الجيش الحر.
نعم كانت النكبة التي حلت باهلنا في مدينة كوباني بتاريخ 16.09.2014 درساً قاسياً بكل المقاييس للشعب الكردي في الاجزاء الاربعة وخاصة في المناطق الكردية من كردستان سوريا لقد استباح هؤلاء الهمج من قطعان وأيتام البعث الشوفي في كل من سوريا والعراق كوباني و الريف الكوباني وعثوا فيها فساداً وإفساداً .وهجومهم بتاريخ 02.08.2014  على بعض المناطق الكردستانية في كردستان العراق بعد الاستلاء على مدينة الموصل بتاريخ 09.07.2014 .
نكبة كوباني كانت النتيجة الطبيعية لتضافر عدة عوامل حيث تداخل المحلي بالاقليمي أي المؤامرة كانت مركبة على الوجود الكردي في المناطق الكردية من كردستان سوريا  وهنا نذكر على سبيل المثال لا الحصر الاسباب الرئيسة التي صنعت النكبة:
1- همجية هؤلاء الرعاع (السفلة) وشذاذ الافاق (الغرباء) في التعامل مع الاخر المختلف معه حيث الخراب والقتل وجز الرؤوس والسلب والنهب وسبي النساء أينما حل هذا اللقيط الذي يسمى اليوم بداعش كان نتيجة تزاوج الديني المتطرف (السلفي) مع القومي العنصري (الشوفيني) الذي لايؤمن بثقافة العيش المشترك مع الاخر ولايملك سوى ثقافة الحقد والكراهية تجاه الغير ولاهدف لهم سوى القتل والرجوع بنا الى الوراء مئات السنين.
2- إستغلال هؤلاء الارهابين حالة التمزق والتشتت التي تعيشها المناطق الكردية في كردستان سوريا والصراعات داخل البيت الكردي . مما جعلت المناطق الكردية فريسة وهدفاً سهلاً لتلك القطعان للإنقضاض عليها منطقة تلوى الاخرى.
3- ضعف المشروع الوطني والديمقراطي الذي يجمع أبناء البلد الواحد بكل قومياته وطوائفه ومشاربه بل غيابه في اكثر من مكان في منطقتنا .
ولايمكن محو اثار تلك النكبة التي حلت بأهلنا في كوباني إلا من خلال وحدة الصف الكردي والاستعداد للمعركة الفاصلة مع هؤلاء الارهابين وما حصل لكوباني العزيزية أكدت وبوضوح بأن أي طرف سياسي لوحده مهما بلغ من القوة لايمكن له ان يحمي قرية كردية .ويجب على الكرد الحذر من تلك الاصوات والمواقف التي تظهر بين الفينة والاخرى والتي تحاول وبشى الوسائل  إفشال أي عمل كردي قد يفيد شعبنا وخاصة في هذه الظروف الحساسة والمصيرية التي تمر بها بلدنا سوريا ويجب عدم الاستهانة نحن الكرد بدواعشنا لانهم اصبحوا جيش وقوة لايستهان بهم جيش من الفاسدين واللصوص والمتاجرين بالقضية والعملاء اللذين ارتبط مصالحهم بأجهزة الاستخبارات المحلية والإقليمية بل وحتى الدولية ولايستطيعون مغادرة خنادقهم الحزبية. وهنا يجب علينا ان لاننسى دور بعض الاقلام المأجورة والمدفوعة الثمن سلفاً والتي تدعي الثقافة والثقافة منهم براء من خلال محاربة كل شيء دون تقديم اي بديل عملي لشعبنا للتخفيف من معاناته اليومية اي لايعجبهم العجب وانهم بعملهم هذا يزيدون من معاناة شعبنا من خلال خلق ثقافة مشوهة والتي تؤدي الى وعي مشوه والتي ستكون لها اثار سلبية على المدى القريب والبعيد على مجتمعنا الكردي.
وبهذه المناسبة نحيي المقاومة الباسلة لأهلنا في كوباني ضد هؤلاء الغزاة ومعهم جميع الاحرار في العالم ونحيي التحالف الدولي الذي تشكل لمواجهة هذا التنظيم الارهابي كما نحيي مواقف حكومة إقليم كردستان العراق وبشخص الرئيس البارزاني  الذي وقف مع كوباني مادياً وسياسياً ولم يدخر جهداً في مساعدة شعبنا في هذه المدينة الباسلة وغيرها من المناطق الكردية المنكوبة . ورعايته الكريمة لإجتماعات دهوك بين الاطراف الكردية السورية من اجل التقارب بين مجلس غرب كردستان والمجلس الوطني الكردي  لوضع استراتيجية سياسية وعسكرية  موحدة لحماية المناطق الكردية في كردستان سوريا وتحقيق الحقوق القومية  المشروعة للشعب الكردي في كردستان سوريا ولمنع تكرار ماحدث لكوباني العزيزة.
ولكن بعد هذا الانتصار الرمزي على هؤلاء الهمج والتي كانت ثمرة  جهد كردستاني ودولي والتي كانت بمثابة رسالة لهؤلاء الغزاة بان غزو المناطق الكردستانية  لم ولن تكن نزهة لتلك القطعان وستكلفهم الكثير الكثير ويجب عليهم التفكير ملياً قبل الاقدام على اي عمل عدواني على المناطق الكردستانية ورسالة للصديق قبل العدو بأننا نحن الكرد تمكنا من هزيمة داعش على اسوار كوباني وشنكال وان دماء أبنائنا بمختلف إنتماءاتهم ومشاربهم السياسية هي الوحيدة والكفيلة بمحو اثار تلك النكبة والهزيمة الموقتة التي حصلت لنا في شنكال وكوباني وغيرها من المناطق الكردستانية كما دم سيدنا المسيح الذي اصبح بمثابة الكفارة لذنوبنا نحن البشر التي ورثناها من ابوينا ادام وحواء .
ولكن مازال البعض حتى بعد هذا الانتصار والذي لم يكتمل بعد يحاول وبشكل من الاشكال الاساءة الى تلك التضحيات والدماء من خلال إستغلالها لأجندة حزبية ضيقة وتفريغها من محتواها من خلال الاشادة وتمجيد بعضها ونسيان واهمال باقي التضحيات والتي كانت لها دوراً كبيراً في عملية صنع الانتصار من خلال إعلام كاذب ومغرض يقوم بلوي عنق الحقيقة لمصالح ومأرب لامصلحة لشعبنا فيها .مثل البيان الاخير الذي صدر من قبل اللجنة التنفيذية لحزب  ب ي د بتاريخ 26.01.2015 والتي جاءت مخيبة للأمال الكردية تلك الجماهيرالتي كانت تتوقع الكثير من التغيير في موقف هذا الحزب والتخلي عن عقلية الحزب الواحد  وكانت ضربة لجهود حكومة الاقليم الكردي (كردستان العراق) ولشخص الرئيس البارزاني الداعم الاساسي لشعبنا الكردي في محنته هذه ورسالة لهؤلاء الدواعش ومن يدعمهم بأن الكرد عادوا الى مرحلة الصراع والتناحر من جديد وانني اجزم بأن هناك أيادي غير نظيفة ومتامرة وراء هذا البيان المذكور والتي تريد إجهاض اي عمل كردي موحد لان هؤلاء لايريدون ان تكتمل الانتصار لانهم لايستطيعون العيش معها لانهم مدمنين على الهزائم والتأقلم معها لانها تحمي مصالحهم الشخصية والحزبية من خلال تمديد امد الازمة والتي يظنون بانها مبرراً لبقائهم.
وتهربهم من إلتزاماتهم من مرحلة مابعد التحرير والتي هي مرحلة البناء وإعادة المهجرين وتعويضهم وتكريم الشهداء وعوائلهم مادياً ومعنوياً هؤلاء الشهداء اللذين ضحوا بأغلى ما عندهم . ولان مرحلة البناء يحتاج الى جهود جميع أبنائها من خلال وضع خطط وبرامج من قبل مختصين ومهنيين للبدء في عملية البناء وإنشاء صناديق التمويل بدعم ومساعدة الدول الصديقة للشعب الكردي وخاصة الدول الغربية من خلال الاستفادة من السمعة الطيبة التي إكتسبها شعبنا الكردي في العالم بانه يمثل الخط الدفاعي الاول للعالم ضد هؤلاء الارهابين ومن يدعمهم وكذلك من إمكانيات حكومة وشعب إقليم كردستان العراق وعن الامكانيات المالية الكبيرة التي يملكها حزب العمال الكردستاني وخاصة الاموال التي جناها خلال الثلاث السنوات الماضية والتي تقدر بمليارات الدولارات والتي ستكون كافية لبناء مدينة كاملة اذا كانت هناك ارادة البناء هذه والتي سيكتمل بها الانتصار عندما يعود اهلنا الى وضع افضل من ما كان هم عليه سابقاً.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف تعود سوريا اليوم إلى واجهة الصراعات الإقليمية والدولية كأرض مستباحة وميدان لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى والإقليمية. هذه الصراعات لم تقتصر على الخارج فقط، بل امتدت داخليًا حيث تتشابك المصالح والأجندات للفصائل العسكرية التي أسستها أطراف مختلفة، وأخرى تعمل كأذرع لدول مثل تركيا، التي أسست مجموعات كان هدفها الأساسي مواجهة وجود الشعب الكردي، خارج حدود تركيا،…

روني آل خليل   إن الواقع السوري المعقد الذي أفرزته سنوات الحرب والصراعات الداخلية أظهر بشكل جلي أن هناك إشكاليات بنيوية عميقة في التركيبة الاجتماعية والسياسية للبلاد. سوريا ليست مجرد دولة ذات حدود جغرافية مرسومة؛ بل هي نسيج متشابك من الهويات القومية والدينية والطائفية. هذا التنوع الذي كان يُفترض أن يكون مصدر قوة، تحوّل للأسف إلى وقود للصراع بسبب…

خالد حسو الواقع الجميل الذي نفتخر به جميعًا هو أن سوريا تشكّلت وتطوّرت عبر تاريخها بأيدٍ مشتركة ومساهمات متنوعة، لتصبح أشبه ببستان يزدهر بألوانه وأريجه. هذه الأرض جمعت الكرد والعرب والدروز والعلويين والإسماعيليين والمسيحيين والأيزيديين والآشوريين والسريان وغيرهم، ليبنوا معًا وطنًا غنيًا بتنوعه الثقافي والديني والإنساني. الحفاظ على هذا الإرث يتطلب من العقلاء والأوفياء تعزيز المساواة الحقيقية وصون كرامة…

إلى أبناء شعبنا الكُردي وجميع السوريين الأحرار، والقوى الوطنية والديمقراطية في الداخل والخارج، من منطلق مسؤولياتنا تجاه شعبنا الكُردي، وفي ظل التحولات التي تشهدها سوريا على كافة الأصعدة، نعلن بكل فخر عن تحولنا من إطار المجتمع المدني إلى إطار سياسي تحت اسم “التجمع الوطني لبناء عفرين”. لقد عملنا سابقاً ضمن المجتمع المدني لدعم صمود أهلنا في وجه المعاناة الإنسانية والاجتماعية…