قراءة أولية للقاء «جمع معارض» بالقاهرة

صلاح بدرالدين
     كشف الاجتماع الأخير لبعض – المعارضات – بالقاهرة ومارافقته من تجاذبات بشأن الجهة الداعية ومرجعيات المدعوين ومقاييس التمثيل وبيانات المقاطعة من الكتل والمجموعات والطعن والتشكيك انتهاء بالبيان الختامي الاشكالي الصادر من ( بمن حضر ) على الطريقة الروسية جانبا آخر من حجم الأزمة المتفاقمة في أوساط تلك – المعارضات – التي لم تفرزها الثورة ولم تخولها ولم تباركها يوما من الأيام بل تسللت الصفوف طوال الأعوام الأربعة الماضية حاملة معها عن سابق تخطيط أو تكليف أو غباء كل الآيديولوجيات والمواقف والسياسات التي تؤسس للثورة المضادة وتمهد السبيل للعودة الى أحضان نظام الاستبداد تحت ادعاءات ( الحفاظ على الدولة والمجتمع ) وللأسف لم تترك في كل ممارساتها أثرا طيبا في الذاكرة الوطنية السورية ونفوس الثوار والمناضلين .

 

    هذه المدة الطويلة من عمر الثورة وذلك الحجم الهائل من التضحيات والمآسي والخراب وتلك السلسلة الطويلة من التجارب والاختبارات قد يكون كافيا لاتخاذ المزيد من العبر والدروس والاستخلاصات وفي المقدمة فشل المراهنات على عواصم النظام العربي والإقليمي الرسمي الذي تتناقض مصالحه بصورة جذرية مع أهداف ثورات الربيع عموما في الحرية والتغيير الديموقراطي والثورة السورية على وجه الخصوص بكل ماتحمل من خصوصيات فريدة بشأن قضايا المنطقة التي تمس مباشرة حاضر ومستقبل دول الإقليم وأنظمتها التي أحوج ماتكون هي نفسها الى الموجات الربيعية أيضا من دون نتجاهل أن الواقعية السياسية لاتنفي الصداقات الوقتية والتحالفات المرحلية والمصالح المشتركة الآنية ولكن من منطلق استقلالية القرار الوطني وصيانة الثورة وليس التبعية المطلقة لهذا المحور الإقليمي أو ذاك أو الذهاب بعيدا في وهم إمكانية اللعب على تناقضات المحاور الإقليمية من واقع الضعف والعوز والحاجة والتشتت كما حالة – المعارضات – الراهنة .
  بدأت الأزمة منذ قيام – المجلس الوطني السوري – بتسلط اخواني ومباركة تركية – قطرية وكاجراء فوقي بمعزل عن الشرعية الثورية والاجماع الوطني ولم يظهر البديل المناسب على انقاضه بعد الفشل تلو الفشل الى درجة الإفلاس حيث لم يكن – الائتلاف – الا وليدا مشوها آخر سار على نفس النهج السابق بتعويم الخضوع الكلي للنظام الإقليمي الرسمي وغاب عن الجميع أن الطريق لاصلاح – المعارضات – لاتمر عبر العواصم بكل مصالحها المتناقضة وفساد أنظمتها والمطلوب ليس تحسين أوضاع – المعارضات – المادية والدبلوماسية وافتتاح المزيد من المكاتب والممثليات لموظفيها والمستفيدين من وجودها بل الأولوية القصوى لتعزيز صفوف الثورة وهيكلة عمودها الفقري وأقصد تشكيلات الجيش الحر وإعادة اللحمة بينها وبين الحراك الوطني الثوري العام وتوفير شروط تحقيق أهداف الثورة باسقاط نظام الاستبداد وتفكيك سلطته وإعادة بناء سوريا التعددية الديموقراطية الجديدة .
   في غضون النصف الأخير من العام الفائت تناول العديد من الحريصين على تجديد الثورة من  مثقفين واعلاميين وتوصلوا الى نتائج من شأن الأخذ بها تذليل العقبات أمام مسيرة الثورة ومن أبرزها : العودة الى الشعب بدلا من التيه في العواصم العربية والإقليمية وسلوك الطريق السوي في معالجة الأزمة بدلا من اللف والدوران والتركيز على الهدف الرئيسي بتوفير شروط نجاح عقد المؤتمر الوطني العام في بقعة من الأرض المحررة أو مكان آخر مناسب يسبقه تشكيل اللجنة التحضيرية التي يجب أن تعبر قدر الإمكان عن ممثلي غالبية المكونات والتيارات الذين لم يتورطوا في التجاوزات والفساد وتكون منوطة بالاعداد والدعوات وصياغة مشاريع البرامج وخرائط الطريق ومن أجل توفير شروط النجاح لابد أن يكون التمثيل عادلا بحيث يكون النصف من تشكيلات الجيش الحر والثوار والباقي يتوزع بين الناشطين الشباب والحراك الثوري الوطني العام ومنظمات المجتمع المدني ويمكن مشاركة ممثلي – المعارضات – بنسبة خمسة بالماءة على أكثر تقدير .
   الذين اجتمعوا بالقاهرة والمدعوون الى موسكو إضافة الى أنهم لايمثلون الثورة وغير مخولين منها فان تمثيلهم للمعارضات بالذات مطعون فيه وغالبيتهم تثار من حولهم شبهات الارتباط بأجهزة نظام الاستبداد والجانب المتعلق بالكرد أكثر وضوحا وكمالا على أية حال الى درجة أن البعض يعتقد بأن الحركة الأخيرة الغامضة تجاه العاصمتين تحمل هدفا محددا وهو التسويق لجماعات أكثر موالاة للنظام لتسهيل عملية الاتفاق مع نظام الأسد حسب أجندة روسيا وايران وغطاء مصري في زحمة انشغال السعودية بانتقال السلطة والانشغال بالملف اليمني .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…