نظام ايران وراء قطعان الردة والشقاق

 

صلاح بدرالدين
 

 

    يوما بعد يوم تتوسع دائرة خطر النظام التيوقراطي – العنصري الجاسم على صدور شعوب ايران متجاوزة دول الجوار وبلدان الخليج التي تعاني احتلال جزرها وتهديدات ابتلاع المزيد واوجه الابتزاز عبر مختلف الضغوطات العسكرية والأمنية واستخدام جماعات باسم الأصل والمذهب لزعزعة استقرارها الداخلي وضرب وحدتها الوطنية لتشمل العراق وسوريا ولبنان واليمن وقطاع غزة وقد شهدت الشهور الأخيرة وفي ظل المفاوضات الإيرانية – الغربية والتفاهم مع الإدارة الأمريكية بشأن ترتيبات الوضع العراقي والحرب على – داعش – نقلة نوعية سريعة في مجال مضاعفة العدوان والتدخل بشؤون دول وشعوب المنطقة وكأن هذا النظام الأرعن  حصل على ضوء أخضر من دوائر القرار في الغرب الى درجة أن الرئيس الأمريكي يناشد الكونغرس بعدم اصدار عقوبات جديدة على حكام طهران .

 

   المساحات الخاضعة للنفوذ الإيراني في طول المنطقة وعرضها  ليست على شكل المستعمرات التقليدية ولاتظهر فيها للعين المجردة أية مظاهر تثبت تواجدا عسكريا بزي الجنود الإيرانيين أو معسكرات تضم حراس الثورة والباسداران والفيالق ولولا انكشاف أمر بعض القتلى من جانب الجيش السوري الحر خلال معاركه مع جنود وشبيحة نظام الأسد أو أشلاء ضباط كبار خلال الغارات الاسرائلية كما حصل في مدينة القنيطرة بالجولان لبقي التدخل العسكري والأمني الإيراني في بلدان المنطقة طي الكتمان من دون دلائل واثباتات حسية ملموسة .
  الامتداد الإيراني في المنطقة مسألة أمنية مخابراتية في غاية السرية ويتخذ الطابع الآيديولوجي على الصعيدين المذهبي والسياسي ويتكيف بسلاسة مع الواقع الاجتماعي لكل بلد ومنطقة معتمدا على قاعدة الاتفاق المبدئي والتعاقد حول مواضيع ذات المصلحة المشتركة يكون فيها الجانب الإيراني ملتزما بتقديم المال والسلاح والخبرة والتدريب ويتكفل الطرف المقابل بتنفيذ المخططات والعمليات وتقديم القوى البشرية .
  هناك مشتركات عامة على الصعيدين النظري والعملي يخضع لها جميع مواقع ومساحات امتداد النفوذ الإيراني أنظمة كانت أم حكومات أم أحزابا أم حركات وجماعات من النظام السوري والحكومة العراقية والميليشيات الشيعية وحزب الله اللبناني مرورا بجماعات – ب ك ك – السورية والحوثيين وبعض أجنحة حركة الاخوان المسلمين كحركة – حماس – مثل : العمل العنفي وقوة السلاح وتدشين المربعات الأمنية الغيتوية الانعزالية وإقامة سلطات الأمر الواقع أو دولا داخل الدول وتمجيد المرجعية والقائد الملهم والتغني بالشعارات البراقة الممانعة من دينية وقومية ومذهبية وإلغاء الآخر المختلف وتخوينه وعسكرة المجتمع وزج الشباب حتى القصر من رجال ونساء في معمعمة الحروب وعدم الالتزام بالعهود والاتفاقيات والطعن من الخلف والميكيافيلية المفرطة على قاعدة الغاية تبرر الواسطة والمبالغات في المجال الإعلامي الدعائي مع توفر خصائص محلية لكل طرف من تلك الأطراف تخضع بنهاية الأمر لأولويات المشتركات .
  لدى التدقيق في مسار كل طرف من هذه الأطراف على حدة وفي مواقع فعله نتوصل الى نتيجة واضحة بأن الوظيفة الرئيسية الأبرز لمكونات هذا النهج مصدرا وتفرعات هي القيام بدور الثورة المضادة في مواجهة ثورات الربيع وزرع العراقيل أمامها وموالاة أنظمة الاستبداد والمساهمة في تشويه صورة الانتفاضات واغراقها بالجماعات الإرهابية وتحويل وجهة صراعها الرئيسي مع المنظومات الأمنية الدكتاتورية الى مواجهات جانبية ذات الطابع العنصري أو الديني أو المذهبي هذا ماعمل عليه النظام الإيراني بكل وضوح عبر جماعاته في سوريا .
  كل من تابع خطاب زعيم الحركة الحوثية اليمنية المقلد لخطابات زعيم حزب الله وممارسات أنصاره  قبل أيام يدرك أنه لخص بكل دقة شكل ومضمون النهج المدمر المتبع لدى جميع أطراف التمدد الإيراني في المنطقة وأساليبها الملتوية وأضاليلها المكشوفة .
  هل نحن أمام نوع جديد من الردة ؟ أم شمولية يمتزج فيها الدين والمذهب والقومية ؟ وهل نحن أمام مجتمع دولي ساذج تنطلي عليه الأضاليل ويفاضل بين إرهاب وآخر ؟

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…