الأحزاب الكوردية والبعد الاجتماعي

 

أكرم الملا

 

إن السياسيين الكورد في كوردستان سوريا لم يستطيعوا من التعاطي الايجابي المطلوب مع المجتمع الكوردي، والاتساق مع طموحاته، خصوصاً وأن السياسي الناجح هو من يتكئ على جمهوره لا على تاريخه أو نسبه أو حسبه، وإلا الكثير من الشخصيات الكوردية اليوم تملك التاريخ ولكنها لا تملك الجمهور.
إن عملية الشدّ الحزبي بين النخب السياسية قد أدى إلى ما نسميه التنافر الاجتماعي لدى أبناء الوطن الواحد، كون النخبة السياسية قد تخلت إلى حدّ كبير عن رسالتها الأساسية التي يجب أن تكون معبرةً عن التّلاحُم والألفة بين أبناء الشعب الواحد.

 

والنّظرة الدونية من قبل بعض الحزبيين والسياسيين للمجتمع، والابتعاد كلياً عن هموم الشارع الكوردي ومعاناته، هذا أحد الأسباب المهمة التي أفشلت السياسي الكوردي، وجعلته محط انتقاد شديد تصل أحياناً وللأسف إلى درجة الاستهزاء.
إن غلبة شعور الانتماء الحزبي على المجتمعي قد سبّب شرخاً في العلاقة المدنية بين السياسي والمجتمع، فصار الولاء للحزب بدل القضية والوطن، وصار الدفاع عن الحزب أكثر أهمية من الدفاع عن المواطن، وهذا بأجمعه نابع من ضعف الثّقافة السياسية لدى سياسينا، والنظرة القاصرة لفهم المشاكل والتحديات، وكيفية معالجتها سياسياً، فنرى افتعال الأزمات والصراعات الحزبية وتضخيم المشاكل الصغيرة، وتقزيم المهام الكبيرة، وفي بعض الأحيان وصل الحال بنا إلى حد المواجهة، فبدل أن نسعى لتثبيت وترسيخ مبادئ الوجود الديمقراطي والممارسة الديمقراطية نعيش اليوم الصراع الحزبي.
من المؤسف حقا أن غالبية القيادات الحزبية الكوردية، لا تدرك حجم التحدّيات والمخاطر التي تواجهها قضيتنا المركزية خصوصا إذا ما علمنا بأن بعض شرائح المجتمع الكوردي قد وصل بهم الأمر إلى كراهية اسم الاحزاب وسياستها مما يُضعف بينة الأحزاب الجماهيرية والتنظيمية.
إن مستوى الشدّ الحزبي الذي غطى على المهام الحقيقية لنضال الأحزاب وأهدافها يدعو إلى المزيد من التركيز على تجاوز المرحلة بأقل الخسائر، وعبر مستويات معقولة من التضامن السياسي، لأن طبيعة الأداء السياسي للنخب السياسية والحزبية لا تشير إلى تبنيها منهجا تصالُحيا باتجاه الدفاع عن حقوق الشعب الكوردي.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…