غرب كوردستان صراع الاقطاب

 

صبري حاجي
 

 

الصراع في غرب كوردستان قديم جديد يعود تاريخه الى ما قبل الثورة السورية وبعدها حيث تشكلت على اثرها مجموعتان متنافرتان متناحرتان هما المجلس الوطني الكوردي وحركة المجتمع الديمقراطي لكل منهما مصالحه الخاصة واجنداته المحلية والاقليمية وحتى الدولية ومفهوم ورؤية مختلفة لحل القضية الكوردي باختلاف الاجندات والمحاور التي انخرطوا فيها بارادتهم او بدونها بناءا على النهج والفكر الايديولوجي السائد لهما حيث تمسك الاول بالحل السلمي والسياسي الصرف دون ان تعير اي اهتمام للحراك الشبابي الثوري وتنسيقياته خوفا من وقوع حرب اهلية بين مكونات المنطقة حفاظا على العلاقات التاريخية التي تربط بينها.

 

لعدم فهمه واستيعابه للواقع الجديد في الشرق الاوسط عبر ثورات الربيع العربي خاصة في سوريا والظروف الموضوعية المواتية التي تتجه لصالح حل القضية الكوردية التي اعتبر اعضائه العقدة التي تستحيل حلها الا بعد ان تحقق الاجزاء الثلاث الاخرى تقدما ملحوظا باتجاه الحصول على حقوقهم القومية المشروعة والعادلة دستوريا وضمن اطارالدول التي التحقوا بها قسرا واصبحوا جزءا منها باختلاف الانظمة ومفاهيمها وعدم تهيأته ذاتيا للاستفادة من المتغيرات التي طرأت على الساحة السورية عموما ومناطق تواجد الكورد على وجه الخصوص .
وفي خضم الفوضى العارمة وانتشار الشبيحة في كل حدب وصوب و القتل العشوائي اضحى من الامور الروتينية اليومية بين القطاعين المدني والعسكري وانشقاق العديد من ضباط الجيش والمسؤولين الحكوميين الامنيين منهم والرسميين وتدخلات خارجية لا سابق لها واختراق الاجهزة الاستخباراتية العالمية واستغلالها للحالة حتى تبقى الامور في قبضتهم وتحت انظارهم نتيجة تفضيل النظام الحل العسكري على الحل السياسي السلمي تشكلت معارضات سياسية ومسلحة في جميع اجزاء البلاد وعلى اكثر من جبهات بمساهمة الجوار الاقليمي والدولي وفق ما تقتضي ومصالح تلك الجهات.
اتجه المجلس نحو الانضمام الى ائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية ليتخذ له مكانة فيها لكسب تأييد الدول الداعمة للائتلاف والاستفادة من اجندات القوى الاقليمية في المسألة السورية أملا لتحقيق مكاسب له على الارض علاوة على دعم رئيس الاقليم السيد مسعود البرزاني على اعتبار ان القوى الاقليمية هي التي ستحدد شكل الحل النهائي للأزمة السورية المستفحلة ودوره في التأثير في هذه المسألة لايجاد حل عادل ومشروع للكورد في سورية المستقبل من دون اسد وتثبيت ذلك في الدستور القادم كشعب يعيش على ارضه التاريخية .
وبسبب انشغال المجلس بصراعاته الداخلية المزمنة بتجلي سياسته في غير صورته الحقيقية ومراوحته اكثر من اللازم في مكانه وتدهور الشعور بفقدان الثقة المتبادلة فيما بينهم والاذعان لمن هو الاقوى على الارض وارتباط رؤاهم ومصالحهم للجهة التي حققت مكاسب ادارية وعسكرية على الارض اتجه جماعة نصرالدين ابراهيم وشيخ ألي وفوزي شنكالي وصفقوا  ل تف دم في المرجعية السياسية المنبثقة عن اتفاقية دهوك لتحقيق المزيد من المكاسب والامتيازات بالتوازي من الطرفين المتصارعين وذلك كالجمل الذي يمكث في النهر ليتعشش من جانبيه .
في المقابل اتخذ حركة المجتمع الديمقراطي منذ البداية موقفا مغايرا من الاحداث والوقائع والظروف الجديدة بعكس موقف المجلس لتكون جزءا من رياح التغيير التي تعصف المنطقة برمتها حتى تستطيع ان تجري مع السفينة فسارعت من قنديل الى تفعيل الاتفاق الاستراتيجي القديم بينها وبين نظام الاسد واحيائه من جديد بأطر ومفهوم جديدين لخلق ازمة جديدة لتركيا من جهة وترك المناطق الكوردية بيد فصيلهم السوري من جهة اخرى ومساندتهم ماديا ولوجستيا على الرغم من ان الكثيرين نظروااليها على انها عملية خاسرة وغير طبيعية فوقفوا بالضد منها ومواجهتها لانه سبق للنظام وطرح الفكرة نفسها على الاحزاب التي انبثق عنه المجلس وقبل بالرفض .
لهذا وجد حزب الاتحاد الديمقراطي الكوردي صعوبات جمة على صعيد الوطني الداخلي فرغم محاولاته الحثيثة للاقتراب من الائتلاف السوري المعارض وكسب ود تركيا ورئاسة الاقليم ولكن بائت جميعها بالفشل فلم يكن اطراف المجلس يصدق ان تصبح قوات حماية الشعب التابع للحزب المذكور جزءا من التحالف الدولي ضد الارهاب وعلى الارض في كوباني ومناطق اخرى فحسب بل ومساعدتها بالسلاح والعتاد ايضا .
 هنا بدأت محاسبات بين اعضاء المجلس الذي اعتمد عبر الاقليم على التحالف نفسه الذي يمد قوات الطرف المنافس بما يلزم لمحاربة منظمة داعش الارهابي اذ مرت مناشدات تركيا المتكررة بانه جناح حزب العمال الكوردستاني المصنف ضمن قائمة سوداء الامريكية والتركية معا دون اي اصغاء امريكي .
هل هذا يعني بان المجلس شارف على نهايته ام انه ما زال هناك بصيص أمل فالكل يعلم بان المواقف تتغير بتغيير موازين القوى فالموضوع اذا بحاجة الى معادلة جديدة وفعالة وقوة خارقة لجهة تطبيق اتفاقية دهوك بصياغته الحالية .
وهل سيترك البرزاني حليفه الكوردي في سوريا ويرحب بجاره الجديد ب ك ك  دون منازع أم سيبحث عن مجلس أخر بديل عنه قادر على استيعاب الشارع الكوردي واستقطابه والالتفاف حوله على مستوى الحراك الشبابي الثوري والسياسي معا أم الاكتفاء ما بقي من المجلس بشكله الحالي وادخال قوات بيشمركة روج أفا التابع له الذين تم تدريبهم في الاقليم في ساعة الحسم.
ام ان هناك اتفاقا بين الاقليم وتركيا من جهة و العمال الكوردستاني من جهة اخرى يقضي بتخلي الاخير عن السلاح والانسحاب من قنديل والتمركز في المناطق المتاخمة لتركيا من الجانب السوري ذات الغالبية الكوردية تمهيدا لمنحه الاستقلال الذاتي بإدارة الاخير.
صبري حاجي .ماجديبورج .المانيا .17.1.2015

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…