عام جديد .. ولكن معارضة قديمة بائسة

 

صلاح بدرالدين

 

حظ السوريين العاثر من – معارضاتهم – ظهر في باكورة الساعات الأولى من اجتياز ثورتهم لعتبة عامها الرابع والانتقال الى العام الميلادي الجديد ولم يبشر بأي أمل مرجو وعزاؤهم الوحيد هو المحاولات المكلفة المزدوجة من جانب تشكيلات من ثوار الجيش الحر في بعض المناطق لتحقيق بعض التقدم ولم الشمل بين أبناء الخندق الواحد ( كماحصل في جنوب البلاد باعلان الجيش الحر الأول ) لتعزيز سبل التصدي أمام عدوان جيش النظام وحلفائه من جحافل العصابات المذهبية القادمة من خارج الحدود اضافة الى مواجهة كتائب الثورة المضادة من جماعات الاسلام السياسي الارهابية الظلامية في أكثر من محافظة ومنطقة في مساحة البلاد .

 

    نقول ذلك لأن – المعارضات – أثبتت للعام الرابع على التوالي أنها في واد والثورة في واد آخر وغير قابلة للتجديد ولا لقيام قادتها بأية مراجعة نقدية مهما كانت متواضعة ومضيها دون برنامج سياسي أو مشاريع للسلم والحوار والحل أو للحرب والمقاومة وتعودها منذ ظهورها – الملتبس – الى القيام بدور – رد الفعل – على مبادرات الآخرين ان كانت من الخارج بوكالة من النظام أو منه بشكل مباشر أو من قوى الثورة المضادة بالداخل      .
      العارفون من النخب الوطنية السياسية والعسكرية – وهم كثر – بحقيقة ومنشأ وبنية هذه – المعارضات – وتنبأوا بمآلها ومصيرها المفجع منذ أن تم الاعلان عن ( – هيئة التنسيق – و– المجلس الوطني – و – الائتلاف – ) وعشرات الكتل والجماعات على أسس غير ديموقراطية ومن دون أية شرعية ثورية من جانب ثوار الجيش الحر بالميدان الذين سبقوها بأشهر وأعوام ومن دون أية شرعية وطنية من جانب غالبية السوريين المشتركة بالحراك الثوري والانتفاض ضد النظام من شباب التنسيقيات والبيئة الشعبية الحاضنة في المدن والبلدات والأرياف .
  فبدلا من توجه رموز – المعارضات – ” وهم مايقارب العشرة ” المعتمدين الذين لعبت وسائل اعلام النظام العربي والاقليمي الرسمي في تحويلهم وجوها معروفة وليس لأنهم مناضلون أفرزتهم الثورة من صفوفها الى الشعب ليستمدوا من ارادته القرار السياسي والى الثوار لتخويلهم في خوض غمار الصراع وحتى الحوار والتفاوض حسب مبادىء وأهداف الثورة والوفاء لدماء الشهداء فانهم وبدلا من ذلك تيمموا صوب عواصم مانحيهم لينالوا الاذن والتبريك في الانخراط بصفقات التسويات المذلة مع نظام الاستبداد عبر موسكو أو طهران أو مباشرة من دون أي اعتبار لاللاجماع الوطني ولا لاستقلالية القرار.
 هناك بين هؤلاء ( العشرة غير المبشرة ) من يمتهن صنعة التسكع أمام أبواب العواصم ومن جيء به لاختراق صفوف الثوار ومن هو رسول الثورة المضادة والكل يجمعهم هدف الاغتناء على حساب آلام ومعاناة السوريين وقد أصبحوا – أوكانوا – خبراء في امتهان عمليات شق المجموعات واعلان الكتل تحت أسماء وهمية من الديموقراطية والوطن والتغيير والبديل والثوري وانتهاء بالوفاء وفي سهولة استحصال طرائد من أعلى الرتب من المنشقين عن جيش النظام أو المرسلين منه حتى يغطوا على لاشرعيتهم وغربتهم عن الثورة وفي شراء دزينة ملونة بالمفرق من ( كردي ومسيحي وتركماني وعلوي ودرزي و…) كصورة كاملة عن المكونات السورية لتكون تجارتهم أكثر رواجا وقبولا لدى الغرب بشكل رئيسي .
  هؤلاء بارعون في تبديل النهج والولاء خلال سويعات لايعلمون شيئا عن أخبار سوريي المنافي ونازحي مخميات الزعتري ومقبلي والهائمون الضائعون في لبنان وتركيا وبلدان الشتات السوري ولكنهم يعرفون بدقة أسماء رؤساء أقسام وضباط وصف ضباط مخابرات العواصم المانحة وكذلك الوسطاء والشافعون وهم يمتازون بمعرفة توقيت اقلاع الطائرات وهبوطها وبأهم فنادق الخمس نجوم فمافوق وبسرعة التنقل تجد بعضهم ليلا باستانبول وظهرا في قطر ومساء بالرياض وفي الأيام الأخيرة فجرا في القاهرة .
  ولايمكننا أن ننسى صفة مميزة أخرى لهؤلاء وهي الابداع في اللعب بالمصطلحات والكلمات فمثلا يقول أحد هؤلاء : ”  لن يجتمع شمل سورية ثانية ارضا وشعبا بوجود النظام وشعبه  لذا فلاحل من دون رحيل راس النظام والمجموعة التي ساقت سورية الى المصير البائس ” وكان قد صرح قبل ذلك بأيام : ” عن ” تبلور تيار سياسي جديد في المعارضة سيعلن عنه في وقت قريب وهو مستعد للجلوس مع النظام لإيجاد حل للأزمة في سوريا”، فهل فهمتم شيئا يامعشر القراء ؟
 أعود وأكرر القول وبعد فشل وعجز وانحراف – المعارضات – أن حل الأزمة المستعصية الراهنة يمر وبالضرورة عبر مؤتمر وطني شامل من خلال لجنة تحضيرية مستقلة نزيهة تعبر قدر الامكان عن التعددية الوطنية تنبثق عن المؤتمر المنشود قيادة انقاذية سياسية – عسكرية مشتركة لتقوم بدورها في قيادة المرحلة الراهنة في ظروف الحرب والسلم وتحقيق مهامها الأولى في اعادة تنظيم وترسيخ صفوف الثورة ومواصلة الكفاح لتنفيذ أهدافها .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

فرحان مرعي هل القضية الكردية قضية إنسانية عاطفية أم قضية سياسية؟ بعد أن (تنورز) العالم في نوروز هذا َالعام ٢٠٢٥م والذي كان بحقّ عاماً كردياً بامتياز. جميل أن نورد هنا أن نوروز قد أضيف إلى قائمة التراث الإنساني من قبل منظمة اليونسكو عام ٢٠١٠- مما يوحي تسويقه سياحياً – عالمياً فأصبح العالم يتكلم كوردي، كما أصبح الكرد ظاهرة عالمية وموضوع…

شيركوه كنعان عكيد تتميز سوريا كما يعرف الجميع بتنوعها القومي والديني وكذلك الطائفي، هذا التنوع الذي استطاعت السلطة البائدة أن تبقيه تحت السيطرة والتحكم لعقود طويلة في ظل سياسة طائفية غير معلنة، ورغم أن علاقة الدين بالدولة بقيت متشابكة، إلا أنها لم تصل إلى حد هيمنة العقلية الدينية أو الطائفية على مؤسسات الدولة بصورة صريحة. أدى ذلك الوضع تدريجيًا إلى…

علي جزيري نشرت جريدة قاسيون، في الخميس المصادف في 17 نيسان 2025 مقالاً تحت عنوان: “لماذا نحن ضد الفيدرالية؟” انتهج القائمون عليها سياسة الكيل بمكيالين البائسة بغية تسويق حجتهم تلك، فراحوا يبرّرون تارة الفيدرالية في بلدان تحت زعم اتساع مساحتها، ويستثنون سوريا لصغر مساحتها…! وتارة أخرى يدّعون أن سويسرا ذات (أنموذج تركيبي)، يليق بها ثوب الفيدرالية، أما سوريا فلا تناسبها…

صلاح عمر منذ أن خُطّت أولى مبادئ القانون الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، ترسخ في الوعي الإنساني أن الشعوب لا تُقاس بعددها ولا بحدودها، بل بكرامتها وحقها في تقرير مصيرها. ومنذ ذلك الحين، أُقرّ أن لكل شعب الحق في أن يختار شكله السياسي، وأن ينظّم حياته وفق هويته وتاريخه وثقافته. هذا المبدأ لم يُولد من رحم القوة، بل من عمق…