بيار روباري
قبل الحديث عن النجاحات والإخفاقات التي مرت بها تلك الإدراة، لابد لنا إلقاء الضوء أولآ على بداياتها وكيفية تشكيلها أولآ. ولكن إسمحوا لي قبل الحديث عن تلك البدايات أن أسجل موقفي الرافض لتلك التسمية الغير «الإدارة الذاتية» ملائمة نهائيآ وكان يفضل تسميتها حكومة إقليم غرب كردستان، ولا مسمى الكنتونات التي إطلقت على إقليم غرب كردستان، وثانيآ غياب كلمة كردستان عن كافة التسميات وخلو القسم منها أيضآ !! كل ذلك جاء لإرضاء النظام السوري الذي مازال يربطه بحزب العمال عبر الحبل السري الذي لم ينقطع بعد. ولهذا لم نشاهد مرة واحدة يتحدث إعلام حزب العمال الكردستاني وفرعه السوري (ب ي د) عن جرائم بشار الأسد ونظامه القاتل.
برأي إن الإدارة الذاتية الكردية لغرب كردستان، جاءت نتيجة للفراغ الذي أحدثه إنسحاب النظام بكل إدارته من أكثرية المناطق الكردية الغير مهمة بالنسبة له، إسوةً بانسحاب صدام حسين من جنوب كردستان في تسعينات القرن الماضي. والطرف الكردي الوحيد الذي كان قادرآ وجاهزآ حينذاك لإملاء ذاك الفراغ كان حزب الإتحاد الديمقراطي، وبالطبع النظام سهل له الأمر لأهداف خاصة به ومن أهم هذه الأهداف هي:
– تحييد الكرد في إطار الثورة السورية.
– إحداث شرخ بين الكرد والعرب.
– خلق صراع كردي – كردي حول السلطة في المناطق الكردية.
– إشغال تركيا بالقضية الكردية.
– تشتيت المعارضة السورية.
وهذا يدحض كليآ مقولة « ثورة روزأفا» التي يطلقها حزب الإتحاد الديمقراطي، على ما قام به. وما أن بسط (ب ي د) سيطرته على غرب كردستان، على الفور منع المظاهرات المناهضة للنظام وقمعها بالقوة وهذه كانت أحد شروط النظام عند تسليم المناطق الكردية لي (ب ي د). إذآ الحديث عن ثورة لا معنى له وعاري عن الصحة نهائيآ. ومن هنا كان تأسيس تلك الإدارة بلون واحد، وهو لون إستاليني المعروف به حزب العمال الكردستاني منذ تأسيسه. فهو يمارس عبادة الفرد ويرفض التعددية السياسية ويقمع الحريات الفردية ويكفي أن تتابعوا إعلامه ليوم واحد لا أكثر.
وفجأة هؤلاء الناس باتوا أمام واقع جديد، فرض عليهم بناء كيان سياسي وممارسة الحكم دون أي خبرة وتجربة، وهم يفتقدون إلى الكوادر المثقفة والعلمية المتنورة. إن الأكثرية الساحقة من أعضاء ومؤيدي حزب العمال من بسطاء الناس، الذين يسهل قيادتهم ولا يسألون ولا يناقشون الامور مع قياداتهم، ويعتبرون عبد الله اوجلان فوق النقد.
ولهذا جاءت الإدارة الذاتية مشوه نتيجة لإستئثار (ب ي د) بكل شيئ، وهذا يذكرني بالشكل الذي تأسس عليها الإدارة في إقليم جنوب كردستان التي لم تستقر إلى الأن. وكنتيجة لعزلة حزب الإتحاد الديمقراطي داخليآ وخارجيآ بسسب إرتباطه العضوي بحزب العمال الكردستاني، الموضع على لائحة الإرهاب الدولية، مما وضع المناطق الكردية بين فكّي الكمّاشة، فمن جهة تركيا المعادية للكرد أقفلت الحدود الشمالية والغربية مع المناطق الكردية، ومن الجنوب أطبقت قوات المعارضة السورية الحصار على الكرد بحجة تعامل حزب (ب ي د) مع النظام السوري، ومن الشرق حفر البرزاني خندقآ مع غرب كردستان وأغلق معبر سيمالكة بوجه إخوته الكرد نتيجةً للخلافات الحادة بينه وبين قنديل. هذا إضافة للهجمات الإرهابية التي تعرض لها المناطق الكردية من قبل التنظمات الإرهابية وفي مقدتهم تنظيم داعش. هذا إلى جانب ممارسة قوات (ب ي د) القمع بحق الأحزاب والنشطاء السياسين والصحفين والكتاب وإقفال العديد من المقرات الحزبية والمواقع الإلكترونية، كل ذلك خلق أوضاعآ صعبة للغاية في المناطق الكردية، يمكن تلخيصها بعدة نقاط تعبر عن إخفقات الإدارة الذاتية الكردية:
1- تدهور الوضع الإقتصادي وإرتفاع الأسعار بشكل جنوني.
2- إزدياد عدد العاطلين عن العمل.
3- هجرة الشباب الكردي للخارج بحثآ عن عمل والأمان.
4- غياب الوقود وإنقطاع التيار الكهربائي بشكل دائم.
5- تدهور جميع أنواع الخدمات وخاصة الصحية منها، بسبب غياب المستشفيات.
6- عدم تمكن تصدير المنتجات الكردية إلى الداخل السوري.
7- صعوبة التواصل بين المناطق الكردية والمدن الكبرى كمدينة حلب.
8- مشاكل التعليم وخاصة العالي والجامعي والمهني منها.
9- مشكلة النقد ودفع الرواتب وغياب البنوك.
10- الشرخ السياسي الذي أحدثه إستئثار (ي ب د) بالسلطة داخل المجتمع الكردي.
11- وفي المجال الأمني لم تستطيع تلك الإدارة حماية الكرد ومناطقهم كما ينبغي، وبدليل ما تعرض له كوباني من دمار وإفراغ جميع قراها من سكانها، ونفس الشيئ حدث في ريف الرقة وبقاء قوات النظام السوري وأجهزته الأمنية، في قلب قامشلو ومطار المدينة إلى الأن.
أما الإمور الإيجابية التي يمكن أن تحسب لتلك الإدارة فيمكن تلخيصها في النقاط التالي:
وجود الإدارة بحد ذاتها مكسب للقضية الكردية في غرب كردستان.–
وضعت القضية الكردية على الأجندة السورية والإقليمية والدولية بعد معركة كوباني. –
كسرت إحتكار المعارضة والنظام السوري للقضية الكردية. –
وضع أساس لكيان كردي حقيقي لا يمكن تجاوزه في المستقبل. –
مكنت الكرد من أن يكون لهم قرارهم المستقل. –
بناء قوة عسكرية لا يستهان بها، رغم ظروف الحصار المفروض على الكرد. –
إكتساب تعاطف غربي مع الكرد وقضيتهم وخاصة بعد المقاومة البطولية التي أبدتها –
قوات الحماية الشعبية في كوباني في وجه داعش.
إنفتاح الغرب على حزب الإتحاد الديمقراطي. –
إستطاعت الإدارة تجنيب المناطق الكردية من الويلات والدمار إلى حدٍ ما. –
تمكنها من مساعدة أهلنا في شنكال عسكريآ وإنسانيآ. –
منح المرأة الكردية دورآ بارزآ في كافة مجالات الحياة. –
حماية الأقليات الدينية في كردستان. –
بالتأكيد هذه الإدراة بحاجة إلى الكثير من التعديلات والتحصيات وأهمها هو إنهاء حالة اللون الواحد، أي تفرد وإستئثار(ب ي د) بكل شيئ. ومطلوب من الأطراف الإخرى أيضآ العمل وتقديم بديل أفضل، فحتى الأن كل ما قدمته تلك الأطراف مجرد كلام، ولا تملك مشروعآ سياسيآ وإقتصاديآ، وكل ما تبحث عنه هو منافع شخصية لا أكثر، ورغم تبجحها ليست لديها أي رصيد جماهيري حقيقي على أرض الواقع، وجل قيادات تلك الأحزاب تعيش في فنادق فخمة بعيدة عن إقليم غرب كردستان.
وقبل الختام أود طرح تساؤلآ على اولئك الإخوة المعترضين على الإدارة الذاتية وهذا من حقهم. السؤال هو على الشكل التالي: كيف كان سيبدو وضع إقليم غرب كردستان اليوم، لو أن الإخوة في الإتحاد الديمقراطي لم يبادروا إلى إنشاء تلك الإدارة؟ ألم يكن الأن يحكم مناطقنا التنظيمات الإرهابية كداعش وجبهة النصرة؟ ويبيعون نساءنا في الأسواق كالرقيق، مثلما فعلوا مع نساءنا في شنكّال؟
الخصومة السياسية بين الأطراف الكردية يجب أن لا تعميهم عن الحقيقة، وثانيآ يجب أن لا يسمحوا بتحول تلك الخصومة والمنافسة السياسية، إلى عداوة تحت أي ظرف كان، لأن لو وصل الأمر إلى ذلك، يعني خراب كردستان بيد أبنائها.
27 – 12 – 2014