المجلس الوطني الكردي ضرورة استعادة فعاليته والثقة به جماهيرياً

المحامي مصطفى أوسو
  بعد الجلسة المشتركة لممثلي المجلس الوطني الكردي ( Enks )، وحركة المجتمع الديمقراطي ( Tev – Dem )، المنتخبين للمرجعية السياسية، المنبثقة عن اتفاق دهوك، لانتخاب نسبة 20 % الباقية من المرجعية السياسية، والمخصصة للشخصيات الكردية المستقلة ومن الأحزاب والفعاليات من خارج الإطارين. وما رافق ذلك من نتائج وتطورات، وخاصة لناحية عدم التزام ممثلي المجلس الوطني الكردي بدعم قائمة المرشحين المعتمدين من قبله، والتصويت من قبل البعض منهم لقائمة المرشحين المعتمدين من قبل حركة المجتمع الديمقراطي ( Tev – Dem )، والتي انعكست بشكل سلبي كبير على المجلس الوطني الكردي، وأثرت على سمعته وتاريخه النضالي، وأفقدته الكثير من مصداقيته لدى مختلف فئات وشرائح وأبناء الشعب الكردي في سوريا، وبالأخص إذا علمنا إن انتخاب ممثليه الـ ( 12 )، السابقين للمرجعية السياسية، لم يسلم من ارتكاب العديد من الأخطاء والهفوات والنواقص، لناحية عدم وجود ممثلين عن المرأة والشباب، وأيضاً عن العديد من المناطق الكردية، مثل: كوباني وعفرين وكري سبي، وكذلك ممثلين عن بعض مناطق التواجد الكردي في دمشق وحلب والرقة وريفهما.
  وعلى أثر كل ذلك، تداعى المجلس الوطني الكردي في سوريا، إلى عقد اجتماع استثنائي له، لمناقشة ما حدث ومعالجتها ما أمكن، بما يعيد للمجلس ما فقده من مصداقية وسمعة وهيبة وجماهيرية، وبعد جدل كبير، توصل الاجتماع وبالإجماع إلى اتخاذ القرارات التالية: رفع صفة العضوية عن كل من يثبت إدانته بخرق اتفاق المجلس أثناء التصويت، وتشكيل لجنة من الأشخاص المستقلين في المجلس للتدقيق في أوراق التصويت بالتعاون مع اللجنة القانونية للمجلس الوطني الكردي، وإبقاء جلسات اجتماعات المجلس مفتوحة حتى انتهاء اللجنة المذكورة من عملها، وتنفيذ القرار.
  وبالفعل بقي المجلس الوطني الكردي في حالة انعقاد حتى تاريخ هذا اليوم 24 كانون الأول 2014 ليصدر في نهايته تصريحاً يعلن فيه، إلى إن اللجنة التي شكلها سابقاً للتدقيق فيما حصل من خروقات وتجاوزات من قبل بعض ممثلي المجلس في المرجعية السياسية على إرادته وقراراته، توصلت من خلال عملها على ضوء القرائن والمعطيات المتوفرة لديها، إلى إن من يتحمل المسؤولية عن ما حصل، هم: نصر الدين إبراهيم – سكرتير الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا ( البارتي )، و مصطفى مشايخ – نائب سكرتير حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا ( يكيتي )، وفوزي شنكالي – سكرتير حزب الوفاق الديمقراطي الكردي السوري، وبذلك يتم تطبيق القرار السابق بحقهم.
  إن القرار المذكور يعبر عن إرادة المجلس الوطني الكردي، بما في ذلك إرادة من تم تطبيق القرار عليهم، وهي المرة الأولى التي يتصدى فيه المجلس لقضية تعتبر إشكالية بهذه الصرامة والقوة، والتي لو توفرت سابقاً نصفها لما وصلت الأمور إلى هذه الدرجة من التردي في المجلس، ولما وصل رصيده لدى الجماهير الكردية إلى هذه الدرجة من الحضيض، وباعتقادي الشخصي إنه وفي الحالة التي نحن بصددها، فإن تجاوز أثر القرار الشخص الذي قام بارتكاب المخالفة، فيه إجحاف كبير بحق المؤسسة التي يمثلها، وانتهاك لمبدأ شخصية العقوبات، ولا يجوز أخذ حزب بكامله بجريرة خطيئة ممثله، خاصة وإن الأحزاب السياسية فيها العديد من الأفكار والآراء تجاه مختلف الأحداث والتطورات. على كل حال، وبعد ما حصل من الضروري جداً ألا ينجر المجلس الوطني الكردي والأحزاب التي استبعدت منه، إلى المهاترات والحروب الكلامية والانشغال بالأمور الثانوية، في هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها الشعب الكردي وحقوقه وقضيته القومية في كردستان سوريا، وهو الذي يواجه من جهة، استبداد نظام الأسد وقمعه ودمويته وعمله المستمر من أجل إنهاء القضية القومية الكردية، ومن جهة ثانية، إرهاب الجماعات الإرهابية المتطرفة من داعش وأخواتها وما تقوم به من حروب قذرة وترتكبه من جرائم بشعة، بحق شعبنا الكردي وقضيته القومية، إضافة إلى ما تمر به سوريا عموماً من ظروف دقيقة جداً، ناجمة عن انسداد الأفق أمام حل الأزمة السورية، المتفاقمة منذ أربع سنوات، بسبب الحرب العبثية للنظام على الشعب السوري الثائر من أجل حريته وكرامته، من نير الديكتاتورية والشمولية وحكم الفرد.
  إن المجلس الوطني الكردي، وبحكم كونه مؤسسة قومية كردية ديمقراطية، ظهر في ظل الظروف المستجدة في سوريا، وهي ظروف الثورة والتغيير، لتأطير المجتمع الكردي، بأحزابه وفعاليات المدنية والحقوقية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية…، والاستفادة من جميع الطاقات والإمكانات المتاحة واستغلالها، من أجل إسقاط النظام وبناء سوريا الاتحادية الديمقراطية التعددية، التي يتمتع فيها جميع أبناءها بحقوقهم وحرياتهم الأساسية، بما فيه أبناء الشعب الكردي، مطالب بترتيب أوراقه الداخلية وترميم هيئاته ومؤسساته وفق أسس ومعايير وضوابط وآليات جديدة، تعيد إليه شيء من بريقه وألقه، الذي فقد الكثير منه، بسبب خلافاته الداخلية وبطئه وترهله وعدم فاعليته وتفاعله مع الأحداث والتطورات الجارية من حوله. 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…