أحـــبك ديــريــك


هيمن منداني

ديريك المدينة الجميلة بموقعها و اللطيفة في مناخها و الكريمة في خيراتها و الحنونة في حضنها الدافئ بكل ما فيه من فسيفساء عرقي و ديني , لكل فيها نصيبه , ما زاد منه أو ما قل , لكن القناعة أولاً , و تقدير الأمور ثانياً , و التواصل القائم على التسامح و الحريص على الإبقاء على نقاوة المياه كي لا تلعب فيها الضار غير العاقل من الكائنات ثالثاً…

الكل الذي يعكس صفاء القلوب , و سمو التدبير , و الرغبة في سلامة الوصل و متانته , كانت الحصن الحصين الذي  جنّب ديريك الكثير الكثير من المكروه , و حمته من شر النفاثات في العقد , و من شر الحاسد إذا حسد , فغدت هادئةً  هانئةً على الرغم من موقعها الجيوسياسي , يعرف القاطن في جنوبها الذي في أقصى شمالها و الذي يبعده بضعة كيلو مترات , دون أن يكون اختلاف الدين أو العرق أو المذهب حاجزاً أو عائقاً أمام تلك المعرفة , وحدة الحال في الأفراح و الأتراح , بحيث غدا أهلها عائلةً كبيرةً , و لا تخلو أي عائلة من صغائر الفتن و بوائق الأعمال , لكنها لم تنل من نسيجها الجميل باختلاف ألوان خيوطه المؤتلفة.

بهذا جلبت ديريك لنفسها المحبين و العشاق , يرتمون على حضنها , كما الفراشات على الزهر , لترشف رحيقها , و تحافظ على نسلها.

ديريك جميلة بأهلها , بجوامعها و مناراتُها الشامخة , بكنائسها و هياكُلها الزاهية , بربيعها الذي تهواه الأنفس فتقصده من كل حدب و صوب , ديريك …..

تزهين بالحياة ..

و بكل معاني الحياة ..

أدعو , أصلي , و أصوم  ليزهو فيك الأمل , و يزكى فيك الحياة , فتبقين  نقيةً , وفيةً لأحبائها , عصيةً مرصوصة البنيان يشده بعضه البعض , فتذوب في بحر حنانه كل الفتن , و كل الموبقات , السلام و الوئام عهدك على الدوام , بنوك يحبون الحب و يبنون الحياة , و يصنعون السلام ….

صاعقة لم نعهدها  منذ عشرات السنين , نازلة ما كانت في الحسبان , شرارة سوء , لتكسر الأيادي التي أوقدتها , من أين أتت…..؟؟؟؟  أي نفس سولت لها إرادة السوء أن طيشها سيسود ديريك …؟؟  هيهات … هيهات … ,   مدينتنا , حاضنتنا , إرادة الخير فيها , لا يعكر صفو بحرها رمية حجر من هنا و هناك , أياً  كان الرامي , و أي زاوية ,  أو زقاق , أو ساحة , أو حارة اختيرت لتكون المرمى , ربيعنا كله أعياد , و ما كانت الأعياد إلا للحب و السلام … أحبك ديريك و زاد حبي لك أواراً و أنا جاثم في جامع الملا اسماعيل و إمامها الأستاذ عبدالرحمن يرحب بالوفود الذين استقبلهم الصغار و الكبار من مداخل الشارع المؤدي إلى الجامع جميعها إلى بهوه , قادة أحزاب , رجال دين , لجان حقوق الإنسان , من الكرد و الكلدو- آشوريين يلفهم جموع الفعاليات السياسية و الثقافية و الاجتماعية لمدينة ديريك , الذين سهروا الليالي القلائل من الثاني من نيسان إلى السادس منه لوأد فتنة كادت أن تقتل الحب و الجوار و التعايش و السلم الأهلي في مدينة ديريك , فكانوا لها بالمرصاد , و كانت المبادرة الشجاعة و المضنية , التي منحتها الحياة حكمة الحكماء و في مقدمتهم الشيخ الجليل محمد معصوم الديرشوي, و القرار السليم و التعاون الحكيم , من ذوي الفقيد جوان أحمد محمد, الموقف الذي يستحق كل الثناء , كظموا غيظهم من أجل ديريك بكل من فيها , اجتروا آلامهم كي لا يفجع و يؤلم آخرون , فكان الذي كان , الاجتماع الكبير , المسجد مكتظ و الشوارع مكتظة بدعاة الخير و السلام , و جهود الأمن الداخلي مشكورة و في مقدمتهم السيد مدير المنطقة الذي شاطر الجميع آلامهم , فكان معلماُ وقوراً في إدارة الأزمة نحو السلام , حيث الخطوة الأولى و الأصعب نحو عودة الأمور إلى سابق عهدها , بل و نتمنى الأفضل , ليبقى لديريك رونقها , و جمالها , و أهلها و على الجميع السلام .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين   في السنوات الأخيرة، يتصاعد خطاب في أوساط بعض المثقفين والنشطاء الكرد في سوريا يدعو إلى تجاوز الأحزاب الكردية التقليدية، بل والمطالبة بإنهاء دورها نهائياً، وفسح المجال لمنظمات المجتمع المدني لإدارة المجتمع وتمثيله. قد تبدو هذه الدعوات جذابة في ظاهرها، خاصة في ظل التراجع الواضح في أداء معظم الأحزاب، والانقسامات التي أنهكت الحركة الكردية، لكنها في عمقها…

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…