الواقع الكردي و المطلوب

مروان سليمان

يلجأ البعض أحياناً إلى خوض معارك جانبية أو حتى وهمية و مصطنعة حتى يلتهي الناس بتلك المعارك و ينسوا أساس المشكلة أو الأطراف التي يجب محاربتها في الأساس، و إذا كانت هناك بالأساس مسببات لبعض الأمور الجانبية فهذا لا يعني إهمال القضايا الأساسية التي يجب معالجتها و خاصة التي تتعلق بمصيرنا و مصير منطقتنا، و لذلك فإنه ليس من حق أي طرف من الأطراف أن يضع قوانينه الخاصة بشخصة أو حزب معين ليطبقها على الآخرين عنوة، لأن هذا سوف يؤثر على العلاقة الجدلية بين أبناء المنطقة من نفس القومية أولاً و ما بين الآخرين ثانياً، و إلا سوف نكون كالغابة التي يأكل فيها القوي الضعيف ،
و الخطر الأكبر يكمن في التدخل المباشر في كل أمور حياتنا اليومية و قمعنا و تطبيق قوانين بالية علينا لا تصلح البتة لهذا العصر و الزمان و هذا يعني إننا في حالة تراجع نحو الأسوأ بدل التقدم نحو الأفضل في عهد الثورات و الإنتفاضات التي تدعو للتغيير و لفظ العلاقة القديمة بين الحاكم و المحكوم، و لا يمكن للناس أن يتحملوا كل هذا العبئ ريثما تحل المشكلات الأقليمية و الوصول إلى تفاهمات دولية و إتفاقيات في ظروف قاهرة ينعدم فيها الإحساس بالأمان و تدني المستوى الثقافي و الإجتماعي  في منطقة يغلب عليها النزعات الطائفية و السياسية و الحزبية ليأتي هذا الإلهاء من أجل إفلات المسؤولين عن الأخطاء القاتلة و التقصير في القيام بواجباتهم و التجاوزات التي أرتكبت أو التي ترتكب الآن و التجاوزات على حقوق الناس و تقييد حرياتهم و المزايدة عليهم في الوطنية و المغالاة في القومية في تطبيق قوانينهم الحزبية القاتلة  التي تزيد الفرقة فرقة، و مع ذلك يسود الإنفلات الأمني و ينتشر الفساد و التصرفات الشخصية و المزاجية من قبل أناس نصبوا أنفسهم بالقوة على الناس من أجل تحقيق رغبات الغير و مصالح أنظمة أقليمية و دولية لا تخدم المصلحة الكردية بتاتاً، و لذلك يسود الهدوء الذي يعد شللاً في الحياة العامة مما يريح البعض خاصة عندما تأخذ المعارك الجانبية الحيز الأكبر من الأعلام و الواقع المعاش على الأرض لكي يطمئن المفتعلون الذين  دعوا و ساعدوا على نشر الحركات المتشددة و الإرهابية إلى منطقتنا الآمنة.
السياسة في الواقع هي لعبة حقيقية على الأرض لإبراز فكر أو عمل أو مبادئ و تطبيقها ويستند عليها هذا الطرف أو ذاك و يكون فيه الحكم و المعارض، التوافق و الإختلاف و لكن الأهم في هذه اللعبة لدى الشعوب المظلومة خاصة أن يكون الشعب و الوطن في صدارة الإهتمامات و الأطروحات و المواضيع الحياتية لكي نستطيع أن نحقق أهدافنا التي نصبوا إليها و نقرر مصيرنا في هذا الزمن الذي أتاح لنا الفرصة في إختيارها فيجب أن نستغلها أحسن إستغلال و هذا لن يأتي إلا بالإتفاق و ربط مصيرنا جميعاً مع بعضنا البعض.
ففي المناسبات و المسيرات تجدها ملونة و ترفرف الرايات خفاقة و عالية مما يعطي رونقاً جميلاً على تلك المناسبة و ألواناً زاهية لا يستطيع الناظر إلا أن ينظر إليها و كل يريد أن يجد له بصمة و لا يهم على حساب أي كان حتى على دماء الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن الوطن و الحرية و ضحوا من أجلها، مع أن فكرة الألوان حلوة و جميلة و لكنها في مستقبل الأيام فرقة و تشتت و تقسيم الناس إلى هذا اللون وذاك مما يؤدي إلى خلل في المجتمع أولاً و في المنطقة ثانياً و حتى في الأسرة الواحدة، و خاصة إن الهجمة الآتية لا تفرق بين لون و آخر فلا بد من الوحدة بعيداً عن التعصب الحزبي و المناطقي و اللوني و يجب أن نعالج هذه الظواهر منذ بدايتها و المطلوب أن نحارب فكرياً و ثقافياً كل الذين يحاولون تدمير المؤسسة الإجتماعية التي بني عليها مجتمعنا و نبتعد عن الحسابات الحزبية الضيقة و إلا فإن الجميع سوف يخسر في هذه اللعبة التي نحن فيها، العدو واحد و الهدف واحد و لكن العدو الحقيقي الذي تسلل فيما بيننا خلسة و الذي يجب أن نتخلص منه إلى الأبد هو التفرقة و التقسيم.
26.11.2014
  

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…