صلاح بدرالدين
بعد مضي أكثر من شهرين على حصار مدينة كوباني – عين العرب من جانب جحافل – داعش – سبقه احتلال أكثر من ثلاثمائة قرية في ريفها وتهجير نحو أربعمائة ألف من القرويين وسكان المدينة ومارافق كل ذلك من نزوح ومعاناة إنسانية وتشرد وانتشار في بعض المناطق السورية وفي مخيمات تركيا وإقليم كردستان العراق وبعد تحول المواجهة بين المدافعين ( وهم قوات تابعة ل – ب ك ك – أساسا وبضع عشرات من البيشمركة كقوة اسناد ومثلها من مجموعة كانت تنتمي لتشكيلات الجيش الحر في الرقة قبل احتلالها ) عن ماتبقى من المدينة الخالية من جهة وقوات – داعش – الإرهابية المعتدية من جهة أخرى الى مايشبه حرب الاستنزاف بين خطوط تماس جديدة شبه ثابتة لابد من العودة الى إعادة قراءة الحدث الكوباني بعيدا عن المشاعر الذاتية وبنظرة كليانية وبتجرد عن انعكاسات ردود الفعل السريعة والانفعالية على الأفعال الشنيعة والممارسات الهمجية القروسطية التي أصبحت جزء أساسيا وعنوانا لظاهرة تمدد ” دولة الخليفة إبراهيم بن عواد البغدادي ” .
لقد أثارتني بالايام الأخيرة كتابات – بنكهة مستجدة – ظهرت في مواقع التواصل الاجتماعي بأقلام بعض من بنات وأبناء – كوباني – بالذات وغيرهم من اعلاميين ومثقفين ومتابعين وناشطين سياسيين أقلها الفرملة الواضحة في الاندفاعة السابقة والفتور في النبرة الحماسية والبحث عن حقيقة مايجري طبقا للمثل الدارج ” راحت السكرة .. اجت الفكرة ” وكعينات منها وليعذروني لعدم ذكر أسمائهم ” بعد قتال مرير مع داعش سينتصر الكورد في كوباني ولكن سيستلمون كومة تراب لن يبقى فيها حجر على حجر منهم سيقولون المهم حررنا كوباني واخرون سيقولون ما نفع الديار بعد الخراب والاهم من هذا وذاك هل هناك مشروع كوباني اخر في المدن والمناطق الكوردية باعتقادي ان المشروع ينفذ وبهدؤ لقد اصبح قرانا ومدننا خالية من السكان على الاغلب لحين تنفيذ مشروع كوباني اخر لن نجد المهجرين والنازحين لقد تم تهجيرهم مسبقا والسؤال الثاني. مالذي فعلته وقدمته القوة التي فرضت نفسها على الناس كي لا يرحلوا .. ” ” لا أعتقد أن ما آل إليه حال كوباني من خراب هو نتيجة مؤامرة دولية وإقليمة فقط كما يدعي البعض ! بل كان للقوة المسيطرة على الأرض بحكم العصا مساهمة كبيرة و فعالة من خلال تصرفاتها و سياساتها العنجهية في فرض سلطتها بشكل سلبي في المجتمع ، و أكبر دليل على ذلك هو إفراغ 385 قرية خلال مدة خيالية خارجة عن منطق و صفات مجتعنا ، و نستطيع ان نترجم ذلك بجزئين أحدهما نفاق أنصار القوة الفرضية و الآخر عدم إستعداد مخالفيهم ان يكونو وقود لمشروع لا يعنيهم و الجزءان توجهو من نقطة عدم الثقة بسلطة العصا! و إرادة اصحاب العصى بحصول ذلك للإستفادة وترويج أنفسهم إقليميا” ويكتب الإعلامي الأبرز ابن المدينة المحاصرة المواكب ليل نهار ” الغريب أنه منذ شهرين لم يتقدم المدافعون خطوات تذكر رغم قصف طيران التحالف ومدفعية البيشمركة والأهالي لايعلمون شيئا عن مايجري في كوباني حيث الصمت سيد الموقف ” .
الاعلام الأمريكي المعبرعن مصدر القرار يعتبر ” أن كوباني بالنسبة لواشنطن بمثابة اختيار حاسم لاستراتيجيه أوباما في الجمع بين استخدام الغارت الجوية والقوات البرية, وبالنسبة لداعش بمثابة اختبار لقوة وثبات التنظيم وأداة لتجنيد المزيد من الجهاديين. وباتت المدينة بؤرة اهتمام العديد من الأطراف فالسعودية وإيران وتركيا والأردن وجميعهم ضالعون في الحرب ضد تنظيم”دعش”, لديهم جميعا حصة في الناتج النهائي لتلك المعركة ” .
قيادة – ب ك ك – المركزية في كل من قنديل وايمرانلي حيث مقاتلوها يتصدرون مواقع الدفاع عن المدينة تستميت في ابراز صمود المدافعين وخاصة الوحدات النسائية لتحقيق عدة أهداف ومنها : الأول استثمار الظرف الراهن والتجاوب مع أصوات في الإدارة الأمريكية لاعتبار قواتها ( الكردية ) كحليف موثوق ومن ثم رفع صفة الإرهاب عنها والثاني وباعتبارهم موالين لنظامي الأسد وايران استثمار التفاهم الغربي – الإيراني والتسليم لهم كممثلين لكرد سوريا ومحورا رئيسيا في الحركة الكردية بالمنطقة والثالث تجيير الإنجازات المأمولة من وراء انغماسها في المستنقع السوري وفي كوباني بالذات لصالح استراتيجيتها تجاه تركيا ومسألة السلم والحرب خاصة وبلدان المنطقة عامة .
الحكومة التركية وبالرغم من رضوخها للطلب الأمريكي في عبور قوات البيشمركة الأراضي التركية مع أسلحتها الى كوباني وايوائها لعشرات آلاف النازحين من المدينة المحاصرة ووقوفها رسميا من حيث الشكل على الحياد الا أنها لاتتمنى أي انتصار كردي على داعش خاصة اذا كانوا تابعين ل ب ك ك .
في منظور سوريي الثورة والمعارضة أو الصف الوطني من عرب وكرد وغيرهم المعنيين بمناطق ومدن بلادهم أكثر من الآخرين أن مايحدث في كوباني وهي مدينة سورية ذات غالبية كردية ساحقة خارج عن اطار المشروع الوطني لتغيير النظام وغير خاضع لارادة السوريين بالقول والفعل وقد يتم استغلاله لصالح التوجه الدولي والإقليمي في الإبقاء على نظام الاستبداد واعتبار الأولوية الراهنة لمحاربة داعش خاصة وأن متصدري المواجهة مع ارهابيي داعش كانوا ومازالوا جزء من مشروع النظام وأن المواجهة الدائرة هناك رغم أنها ضد جماعة إرهابية مارقة الا أنها تفتقر الى شروط المعارك الوطنية والقومية الشاملة والجامعة وأولها اعتبار نظام الاستبداد الذي يرمز الى إرهاب الدولة العدو الرئيسي الذي يضطهد الكرد والعرب منذ عقود .
في مايتعلق الأمر بموقف الأشقاء في إقليم كردستان العراق شعبا ورئاسة وحكومة من الحدث الكوباني والمرسوم عبر المؤسسات الاشتراعية والتنفيذية المنتخبة والذي ينطلق من المصالح العليا لأمن الإقليم حسب منظورهم فلاشك أنه تضامني وأخوي نبيل ينطلق من واجبات الأخوة أولا وملاحقة جحافل داعش أينما كانت لأنها العدو الرئيسي لكرد وعرب العراق والتحدي الأبرز في وجه الأمن والاستقرار والعملية السلمية الديموقراطية الجارية هناك .