م.صالح / قامشلو
منذ سنوات والحدود الوهمية التي رسمتها التحالفات الدولية في منطقتنا تتعرض شيئاً فشيئاً للانهيار، ولم يعد لتلك الحدود وجود أمام الثورة المعلوماتية التي بدأت تأثيراتها العملية على تفكير الشعوب وفتحت أبواباً واسعة للعلوم والمعارف في شتى مجالات الحياة وباتت تأسس لتفكير بلا حدود وأصبح العالم بفعلها عبارة عن قرية صغيرة لا يخفى فيها شيء.
في ظل ذلك باتت شعوب المنطقة تحلم بالديمقراطية والتحرر من جور الاستبداد، لكن الحلم هذا استضدم بحائط فولاذي من الأنظمة التي لم تفكر يوماً بتلك المفاهيم وبين هذا وذاك ولدت “ثورات” وفيما بعد تم استغلال الوضع من قبل العديد من الجهات فكانت النتائج كارثية على المنطقة عموماً والعراق وسوريا خصوصاً، فكان الاعلان عن تنظيم “الدولة الاسلامية في العراق والشام” المعروف بـ داعش وفيما بعد تحول إلى “دولة الخلافة” على جغرافية واسعة من أراضي سوريا والعراق.
والكورد بحكم وجودهم في الدولتين باتو مرغمين لمواجهة هذا الارهاب الذي جعل الكورد وموطنهم أهدافاً لتوسيع جغرافية دولتهم المزعومة، بات الكورد في الواجهة الحقيقية لمحاربة ارهاب هذا التنظيم الذي يشكل خطراً على العالم المتمدن أجمع مما أدى إلى تشكل توجه عالمي سمي بـ التحالف الدولي ضد الارهاب، لذا وبعد ما حصل الذي حصل في العراق وسوريا عموماً وسيطرة “داعش” على منطقة سنجار وتعرض الكورد الايزديين للسبي والقتل والتهجير بات لزاماً على العالم أجمع محاربة ارهاب هذا التنظيم.
“كوباني” المدينة الكوردية التي أصبحت المحطة التالية لارهاب “دولة الخلافة” باتت النقطة الفاصلة التي تبرهن على مصداقية التحالف الدولي لمكافحة الارهاب، وبالفعل نجحت دبلوماسية الرئيس بارزاني وبحكمته المعتادة استطاع اقناع الحلفاء باستهداف مواقع التنظيم بالطيران الحربي، لا بل تعد ذلك حيث تم انزال الاسلحة والمواد الطبية المرسلة من قبل حكومة كوردستان جواً على المقاتلين المدافعين عن كوباني.
والحدث الأهم هو مؤازرة بيشمركة كوردستان بطلب من الرئيس بارزاني وبموافقة البرلمان الكوردستاني وبموافقة الحكومة التركية فكان عبور البيشمركة من بوابة ابراهيم خليل عبرى الأراضي “التركية” ودخولها إلى كوباني عد حدث تاريخي وغير طبيعي يحصل في المنطقة.
مع أن الحدث لم يكن بجديد عن نهج الكوردايتي، حيث فعلتها العائلة البارزانية ذلك أكثر من مرة في التاريخ النضالي للكورد فقد كان للزعيم ملا مصطفى ورفاقه الدور البارز في جمهورية كوردستان في مهاباد، وفعلوها قبله في ثورات شمال كوردستان، ولكن هي المرة الأولى التي تحصل بموافقة رسمية من الأطراف المعنية وبترحيب دولي سطر البيشمركة ملحمة جديدة وباتوا فرسان الشرق الحقيقيين لتحقيق الحرية والقضاء على الاستبداد والارهاب.