اسرائيلية في صفوف محاربي الكُرد ضد إرهابيي داعش

 ابراهيم محمود


ماذا تعني قراءة عبارة من هذا النوع ( اسرائيلية تنضم للأكراد لقتال ” الدولة الإسلامية ؟ ).
الذين يتصرفون حتى الآن وفق نظرية المؤامرة وتأبيدها بتجديدها وتمديدها، ويبدو أنهم سيستمرون على منوالها إلى أجل غير مسمى، من العرب الذين يمحورون كل شيء حول أنفسهم، يجدون في خبر كهذا، أو عملية التحاق من هذا القبيل تأكيداً على مدى انخراط “الأكراد” في التآمر على العرب وقضية العرب الأولى ” فلسطين ” ومن ثم ” العمالة ” للصهاينة، رغم أن مقولة كهذه باتت أكثر من مبتذلة، ليس جرّاء الاستعمال هنا وهناك فحسب، وإنما لأن الذين لا ينفكّون يكررونها هم أكثر مَن يستحقون مجابهتهم ومساءلتهم باعتبارهم يرون في ” اليهود ” أنفسهم أبناء عمومتهم، وأن علاقاتهم اتخذت صفة دبلوماسية رسمية في المجمل في أكثر من جهة عربية ” رسمية “، وكأن على الكرد أن يبقوا الجنود المجهولين في الدفاع عن الأمة العربية المنفرطة، وقضية العرب التي لم تعد مقدسة منذ عقود زمنية طويلة.
وفي ظل مواجهة الكرد للإرهاب الداعشي أكثر من مجابهة الآخرين ” العرب ” لهم طبعاً، ومنهم وفيهم النسبة الكبرى ممن تدعشنوا، ثمة تركيز على داعش باعتباره ” تنظيم الدولة ” كما تدأب الإعلاميات العربية السمعية والبصرية، وفي الآونة الأخيرة خصوصاً لوجاهة التمثيل والتنكيل عربياً، لا بل وإصباغ صفة جهادية ضمناً، بما أن إرهابيي داعش موجّهين فوهات بنادقهم وسبطاناتهم، المؤممَّة من غالبية العرب السلطويين في المنطقة وخارجها، ضد صدور الكرد رجالاً ونساء وصغاراً، فكيف الحال وثمة ما يشير إلى الإسرائيلية التي خدمت في الجيش الإسرائيلي ومن ثم التحقت بالمحاربين الكرد في كوباني لأنها تلمست في إرادة هؤلاء، وبوجود نسبة لافتة من النساء، مقاومة معتبَرة، وتعبيراً عن طموح شعب إلى الاستقلال ؟
صحيفة ” القدس العربي ” اللندنية مسقط الرأس والانتشار، والتي أشارت إلى هذه ” الإسرائيلية ” بتاريخ10تشرين الثاني 2014، وتحت هذا العنوان ” اسرائيلية تنضم للأكراد لقتال ” الدولة الإسلامية “، وبخط بارز، للتشديد على ” جنوح ” الأكراد ” لا ” الكرد ” ومن ثم ” تماديهم ” في ” العمالة ” لأعدائهم المزعومين..الخ.
كل ما ورد في النشرة لافت بعنفها الإيحائي ورعب التصوَّر في مخيلة الذين يعتبرون الكرد أكراداً، ومجرد أفراد منتشرين في كل من العراق وسوريا وتركيا وإيران، كما في عبارة مقرَّرة باستفزازها (أن المقاتلين الأكراد بينهم كثير من النساء ويحاولون صد مقاتلي الدولة الإسلامية.)، وكأن ” تنظيم الدولة ” هو الشرعي والمحارَب من ” المقاتلين الأكراد ” ، في محمية بطولة كوباني حيث يشار إلى مقام الإسرائيلية وهي تجاور شقيقات لها ، كرديات تماماً، في مواجهة الدواعش وما في ذلك من تأكيد الحضور العربي داخلهم.
ومن ثم ما ورد كخلفية للنشرة المركَّبة استجابة للعروبجية ( وتحتفظ إسرائيل بعلاقات سرية عسكرية ومخابراتية وفي مجال الاعمال مع الأكراد منذ ستينيات القرن الماضي حيث ترى في هذه الأقلية العرقية منطقة عازلة ضد خصومها العرب. وينتشر الأكراد في سوريا والعراق وتركيا وإيران.
وللإحساس بالقلق من امتداد الحرب السورية شنت إسرائيل حملة صارمة ضد اعضاء الأقلية العربية التي تمثل 20 في المئة من السكان بعد ان تطوعوا في القتال مع الدولة الإسلامية أو المسلحين الآخرين الذين يعارضون حكم الرئيس السوري بشار الأسد. ).
نعم، هو مقطع طويل نسبياً، لكنني ضمَّنته المقال، للتركيز على ما يجري ، وخصوصاً، جهة نسبة ملحوظة من أكرادنا، وليس ” كردنا ” بالمعنى القومي الكردي، وهم مازالوا مستمرين على صورة” الأخوة في الدين ” وهم يطلقون لحاهم، بقدر ما أنهم لا يظهرون مدى تباهيهم بهذه الأخوة، لا بل واعتبار أن الدواعش وفي صفهم أو بجوارهم : جبهة النصرة، ومن يبايعونهم في القرب والبعد حتى خارج لغة ” الضاد ” باسم الدين، باعتبارهم لا صلة لهم بالإسلام، ليعيشوا خداعاً ذاتياً، وعليهم على الأقل ألا يتمادوا في الإيقاع بالكرد البسطاء، لأن ثمة مرجعيات فقهية وشرعية تدعمهم، وفتاوى قائمة تحفّزهم على القتل، وحتى بالنسبة للكرد الذين باتوا العدو رقم ” واحد “، كما يظهر لهم، وما في ذلك من إنعاش مخيلة العروبجية والإسلامجية وحتى من ينتشون بالتركجية والفرسجية، للحصول على طيب ” الخرجية ” مادياً ومعنوياً، أرضاً وسماء، أعني على صعيد الديني والدنيوي طبعاً، دون استثناء نسبة معتبرَة من الكردجية والكرمانجية..

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين من المعلوم انتهى بي المطاف في العاصمة اللبنانية بيروت منذ عام ١٩٧١ ( وكنت قبل ذلك زرتها ( بطرق مختلفة قانونية وغير قانو نية ) لمرات عدة في مهام تنظيمية وسياسية ) وذلك كخيار اضطراري لسببين الأول ملاحقات وقمع نظام حافظ الأسد الدكتاتوري من جهة ، وإمكانية استمرار نضالنا في بلد مجاور لبلادنا وببيئة ديموقراطية مؤاتية ، واحتضان…

كفاح محمود مع اشتداد الاستقطاب في ملفات الأمن والهوية في الشرق الأوسط، بات إقليم كوردستان العراق لاعبًا محوريًا في تقريب وجهات النظر بين أطراف متخاصمة تاريخيًا، وعلى رأسهم تركيا وحزب العمال الكوردستاني، وسوريا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في هذا السياق، يتصدر الزعيم مسعود بارزاني المشهد كوسيط محنّك، مستفيدًا من شرعيته التاريخية وصلاته المعقدة بجميع الأطراف. ونتذكر جميعا منذ أن فشلت…

خوشناف سليمان في قراءتي لمقال الأستاذ ميخائيل عوض الموسوم بـ ( صاروخ يمني يكشف الأوهام الأكاذيب ) لا يمكنني تجاهل النبرة التي لا تزال مشبعة بثقافة المعسكر الاشتراكي القديم و تحديدًا تلك المدرسة التي خلطت الشعارات الحماسية بإهمال الواقع الموضوعي وتحوّلات العالم البنيوية. المقال رغم ما فيه من تعبير عن الغضب النبيل يُعيد إنتاج مفردات تجاوزها الزمن بل و يستحضر…

فرحان مرعي هل القضية الكردية قضية إنسانية عاطفية أم قضية سياسية؟ بعد أن (تنورز) العالم في نوروز هذا َالعام ٢٠٢٥م والذي كان بحقّ عاماً كردياً بامتياز. جميل أن نورد هنا أن نوروز قد أضيف إلى قائمة التراث الإنساني من قبل منظمة اليونسكو عام ٢٠١٠- مما يوحي تسويقه سياحياً – عالمياً فأصبح العالم يتكلم كوردي، كما أصبح الكرد ظاهرة عالمية وموضوع…