إن الحديث عن المرجعية الكوردية وضرورة توحيد الصف والورقة الكوردية بات من أولويات، بل أبجديات العمل السياسي بشقيه التنظيري – الفلسفي والميداني – العملي.
بل يمكن القول بأنه أصبح موضة وموجة المناخ والواقع السياسي الجديد في المنطقة وتحديداً لنا نحن الكورد كوننا ما زلنا في مرحلة التحرر والإنعتاق، حيث الأحزاب والحركة الكوردية عموماً تعتبر جزءاً من حركات التحرر في العالم، ولو أن هذه المصطلحات السياسية باتت تنتمي إلى فترة ماضية – العصر الذهبي للثورات – وتعتبر استخدامها حالياً من قبل أي مثقف وسياسي نوع من التخلف والرجعية التنظيرية، إن لم نقل السلفية في بعض الأحيان.
ولكن وعلى الرغم من كل ذلك فإننا نستطيع التأكيد بأن الحركة الوطنية الكوردية بأحزابها مجتمعةً وفي الأجزاء الأربعة من الجغرافية الكوردية المقسمة والملحقة بجغرافياتٍ أخرى ليس إلا جزءاً من حركة تحرر قومية تعمل لنيل حقوق شعبها في تلك الأجزاء.
وهكذا فإن مسألة المرجعية الكوردية؛ بحيث تلبي مستحقات المرحلة، إن كان من حيث الجانب الحقوقي – السياسي للشعب الكوردي أو من حيث توافقها مع السياسة العالمية الجديدة، تعتبر إحدى أهم القضايا التي يجب الاتفاق حولها وإنجازها في مرحلتنا هذه والمطلوبة من الأحزاب والقوى السياسية الكوردية في كل الساحات ومنها هذه الساحة؛ (أي الإقليم الملحق بسوريا) وذلك من خلال العمل الجاد والمخلص من أجل تحقيق هذه المهمة القومية والوطنية بنفس الوقت.
هذا هو المطلوب بشكلٍ عام من كل الأطراف السياسية وحيث أن الكل يدعي تمسكه بذلك نظرياً ومن خلال إعلامها الورقي؛ صفحات الجرائد والمجلات العائدة لها أو من خلال الإعلام الأنترنيتي لها.
ولكن الجانب العملي لبعض هذه القوى والفصائل توحي بعكس ما تدعيه نظرياً، بل إنها تؤكد على أنها تعمل بالضد مما تطرحها من خلال برامجها حول تمسكها بالمرجعية الكوردية.
ومن هذه القوى والأحزاب التي يمكن القول بأنها قالت وادعت الكثير بصدد المرجعية الكوردية وضرورة توحيد الكلمة الكوردية كان حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي) وما زال نظرياً يقول ويقول الكثير حول هذا الموضوع، بل يستطيع المرء أن يدعي ويقول بأنه قال أكثر من الجميع حول هذا الموضوع وضرورة الوصول إلى تلك المرجعية والتي باتت لبعض هذه القوى وكأنها هي بحد ذاتها الغاية والهدف وليس (أي تلك المرجعية) إلا عبارة عن أداةٍ ووسيلة للوصول إلى الأهداف والغايات المرجوة والمطلوبة من مجمل العمل السياسي والتنظيمي الكوردي برمته.
ولكن يبدو أن القول شيء والعمل شيءٌ آخر؛ حيث ما تم مؤخراً من اختراقات لقرار الإجماع السياسي الكوردي ومن لدن الحزب المذكور تعتبر استكمالاً وتعميماً لحالة تيأيس الشارع الكوردي وصولاً إلى لعن الحركة الوطنية الكوردية برمتها وخاصةً من قبل أولئك البسطاء الذين لا يعرفون خبايا الأمور وما جرت وراء الكواليس.
وحرصاً منا على كشف الحقائق والمستور وعرض الوقائع وبدقة وموضوعية على الملأ والجماهير فقد ارتأينا أن نقف عند تفاصيل انقسام الإجماع الكوردي، أو بالأحرى الوقوف عند مسألة خروج حزب الوحدة من الإجماع السياسي وليس فقط في احتفالات عيد نوروز وان كان ذاك هو الأبرز، بل سبقته بخروجه من قرار الإجماع في مسألة وضع أكاليل الزهور على قبور ضحايا وقرابين انتفاضة آذار مع أطراف الحركة وذلك عندما لم يلتزم بقرار الإجماع وتفرد بخروجه عنه وقد تم توضيح تلك القضية سابقاً ومن خلال خبر صحفي نشر في موقع WELATÊ ME.
وها نعيد نشره وذلك توضيحاً للأمور وتأكيداً على ما قلناه بصدد خروج حزب الوحدة عن قرار الحركة الوطنية الكوردية ومحاولة الاستفراد بالقرار السياسي وذلك على غرار وشاكلة هذه الأنظمة الاستبدادية في المنطقة.
وها نحن ننقل إليكم ذاك الخبر الصحفي حرفياً؛ “الأخبار: من نشاطات منظمات عفرين (للبارتي): قامت منظمات الحزب بعدة فعاليات ونشاطات سياسية وجماهيرية ومن هذه المنظمات كانت منظمة جنديرس لحزبنا فقد قامت بزيارة قبور ضحايا وقرابين انتفاضة آذار المجيدة؛ حيث كان قد قُرر في الإجماع الكردي أن تقوم الوفود بزيارة تلك المراقد ووضع باقات الورود على الأضرحة باسم منظمات الحركة الوطنية الكردية وذلك ضمن توقيت مشترك وواحد بحيث تكون الساعة التاسعة صباحاً موعداً للالتقاء على الأضرحة وعلى أن تقوم منظمة أحد الأحزاب بوضع أكاليل الزهور باسم الحركة وذلك بعد تقسيم تلك الأضرحة على الكتل السياسية المتواجدة والفاعلة على الساحة في منطقة عفرين وقد اختير (حزب الوحدة) بأن يضع هم أكاليل الزهور على ضريح (الشهيدة فريدة) والراقدة في مقبرة (قرية مسكة) على أن يتم ذلك بحضور وفود الأحزاب الكردية الأخرى والمتواجدة في تلك المنطقة وذلك كما هو متفق عليه في إجماع الأحزاب الكردية.
ولكن – وللأسف – عندما حضر وفد حزبنا في الموعد المحدد على ضريح الشهيدة فوجئ بإكليل الزهور وقد علمنا فيما بعد بأن رفاق (حزب الوحدة) قاموا بزيارة الضريح في الساعة الثامنة والنصف وذلك قبل الموعد المتفق عليه بنصف ساعة، مع العلم بأن منظمتنا أبلغت الرفاق في الحزب الآخر بنيتنا أن يكون وفدنا مشترك عند زيارة الضريح أو على الأقل أن نلتزم بالموعد المتفق عليه لكي نتواجد معاً بحيث نقوم بوضع الإكليل.
وإننا بهذه المناسبة نأمل من أطراف الحركة الوطنية الكردية أن تلتزم بكلمتها وما يتم الاتفاق عليه بينها و إلا فإن الحديث عن المرجعية الكردية حبراً على الورق ونوع من المتاجرة السياسية ليس إلا”.
وقد نشر هذا الخبر باسم “اللجنة الإعلامية لمنظمة عفرين للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي)” ونضيف أيضاً بأنه كان مقرراً أن تكون الباقات موحدة وباسم الحركة الوطنية الكوردية ولأجل ذلك قامت اللجنة المشرفة في عفرين بتجهيز تلك الباقات ولكن الأخوة في (حزب الوحدة) في منظمة جنديرس لم يلتزموا بقرار الإجماع السياسي في عفرين وقاموا بتجهيز إكليلاً آخراً وقد دون عليه باللغة الكوردية (R.
Cindrêsê) أي منظمات جنديرس وعندما يضع حزباً لوحده الإكليل فيعني إن ذاك الإكليل لمنظمات ذاك الحزب وليس لسواه، وهذا خرقٌ آخر لقرار الإجماع.
أما ما تم في تحضيرات عيد نوروز؛ هذا العيد الذي يسبق تاريخ الأحزاب وتكويناتها وأيديولوجياتها بمئات بل بآلاف السنين ويعتبر عيداً قومياً تحمل معاني الحرية والانتفاضة ووحدة الكلمة ضد الطغيان والظلم والاستبداد والتي تدفعنا بأن ننحو باتجاه تلك المعاني والقيم النبيلة ولنشرها بين الجماهير الكوردية كقوى سياسية ومثقفين مستقلين وذلك من أجل الإسراع في تحقيق أماني شعبنا ومن أجل العيش الكريم وفي سلام وأجواء الحرية والديمقراطية وتحقيق الحقوق القومية المشروعة..
نعم وبدل أن ننحو نحو وحدة الكلمة وتوحيد الصفوف والجماهير، على الأقل في هكذا مناسبة قومية، فقد رأينا – وللأسف – خروج (حزب الوحدة) عن ذاك الإجماع السياسي الكوردي وقد كان ذاك – وباختصار – حسب تسلسل الأحداث التالية:
حيث أنه وبتاريخ السادس عشر من شهر آذار لهذا العام عقد اجتماع للقوى السياسية التالية: الجبهة الديمقراطية الكردية – التحالف الديمقراطي الكردي – لجنة التنسيق الكردية – حزب الوفاق – والحزب الشيوعي السوري بفصيليه) وهكذا كان هناك تمثيل في هذا الإجماع لثلاث عشرة حزب وكتلة سياسية ويعتبر هذا بحد ذاته إنجازاً للحركة الوطنية الكوردية والسورية عامةً وخاصةً عندما يتم الاتفاق بين كل هذه الأطراف على أن يتم الاحتفال بعيد نوروز مجتمعةً وتحت خيمة الإجماع السياسي في عفرين وعلى مسرحٍ واحد مشترك على أن يكون في خمسة مراكز كون تباعد المناطق والمراكز عن بعضها يدفعهم إلى عدم التمركز في موقع واحد، وأيضاً كون الجغرافية العفرينية لا تساعد بتجميع كل أبناء منطقة عفرين في مركز واحد فقط، وهكذا وصحيح بأنه سيكون هناك خمس مراكز للنوروز في عفرين ولكن المراكز الخمسة سوف تكون باسم الإجماع وكل فصيلين أو ثلاث سيشرفون على مركز ما وباسم الجميع.
هذا ما تم الاتفاق عليه في السادس عشر من آذار وحدد يوم الثامن عشر من الشهر نفسه على أن يكون يوم اجتماع مندوبي تلك المراكز وأيضاً مندوبي الفرق الفنية؛ بمعنى أنه سيتم بحث القضايا الفنية والإدارية من لوازم المسرح والانضباط والتنظيم وإلى ما هنالك من هذه المسائل في ذاك الاجتماع والذي قرر في الثامن عشر كما أسلفنا قبل قليل.
ولكن ما حدث في ذاك اليوم خرج عن سياقه المقرر هذا؛ حيث تأخر رفاق (حزب الوحدة) عن الاجتماع المذكور وبعد تأخيرهم ذاك وبأكثر من ساعة حضر رفيق لهم وبصفة سياسية – كونه عضو اللجنة السياسية – مع عدد من مندوبيهم ولكن من دون أن يحضر معه مندوب منظمة جنديرس وعندما سئل عن السبب أجاب: بأن رفاقهم (أي رفاق حزب الوحدة في منظمة جنديرس) قد أبلغهم بأن هناك خلافات بينهم وبين منظمة (البارتي) في جنديرس وبأنهم لن يشتركوا ويجتمعوا معاً على مسرحٍ واحد لإحياء احتفالات نوروز؛ حيث كان قد قرر أن يكون مركز (جلمة) لناحية جنديرس تحت إشراف كل من حزبي (الوحدة والبارتي).
ويضيف عضو اللجنة السياسية لحزب الوحدة: بأن أي ضغط عليهم (أي على رفاقهم في جنديرس) سيدفعهم إلى مقاطعة الاحتفال نهائياً.
بدايةً نلاحظ بأن هناك خرق للاجتماع والإجماع معاً؛ فهم قد تأخروا عن الاجتماع هذا من جانب ومن الجانب الآخر لم يحضر ممثلهم عن منظمة جنديرس وبالمرة.
أما خرق الإجماع فقد تم عندما رفض رفاقهم في منظمة جنديرس القرار؛ قرار الإجماع السياسي الذي تم بين أطراف الحركة والكتل السياسية المجتمعة في السادس عشر من الشهر (أي قبل يومين) وكان هناك ممثلين من قيادة الوحدة في ذاك الاجتماع، بل كان هو نفسه موجوداَ (أي ذاك العضو الذي ينقل الوضع إلى اجتماع الثامن عشر).
ومن ناحية أخرى هو خرق للإجماع السياسي كون اجتماع الثامن عشر كان للمسائل والقضايا الفنية وليس في المسائل السياسية ليتم تحديد من سيشارك ومن سينحى عن المشاركة ولذلك كان على الحضور أن لا يبحثوا في هذه القضية بتاتاً كون المسألة حسمت في الإجماع السياسي الذي سبقه بيومين.
ولكن وعلى الرغم من ذلك تبحث المسألة وبعد جدالٍ عقيم وطويل – كما هو متعارفٌ عليه بين أطراف الحركة الوطنية الكوردية – يقترح مندوب الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) الاقتراح التالي، حيث يقول: أيها الرفاق قد ناقشنا طويلاً هذه المسألة من دون جدوى والوصول إلى حلٍ لها وعلى الرغم أن المشكلة ليست عندنا ولم نفتعلها نحن ولكن وحيث أنها تمسنا لكوننا انجرفنا إليها ودون إرادتنا، وأيضاً ونتيجة حرصنا والتزاماً منا بنهج (البارتي)؛ نهج بارزاني الخالد والذي يعرف بالتسامح والمصالحة وتوحيد الكلمة والصف الكوردي فإننا نتنازل عن مركز (جلمة) لصالح الأخوة في (حزب الوحدة) إشرافاً ومشاركة فنية وسوف يختصر تمثيلنا في الحضور الجماهيري الشعبي لرفاقنا ومناصرينا وجماهيرنا هناك فقط وذلك حفاظاً على نوروز ووحدة الجماهير الكوردية في هذه المناسبة القومية.
عند ذاك يشكر كل أطراف وممثلي الاجتماع مندوب (البارتي) على هذا الموقف النبيل ويقولون: هكذا عرفنا (البارتي) بأخلاقه وسلوكه المتسامح، وعلى هذا الأساس ينفض الاجتماع ذاك؛ على أن يكون التشارك في أربع مراكز وباسم الإجماع السياسي في عفرين وفقط المركز الخامس؛ (جلمة) سيكون تحت إشراف (حزب الوحدة) لوحده.
يكون ذاك في يوم الثامن عشر ليلاً ولكن صباح يوم التاسع عشر تحمل مفاجئات جديدة؛ حيث وكما يقال: “كلام الليل يمحوه النهار”.
ففي صبيحة يوم التاسع عشر يتلفن عضو اللجنة السياسية لحزب الوحدة والذي نقل المشكلة؛ (مشكلة جنديرس إلى اجتماع الثامن عشر وتم حلها ليلاً) لأحد قيادي (البارتي) وهو الآخر كان عضواً في ذاك الإجماع والاجتماعات السابقة ويطلب منه مقابلته.
وعند لقاءهم يخبره بأن هناك مشكلة أخرى؛ ألا وهي في تعيين مندوبهم في مركز (تل جرناس) التابع لناحية (شيخ الحديد – شيه)؛ حيث يقول بأن رفاقهم في منظمتهم هناك أبلغوهم بأن ذاك المندوب كان قبل ستة أشهر أحد رفاقهم في (حزب الوحدة) وهو الآن ممثل ومندوب عن (البارتي) في الموقع المذكور، فإذا لم يتم تغييره فإنهم لن يشاركوا في احتفالات نوروز.
وهكذا تخلق مشكلة جديدة، مع العلم بأن ذاك المندوب كان حاضراً في اجتماع الثامن عشر كمندوب عن (البارتي) في ذاك المركز وكان عضو اللجنة السياسية هذا حاضراً ولم يعترض عليه آنذاك.
ويضيف (أي عضو اللجنة السياسية لحزب الوحدة) بأنه إذا لم يتم حل هذه المشكلة فإنهم سيحيون احتفالات نوروز لوحدهم (أي من دون الإجماع السياسي) وفي المراكز الخمس وجنباً إلى جنب وبالتالي خمس مراكز ولكن بعشر مسارح، أي في كل مركز مسرحان؛ أحدهما للإجماع السياسي والآخر لحزب الوحدة، وهذا ما تم فعلاً وللأسف.
وهكذا يُبلّغ عضو اللجنة السياسية ذاك، لحزب الوحدة، بقية أطراف الإجماع بقرارهم الأخير هذا.
فيتم الدعوة مرة أخرى للاجتماع ولكل أطراف الإجماع في يوم التاسع عشر مساءً، ويعقد ذاك الاجتماع ولكن يبقى الأخوة في (حزب الوحدة) على موقفهم ولا يتغير القرار؛ (قرارهم هم) وهكذا يخرج (حزب الوحدة) من الاجتماع والإجماع مقرراً أن (يحتفل) بنوروز لوحده وفي مراكز الإجماع الخمسة.
وكان يوم العشرون، ومنذ الصباح الباكر (بحدود السابعة والنصف والثامنة) توجه ممثلان عن الإجماع السياسي لموقع (جلمة) وبرفقة ثلاث مؤازرين للإطلاع على الموقع، فكانت المشاهدات والمناقشات والجدالات التالية: ما رآه وفد الإجماع كان غريباً ومستغرباً – على الرغم من توقعهم ذلك – ولكن ما رأوه فاق كل التوقعات؛ حيث شاهدا بأن الحزب (حزب الوحدة) قد أوعز إلى كل رفاقه وأنصاره في منظمة جنديرس للاجتماع والتجمع في الصباح الباكر – صبيحة العشرون وليس الحادي والعشرون؛ يوم الاحتفال – على ساحة ذاك المركز وهذا ما كان بالفعل؛ حيث كان هناك كل رفاق منظمتهم ومنذ لا يدري أحد في أي ساعة من الفجر ومرافقين معهم آلات العزف و(الدبايح؛ أي الأكل من مشاوي وغيره) وأيضاً وضع مسرحين من مسارح الأعراس في المركز وكلٌ منه في طرف من أطراف الموقع وبشكل متقابل لبعضهما البعض؛ بحيث لا يكون هناك مجال لأطراف الإجماع السياسي أن يضعوا مسرحهم في ناحية من النواحي.
وعلى الرغم من هذه الأجواء المشحونة والتي كنت تستطيع أن تقرأه من ملامح رفاق (حزب الوحدة) وتصرفاتهم تجاه ممثلي الإجماع السياسي – حتى التحية والسلام رفض الكثير منهم (من رفاق الوحدة) أن يؤدوه أو يردوه على مندوبي الإجماع، على الرغم من المعرفة الشخصية بينهم بل على الرغم من الصداقة والقرابة التي تجمع بين العديد منهم ومن الجانبين – نعم، وعلى الرغم من هذه الأجواء الغير ودية حاول ممثلي الإجماع تهدئة الأوضاع والتفاوض والتفاهم حول المسألة والقضية الإشكالية هذه (وا خجلاه)؛ حيث حاولوا في البداية أن يُفهِموا الشباب (بعضٍ من رفاق الوحدة) بأن هذا المركز هو للإجماع السياسي وبأن (حزب الوحدة) هو خارج الإجماع – هنا قفز أحدهم وقال: هذا غير صحيح الإجماع معنا (أي مع الوحدة) و(البارتي) لوحده خرج عن الإجماع، فتم مباشرة الاتصال بجهة ثالثة وتم توضيح الحقيقة بأن (حزب الوحدة) هو الذي خارج الإجماع وليس (البارتي) كما هو منقول له من قيادته (وللأسف) وبذلك أبتلع لسانه وسكت – وهكذا قيل لهم من قبل ممثلي الإجماع: بما أنكم خرجتم عن قرار الحركة فكان عليكم أن تختاروا موقعاً آخر.
ولكن وعلى الرغم من ذلك فليكن الموقع لكلينا ويحتفل كلٌ منا على مسرحه وهو أمرّ الأمرين.
عندما تم طرح هذا الاقتراح قفز أحد رفاق (حزب الوحدة) وهدد بقتل كل من يضع مسرحاً آخر في المركز فتم التدخل وأسكت هو الآخر.
وأخيراً وعندما نوقش المسألة من قبل ممثلي الإجماع مع قياديين من قيادي (حزب الوحدة) كانا من بين الموجودين وأحدهم عضو اللجنة السياسية ومسئول منظمة جنديرس في حل المعضلة هذه، أقترح هو بأن يعودا (أي ممثلي الإجماع) إلى الإجماع السياسي في عفرين ويحلا المشكلة، وكأن القضية لا تعنيه مع العلم هم مفتعليها، وعندما أجيب بأنهما يمثلان الإجماع ويمكن حلها هنا وبينهم مباشرةً رفض تمثيلهما فحاولا إقناعهم بأن يذهبوا هم الأربعة (إثنان من الوحدة مع ممثلي الإجماع) لحل القضية في عفرين لكنهما رفضا الاقتراح ذاك أيضاً، بل أنبرى أمامهم حينذاك الممثل الآخر عن (الوحدة) – وهو الآخر عضو قيادي في الحزب – وقد تفتق (عقليته الهيغلية) بحجة مفادها: إنكم (أي البارتي) قلتم في اجتماع الثامن عشر بأنكم لن تشاركوا على المسرح، فأجيب بأن ذاك كان صحيحاً ولكن لصالح الإجماع ووحدة نوروز والصف الكوردي المشترك والواحد أما اليوم وقد قررتم في (حزب الوحدة) أن تخرجوا عن قرار الإجماع فقد سقط الشرط اللازم لنا وبالتالي فالمركز والقرار هو قرار ومركز الإجماع وأنتم خارجه.
وهكذا أشتد الوطيس ولكن وعلى الرغم من كل الجهود والمحاولات لم يتم التوصل إلى الحل وقد أصبحت الساعة بحدود الثانية عشر وعندها وعند خروج ممثلي الإجماع السياسي من ساحة (جلمة)؛ ساحة الوغى وفهم من قبل المؤازرين الثلاث والذين كانوا برفقة المندوبين بأنهم سيتركون المركز لصالح (حزب الوحدة) وذلك حرصاً على سلامة نوروز والجماهير الكوردية من أن تفتعل مشاكل في يوم الاحتفال بحيث تؤدي إلى اقتتال دموي وضحايا وقرابين – كون أحدهم (وهو من رفاق حزب الوحدة) أعلن وبصراحة بأن سيكون هناك قتلى إن وضع مسرحٌ آخر؛ أي مسرح الإجماع في ذاك الموقع – فقد حاول أحد المؤازرين أن يحل المشكلة بطريقته.
فخرج من بينهم ووقف وسط رفاق (حزب الوحدة) وأعلن بصوت جهوري: بأنه سيضع المسرح الثالث (مسرح الإجماع) وسط المسرحين (أي مسرحي الوحدة) ومن ثم عاد إلى ممثلي الإجماع وخرجوا من بينهم وهم يحاولان تهدئة هذا (العنتر) الجديد بأن هذا القرار بوضع مسرح ثالث وسط الآخرين ليس في صالح نوروز والقضية الكوردية؛ وأي قضية!.
تأثير كلام ذاك (العنتري) من مؤازري مندوبي الإجماع – بحكم القرابة لأحدهم وليس للقناعة السياسة – كان أكثر جدوى وفعالية على رفاق (حزب الوحدة) حيث أنهم يعرفون الشخص ذاك خير المعرفة وبأنه عندما يقول ويهدد هكذا فهو قادرٌ على الإيفاء بوعده ووعيده ذاك وهذا ما دفع ببعض عناصر ورفاق (حزب الوحدة) من قرية (جلمة) أن يبادروا باقتراح ٍ جديد مع ممثلي الإجماع؛ حيث كان اقتراحهم كالتالي: أن يكون المسرح والمركز باسم أهالي قرية (جلمة) وتكون مشاركة الفرق الفنية من الطرفين وبالقرعة بحيث يحدد من يكون أولاً ومن هو التالي وأن يكون الانضباط من الطرفين وبالتساوي وأيضاً المصاريف وغيرها، وعلى أن تكون القيادة والإشراف؛ قيادة الاحتفال والمسرح تحت إشراف شخصين من قرية (جلمة) أحدهم من رفاق (البارتي) والآخر من (الوحدة).
ومن فوره ودون تردد تم قبول الاقتراح من قبل مندوب الإجماع (من قبلنا وبتواضع نقولها)؛ حيث كان المندوب الآخر مشغولاً بتهدئة المؤازرين والأجواء.
وهكذا أخرجتُ البرنامج وسلمت إليهم وقلنا هذا هو مندوب ومسئول المركز المفوض من قبلنا وأنتم سموا مندوبكم وهاتوا ببرنامجكم ليعاد وضع برنامجٍ جديد من قبل المسئولين المعينين هنا.
فأُرسل شخص – رفيقٍ لهم إلى قيادتهم؛ حيث كنا أصبحنا على مسافة لا بأس بها من البعد الجغرافي والموقفي من بعضنا.
وهكذا غادرنا ذاك (المسئول) الجديد المعين من قبل رفاق (الوحدة) في جلمة ولكن من دون أن يعود إلينا بخبر، إن كان إيجاباً أو سلباً.
فأرسلنا في طلبه آخرين؛ منهم من كان قد هددنا ولكن من دون أن يعودوا هم أيضاً وبأي خبر.
وأخيراً ذهبنا جميعاً ومن أنصار الطرفين، وعند وصولنا إلى مقربة ٍ منهم كان رفاق (الوحدة) هم أنفسهم في مواجهة البعض ومن بينهم كان الذي قد هددنا في البداية وهو يلعن ويشتم (قيادة حزب الوحدة) ويخرج من بين صفوف رفاقه غاضباً والبعض منهم يحاول تهدئته ولكن من دون جدوى، وقد خرج فعلاً من الموقع والمركز وحضر في اليوم التالي إلى مركز الإجماع (ليحتفل) بالعيد مع رفاقه في الحركة الوطنية الكوردية.
عند ذاك أقترب ذاك القيادي في (حزب الوحدة) الذي قال لنا أثناء التفاوض “بأنكم أنتم قلتم في الثامن عشر أنكم لن تشاركوا في قيادة الاحتفال ليقول هذه المرة لي شخصياً وهو يرتجف من الحقد والحنق: “أنت أتيت إلى هنا لتصطاد في الماء العكر وهيا أخرجوا من هنا، وبما معناه – وباللغة العامية؛ لغة الشارع والسوق – انقلعوا من هنا”.
وطبعاً من دون أن يدرك معاني جملته التي تتهمنا بأننا نحاول الاصطياد “في الماء العكر” حيث إنه يتهم ويدين حزبه من خلال مقولته هذه ويصفه “بالماء العكر” أي بذاك المستنقع الراكد والآسن.
وهكذا – انقلعنا – وكان أمامنا خياران لا ثالث لهما؛ إما أن نأتي بمسرحنا (مسرح الحركة والإجماع السياسي) ونضعه بين الاثنين (لحزب الوحدة) – كما هدد مؤازرنا رفاق (الوحدة) بذلك – وبالتالي ليكن ما يكون و”ليكن من بعدِ الطوفان” والقرابين والضحايا ولعنة الجماهير ولكلينا.
أو نحن ننسحب ونهدأ الأجواء ونحن نعلم بأن الجماهير سوف تتوجه إلى مركز (جلمة)؛ كون المركز والموقع قد عمم من قبل الجميع وبالتالي فالمركز الجديد والذي سوف يكون للإجماع السياسي سيكون ضعيف جماهيرياً ولكنك تكون قد جنبت جماهير نوروز من تفجير وضعٍ لا تعرف عقباها كون يوم الواحد والعشرون سيكون ملأى (بالعانتر) ولن تكون قادراً على التحكم بهم وهكذا سيكون المشاحنات وفي أجواء مشحونة ومتحزبة وربما تكون هناك قرابين واعتقالات و..
إلى ما هنالك.
وحينها ذكرنا أحد الأصدقاء بقصة (الطفل الضائع) حيث الحكاية تقول: بأنه في يوم من الأيام ضاع طفلٌ رضيع وبعد أيامٍ أتت إمرأتان تدعيان بأمومة الطفل وكون الطفل رضيع لا يعرف أن يقول للقاضي – الحاكم من هي أمه الحقيقية وأيضاً كون أن العلم لم يكن قادراً ومالكاً حينها للتحليل المخبري لكي يحلل الشيفرة الوراثية والـ(د ن ن) وبالتالي يحدد النسل فأوقعت المحكمة في يدها.
ولكن ذكاء القاضي حل القضية وبالفكرة التالية؛ حيث أوقف الطفل في وسط القاعة وبداخل دائرة رسم حول الطفل وطلب من المرأتين أن تمسك كلٍ منهما بأحد يدي الطفل وتشده إلى طرفها فمن شدته إلى ناحيتها تأخذ الطفل لنفسها.
وهكذا أخذت المرأتان تشدان الطفل ولكن لاحظ القاضي – الحاكم بأن أحد المرأتين وحينما ترى بأن الطفل يبكي وجعاً وألماً نتيجة الشد لذراعيه ترخي من جانبها كي تخفف الألم على الطفل، حينها أوقف القاضي (اللعبة – المسرحية) ومنح الطفل للمرأة التي كانت ترخي من جانبها وقال للمرأة الأخرى والتي كانت تشد ذراع الطفل بقوة ودون عطف ورحمة: “لو كان الطفل لك لوجع قلبك وحن على طفلك، أما والله لست بأم الطفل” وطلب معاقبة المرأة تلك.
وهكذا وبهذه الحكمة الشعبية والتراثية رأينا أن نرخي من جانبنا إن كنا بحق (الأم الرءوف) لنوروز والشعب والقضية الكوردية برمتها وبالتالي قررنا أن ننسحب من مركز (جلمة) وهذا ما تم فعلاً وبالتالي أُحدِث مركز جديد باسم الإجماع السياسي الكوردي في عفرين وذلك على موقع (تل جنديرس).
وإلى هنا (تنتهي) حكايتنا – مأساتنا في نوروز هذه السنة والتي انشقت على نفسها بخروج (حزب الوحدة) على قرار الإجماع السياسي منطلقاً من العقلية الحزبوية الضيقة وليس انطلاقاً من مبادئ نوروز المتسامحة المتآخية والتي تدفعنا إلى توحيد الجهود والطاقات وليس تشتيتها وتفتيتها، وأخيراً نأمل من الأخوة في حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي) وكل الغيورين على القضية الكوردية في سوريا أن يقف عند هذه التجربة بحيث نشخص الأسباب والأخطاء ونتداركها مستقبلاً كي لا تتكرر التجربة في مناسبات أخرى وأن لا نجعل من الخلافات الحزبية الضيقة بين منظمتين أو بين شخصين في حزبين كورديين سبباً للانقسام والتشتت ولنرتقي بنضالاتنا فوق هذه (التفاهات) وعلى الأحزاب الكوردية – وهنا الأخوة في حزب الوحدة – أن ترتقي بعملها السياسي إلى سوية أعلى من هذه؛ فليس من المعقول أن يكون خلاف منظمة لها مع أحد كوادر (البارتي) يكون سبباً لشق الإجماع السياسي الكوردي وبالتالي جعل نوروز نوروزان و..
فهمكم كفاية.