وفي كل عام، ومع قدوم ( النوروز )، نحن على موعد مع الجديد من المنغسات، التي تلاحف نسماتها، بسمات الفرحة التي تشق طريقها، كي ترتسم على شفاه براعمنا، وهي على موعد مع احتضان الطبيعة عبر أهازيج الفرح ونشوة الانتصارات، لأن هناك ما هو منتظر من سلوكيات وممارسات، لا تحلو لها رؤية الآخر وهو يداعب ألوان الطيف وشقائق النعمان، ولا نفهم منها سوى أنها ملامح الصبينة وهي تمارس السياسة، إذا ما أخذنا الأمور على بساطتها، وإلا لكان لنا القول بأنها لا تشكل سوى إصرار على النخر في المشاعر وتمزيق في الأواصر، وهي تصارع المواقف حين يكون الإصرار على الأنا الحزبي، والسباق أو التسابق من أجل كسب المزيد من الدقائق على خشبات المسارح ضمن الحاضن ( النوروزي ) الذي هو ملك الكل قبل الشخص والفئة والحزب ..
وفي كل عام، وعلى مرمى حجر من آلة القمع والترهيب، وبجوار أضرحة الشهداء، والدم الذي لم يزل يبحث عن الوفاء، من خلال التمسك بقيم النضال ووحدة الصف، نكون في حالة شد ومد، وضمن حسابات أو تصفية حسابات، متناسين الكم الهائل من المشاريع وأشباه المشاريع، التي نتباها بها وندعوا من خلالها إلى شد الوثاق كي لا ينفرط العقد بين صفوف العائلة، دون أن نستدرك بأننا نحن الذين نحتاج إلى من يجمعنا أو يشتت من أوهامنا التي نكون أسرى لها ونحن نبحث عن حزبيتنا الفاقعة..
فكم هو مؤسف، وبحكم المآل الذي نحن فيه، وإدارة التوازنات الحزبية عبر إدارة الأزمة، أن ننحدر إلى هذا الدرك من الكتابة، وكم هو مخجل أن نحشر بأنوفنا في هكذا مسائل، نترفع عنها، بحكم احترامنا لما نعتبرها رسالتنا في أدائنا وكينونتنا، وكم هو حزين أن نحمل المستقل تبعات انكساراتنا، حين يشاركنا البحث عن آليات التوحد بدل التشتت والتشرذم على حساب مشاعر البسطاء من بني جلدتنا..
ولكن وأمام هكذا مواقف؛ نكون على موعد معها سنة تلو الأخرى، نجد أنفسنا مضطرين للخوض فيها، كوننا نلمس أن من يقف وراء مثل هذه المواقف، يحاول أن يدفع إلينا برسالته على أنه يستخف بماهيتنا من حيث القدرة على فك الطلاسم وحل الألغاز وقراءة ما هو خلف السطور ..
فما حصل ويتكرر إعادة إنتاجه، عبر حالات التناحر والتصارع على، ومن أجل النوروز، وحتى لا نكيل الأمور بموازين لسنا في وارد الالتجاء إليها، يدفعنا إلى أن نقول قولاً واحداً؛ كفى التلاعب بالمشاعر والعبث برسالة ( النوروز ) سنة تلو الأخرى، وتحت يافطات ومسميات مختلفة ومختلقة ..
فكل عام والجميع بألف خير ..
ودمتم .