وتبقى العبرة في الالتزام بالاتفاقية

علي جعفر

 
وأخيراً، وبعد مباحثات اتجهت نحوها انتظار الشارع الكردي ( السوري ) خاصة، والكردستاني عامة، توصل المجلسان الكرديان إلى التوقيع على اتفاقية دهوك التي يمكن اعتبارها مكملة لاتفاقيتي هولير 1 و 2. 
مما لا شك فيه بأن تلك الاتفاقية لم تكن ترى النور لو لم يبادر الرئيس مسعود البارزاني إلى دعوة الطرفين مرة أخرى إلى جنوب كوردستان، ويشرف بنفسه على تلك المباحثات. وقد أثبت بمساعيه المشكورة هذه مرة أخرى بأنه رجل المسؤوليات الصعبة، وأنه يضع المصالح العامة للشعب الكردي في كافة أجزاء كردستان فوق كل اعتبار.  
وبالترافق مع التوقيع على هذه الاتفاقية، اتخذ اليوم برلمان جنوب كردستان قراراً تاريخياً مهماً يقضي بإرسال البيشمرگة والأسلحة إلى مدينة كوباني لفك الحصار عنها وتحريرها، بالاضافة للقرى والبلدات التابعة لها من رجس تنظيم داعش الإرهابي، لكي يتمكن أهلنا المقيمون في اغلبيتهم في المخيمات في تركيا وجنوب كوردستان من الرجوع إلى ديارهم بعزة وكرامة.
أما بخصوص اتفاقية المجلسين، فليسمح لنا قادتنا الموقعون عليها أن نهمس في أذنيهم، همسة الأخ الصغير لأخيه الكبير، ونقول:
1- إن شعبنا يمر بظروف استثنائية وخاصة، فهو أمام؛ إما أن يكون، أو لا يكون. ولا مكان في عالمنا اليوم للضعفاء والمتشرذمين. وأنتم الأدرى بأن قوة الكورد تكمن في اتفاقهم وخطابهم الموحد، فبقدر ما تتحق هذه الوحدة، بقدر ما يكسب الكورد المزيد من الأصدقاء والمؤيدين بين صفوف العالم الديمقراطي الحر، الذي طالما طالب ويطالب بأن يكون للكورد ممثلية لكي يتم التعامل معه من خلالها، وأنه ليس مستعداً لأن يتعامل مع الفصائل والأحزاب منفردة. 
2- يجب أن تكون نسبة الـ: 20% المخصصة للمستقلين، لمستقلين حقيقيين، لا يجيء كل طرف بنسبته من أتباعهم. نؤكد على هذا لأن التجارب السابقة لم تكن موفقة في هذا المجال. وهذه النسبة يجب أن توزع بين تنسيقيات شبابية ونسائية ووطنيين مشهودين لهم. ومن شأن هؤلاء أن يرجحوا كفة الميزان عند الضرورة للصالح العام من جهة، وأن يلعبوا دور المراقب لعمل ونشاط الهيئات والمؤسسات المختلفة المنبثقة من البنود الرئيسة الثلاثة للاتفاقية.
 3- إن تطبيق بنود هذه الاتفاقية، يعني الاقتراب من كسب الفرصة التاريخية التي سنحت لكورد غرب كوردستان، لكي يحصلوا على حقوقهم القومية المشروعة. هذه الفرصة التي قد لا تتكرر بعد مائة عام أخرى. وهذه مسؤولية تاريخية تقع على عاتق من يرى في نفسه ممثلاً للشعب الكردي.  
4- مع التوقيع على بنود هذه الاتفاقية تنتفي مبررات خروج أغلبية قادة ومسؤولي فصائل المجلس الوطني الكردي من ساحة النضال في غرب كوردستان. وإذا كان لا بد من اقامة البعض القليل في الخارج للعمل الدبلوماسي والاتصال مع العالم الحر، فيجب على الأغلبية الرجوع مباشرة، والنضال بين صفوف الجماهير والشعب. فالمناضلون الحقيقيون والصميميون هم الذين يتقاسمون جماهيرهم وشعبهم المحن والمشقات.   
5- هذه فرصة أخيرة لقيادات الفصائل الكردية؛ فإما أن تجنح قولاً وعملاً إلى جانب المصالح العليا للشعب الكردي، وإما أن تسجل أسماؤهم في سجلات المحامين الفاشلين لقضايا عادلة ومحقة، وهذا ما لا نرضاه لأحد.  
6- وتبقى العبرة في التزام الجميع، والعمل على ألاّ تُحال هذه الاتفاقية كسابقتيها الهوليريتين إلى الرفوف يعلوها غبار النسيان، أو يتم الانقلاب عليها.
 
  22/10/2014

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…