تكرار الأخطاء يعني غياب الرؤية السياسية

قهرمان مرعان آغا 
يقول انشتاين 1955-1879 :
أ.  من السذاجة نعمل نفس الأمور بنفس الطريقة ثم نتوقع نتائج مختلفة.
ب. أن نحل مشاكلنا المزمنة بنفس العقلية التي أوجدتها…..؟ “نقلاً عن الدكتور طارق السويدان”.
ما يجري في مدينة دهوك بين المجلس الوطني الكوردي – سوريا وحركة المجتمع الكوردستاني التابع ل ب.ك.ك برعاية ديوان رئاسة إقليم كوردستان العراق، من حوار، ليس بمقدور أحد أن ينقده دون صدور نتائج، طبعاً لا أحد يجرأ على القول بأن الحوار غير مفيد، فما بالك اﻹتفاق.
الشعب الكوردي في كوردستان الغربية ليس بحاجة إلى حوار، بل إلى تباحث وإتفاق، والإتفاق تاريخياً وحاضراً غائب عن الساحة ناهيك عن الإلتزام و التنفيذ. وتكرار تجربة إتفاق هولير للمرة الثالثة سيلحق بالقضية القومية ومصالح شعب كوردستان المزيد من الضرر والبعثرة، مادامت تجري بنفس طريقة سابقاتها من حيث المكان والأطراف والملفات و بالتالي لا يمكن توقع نتائج مختلفة، بسبب تعنت طرف سلطة الأمر الواقع ومراوغته، سواء بإستمرار التفرد أو التملص من التنفيذ .
لأن الخلاف بنيوي بين الفريقين، بدءاً من الأساليب وانتهاءً بالغايات، فالعقلية التي أوجدت المجلسين ولم تستجب لتشكيل مجلس واحد في بداية الثورة السورية، هي العقلية نفسها التي يتباحث بها الطرفان المتحاوران، كلاً من خندقه، بعد أن حصنها أنصار ب.ك.ك بالمزيد من المتاريس بين أبناء الشعب الكوردي وعلى أرض الواقع.
فالفئوية التي أوجدت الواقع المأزوم في كوردستان الغربية هي المرجعيات الكوردستانية  لأغلبية الأحزاب السياسية لكورد سوريا. فكان من الأفضل والأجدر أن تجتمع الأطراف الكوردستانية الفاعلة، ذات الإمكانات البشرية والمادية والسلطة والنفوذ    p.d.k – y.n.k – p.k.k للوصول الى صيغة توافقية للشراكة الحقيقية ومتابعة تنفيذها، وإبلاغ المجلسين بالإلتزام والتقيد. لكن مع الأسف لا يمكن لتلك القوى أن تجتمع ﻹختلاف توجهاتها الإقليمية وربما يحصل التوافق في وقت لاحق، حيث يستجد الكثير من الأمور ويتحتم على الجميع الأخذ بالخيار الأفضل مضطراً لمصلحة شعب كوردستان. 
وما يزيد من تعقيد اﻷمور هو تكرار الأخطاء من قبل راعي الإتفاق “ديوان رئاسة الأقليم” وتتلخص تلك الأخطاء فيما يلي من وجهة نظري. 
أ- انصار ب.ك.ك لا ينظرون إلى الراعي كمدير مستقل بل يرونه ممثل عن الطرف اﻵخر من المعادلة وما يخرج إلى السطح من تصاريح، ليست سوى أقوال لا يحمل أصحابها أية مسؤولية ويمكن إدراجها في بند المجاملات أكثر منها قناعات، فكان من المفروض إشراك أطراف كوردستانية أخرى للإشراف، ﻷنه سبق أن أشرف تلك الشخصيات على مباحثات فرع ديمقراطي كوردستاني- سوريا مع حزب الإتحاد الديمقراطي – فرع ب.ك.ك في سوريا في هولير 2013 وفي جنيف 2014 دون الوصول إلى إتفاق ثنائي. تمهيداً لتقاسم النفوذ  وبوجود سلطة النظام طبعاً. 
ب- الأطراف الكورستانية المذكورة أوجدوا ضالتهم في كوردستان سوريا خلال عقود القرن الماضي من خلال علاقتهم مع الدكتاتور حافظ الاسد وجعلوا من كورد سوريا وكوردستانها مطية لتنفيذ مآربهم الحزبية على حساب قضية الشعب الكوردي في هذا الجزء من كوردستان  وتحديداً ب.ك.ك،  ولا زالوا يمارسون تلك الساسيات بتلك العقلية من خلال الشراكة مع النظام الاسدي، ويبدو أن البارتي ديمقراطي ويكيتي نشتماني، لا زالا يحتفظان مع النظام الاسدي وكلاً بشكل نسبي بخيوط ناعمة كالحرير عصية على التمزق بسهولة، حتى بات الجميع لا يكترثون بوجود النظام في إقليم كوردستان سوريا بجبروته وإجرامه وسطوته، هذا الوجود والشراكة يعد من الأسباب الرئيسية لعدم تقبل أنصار ب ك ك وإلتزامهم بأي إتفاق مع المجلس الكوردي. وكما يبدو أن رسائل النظام الاسدي الموجه إلى إقليم كوردستان العراق مشفرة وغير واضحة وحامليها من مسؤلي الإرتباط يصابون بالخذلان في كل مرة. هذا يعني بأن الأقليم لم يدرك بما فيه الكفاية مدى الإرتباط وحجم العلاقة بين النظام و ب.ك.ك وتطورها خلال االسنوات الثلاث من عمر الثورة السورية.
ج- ظروف إنعقاد إتفاق هولير بين المجلسين يختلف عن ظروف مباحثات دهوك من حيث تطور الحالة السياسية للأطراف مجتمعة ومن حيث الأوضاع على الأرض ، حيث جاء لمصلحة أنصار ب.ك.ك في كوردستان الغربية، بسبب أتباعهم  سياسة تطويع إرادة الشعب الكوردي في أماكن تواجده وفق رغباتهم وإدارتهم الذاتية التي اكتوى بسطوتها من ليس في صفهم من أبناء الشعب الكوردي دون المكونات الأخرى، وما حدث من إفراغ للمناطق والهجرة والتضييق على النشاط السياسي والثوري، خير مثال ، وهذا بالنسبة لهم إنجاز مرحلي وتطور مذهل، وورقة ضغط يشهرون بها في مواجهة الطرف الآخر المجلس الكوردي، والتبجح بأن المجلس بانضمامه الى اﻹئتلاف السوري لقوى المعاضة  قد تخلف عن الركب، ولا يملك شيئ على الأرض ، وكان لسياسة الأقليم المترددة في عدم دعم المجلس ومنعه من تشكيل قوة عسكرية منذ البداية لخلق توازن ردعي مقابل أنصار ب.ك.ك والنظام، أثره البالغ في إيجاد حل وشراكة في إطار الهيئة الكوردية العليا في حينه وفقاً لإتفاق هولير ، ومع كل اﻷسف كان ميل الحزب الديمقراطي الكوردستاني العراق إلى جانب حليفه في سوريا دون الاحزاب اﻷخرى، أثره السلبي البالغ، واستئثارهم بقوة بيشمركة كورد سوريا دون غيرهم، وبالتالي دفعهم إلى الساحة عند وقوع اي مستجد لترتيب الأوضاع لصالحهم  على الأرض . أو لغرض الإتفاق الثنائي مع ب.ي.د فرع ب.ك.ك في سوريا، والدليل المباحثات السرية بين الطرفين في هولير وجنيف.
د-  ظهور قوى وكيانات جديدة في المنطقة “الدولة الاسلامية، داعش” بغض النظر عن موقفنا من هذا التنظيم الارهابي المجرم بحق شعبنا الكوردستاني، وهو أشد إرهاباً من النظام السوري الذي أوجده وسانده، وهو الجار الجنوبي المستقبلي لكوردستان على إمتدادها 
كان من المفترض أخذ تداعيات عدم الإتفاق في ظل هكذا أوضاع وخاصة بند تأسيس قوة عسكرية موحدة، ومقاومة كوباني البطلة تنادت لأسماعها العالم، فلم يتوفر أسباب الضغط بما فيها استهداف مصالح النظام الاسدي، واتخاذ تدابير التوافق التي من شأنها إلزام طرف سلطة الأمر الواقع في كوردستان سوريا بالحل الذي يحمي المصالح الحقيقية للشعب الكوردي في سوريا، مع استمرار النزيف في معظم الجبهات في مواجهة الإرهاب، يزداد التنافس الحزبي الذي يذكيه الإعلام الحزبي ذاته في إقليم كوردستان العراق بمحازات المؤسسات المفترضة أن تكون وطنية بإمتياز، فما بالك بأطراف الصراع في كوردستان سوريا ،، والمثال ،، حكاية أرسال العتاد العسكري إلى كوباني المنتصرة .
ه – التدخل الدولي لحماية شعب كوردستان من الارهاب “إرهاب داعش وأخواتها” مع استثناء أرهاب النظام، اي بمعنى حفاظها على الحدود السياسية الحالية لاتفاق سايكس بيكو وكانت الضغوط الامركية على حكومة الاقليم للتوافق على حكومة العبادي في بغداد جزء من تلك الإستراتيجية التي نسفها داعش بإزالة الحدود. وهذا سيدعم موقف النظام السوري من معارضته لأي تقارب بين المجلسين وتوحيد أي جهد مشترك يهدد وجوده عاجلاً أم آجلاً. 
– قد يكون من نتائج هذه الجولة ارسال رسالة من هولير الى أنقرة مفادها، لدينا نسخ تقليدية من مفاتيح الحل إذا تم تسهيل الأمور وعدم تعقيدها من قبلكم، خاصة بعد الهبة الشعبية في المدن الكبرى في كوردستان وتركيا، بسبب الموقف التركي من الهجوم الإرهابي لقوى الشر و الظلام على كوباني الصامدة وريفها، وما رافقها من تنامي الموقف الدولي الداعم لتكثيف الضربات الجوية على “داعش” وبالتالي التعاطف مع محنة الكورد، ومساندة القضية العادلة للشعب الكوردي في سوريا، والموقف التركي الأخير جاء كمراجعة حساب وكنتيجة ضغط داخلي سطره دماء الشباب الكوردستاني الثائر. 
– ربما الموقف الموقف الامريكي الحالي من ب ي.د ولقاء باريس، وكذلك إسقاط اعتدة على كوباني المحاصرة، والتنسيق مع إقليم كورستان العراق، والموقف التركي اﻷخير  سيدفع قنديل “قيادة ب.ك.ك” إلى مراجعة سياساتهم وتحالفاتهم وبالتالي انعكاس ذلك على مجمل القضية وخاصة في كوردستان الغربية.
  إنتهت في  2014/10/21
* أينشتاين : عالم فيزيائي الماني الأصل ، يهودي، أمريكي الجنسية، صاحب نظرية النسبية الخاصة والعامة، والتي تشمل  “الزمان-المكان- الكتلة – الطاقة” وهو الذي أوجد البعد الرابع في الكون وهو الزمن. أبعاد الكون = الطول، العرض، اﻹرتفاع، الزمن.=للتذكير فقط .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…