عبداللطيف سليمان
كان موعد حجزي لقطار حلب الساعة الحادية عشرة ليلاً و رجلا شيخاَ قد حل ضيفا مثلي على دار عمي المرحوم عبدالله سليمان في حي العنترية و اتذكر انه كان من منطقة السنجق فقال لي ابن اخي ساسليك بقصصي حتى يحين موعد سفرك و مما حدثني العم الحكيم من احاديثه الشيقة أنه الآن عائدٌ من لبنان حيث 1982 و الاجتياح الاسرائيلي فقال :
ذهبت لأطمأن على سلامة ابني العسكري في الخدمة الالزامية بعد أن عرفت عنوانه الجديد بعد الانسحاب و نزلت من الباص على مفرق يوصل الى قمة جبل في لبنان و قد غطته الثلوج حيث القطعة العسكرية التي يخدم فيها ابني …
وصلت الى الخيمة التي يسكن فيها و لم تمض ربع ساعة حتى جاءني عسكري الى الخيمة و يخبرني بان سيادة المقدم يريدني ان اذهب الى خيمته فأوحيت براسي له اني سمعت … .. لم تمض نصف ساعة اخرى و اذ بالجندي نفسه جاء ليكرر الطلب نفسه فقلت له ابني اخبر مقدمك ان ابني عنده عسكري و لست انا فان اراد مقابلتي عليه ان ياتي الي و هنا ., قال بالفعل لم تمض دقائق و اذا بالمقدم جاءني و بعد المعانقة و السلام اعتذر لي و ادعى ان الحاحه على رؤيته بهذه السرعة كان سؤاله و استغرابه كيف اتيت سيرا على الاقدام و بدون سلاح و رجل في السبعينات من العمر ألم تخشى أن تأكلك الوحوش أيها العم !!!؟؟؟؟ فسرد لي العم الضيف مثلي جوابه و قال :
قلت للضابط المقدم هل تعلم بعد قطعي كل هذه المئات الكيلومترات و من سوريا الى لبنان و بعد نزولي من الباص و رؤيتي للثلوج و اعود الى البيت دون ان ارى ابني و تسألني امه هل رأيت ابننا و اقول لها أني خفت أن تأكلني الذئاب و الضباع في الجبل المغطى بالثلوج هل تعلم ماذا يكون حالي و موقفي بعدها …..؟ لن أستطيع النظر الى عيون زوجتي بعدها فما بالك بكناتي و بناتي و نساء القرية كلها .. سيادة المقدم زغاريد نساءنا في الشدائد و المعارك هو الاعصار الذي يمنعنا من التراجع عن الهدف الذي نحن بصدده ….. سيادة المقدم أنا الآن محتار و افكر فيكم كيف تقابلون نساءكم و كيف تخبروهن أنكم قد هزمتم امام الجيش الاسرائيلي من جنوب لبنان الى شماله …
أقول للسادة في دهوك اخجلوا من زغاريد أمهات الشهداء و دموع آبائهم و ارحموا مرارات ذوي المهاجرين و المهجّرين و المعتقلين فكلهم اخوانكم و اخواتكم ……