نوري بريمو
بعيداً عن لغة التحامل أو التشفي من أي طرف كوردي في هذا الوقت العصيب الذي يتعرّض فيه غرب كوردستان وخاصة كوباني للغزو من قبل تنظيم داعش الإرهابي الذي يترعرع في أحضان نظام الأسد وأسياده الإقليميين المتربصين بحاضر ومستقبل الكورد وكوردستان، وليس من قبيل الضرب في الميّت والنبش في الماضي، وإنما لوضع بعض النقاط على الحروف وتوصيف الحالة وتحديد المسئولية عما يجري في ساحتنا والتفريق بين الخطأ والصواب وبين الجاني والضحية…وإلخ، ورغم إحترامنا لمواقف وآراء كل الأطراف الكوردية والكوردستانية، إلا أنه لا يخفى على أحد بأن حزب (pyd) يتحمّل الجزء الأكبر من مسئولية التفريط بمقومات ومستلزمات توحيد جبهة الدفاع المشترك عن القضية والديار الكوردية للتغلب على المخاطر الخارجية التي باتت نواقيسها تدق على أبوابنا من كل حدب وصوب،
لأنّ هذا الحزب قرّر التهرّب من العمل الجماعي والخروج من البيت الكوردي والتغريد فوق السرب منذ البداية وحتى الحين، وكان يعرقل جهود تلاقي وتوحيد الصفوف وقد وضع العصي في عجلات تأسيس المجلس الوطني الكوردي ولم ينضم إليه ومنع أنشطته وقمع مظاهراته وفرض التجنيد الإجباري بشكل عرفي وأغلق مقرات المجلس ومكاتب أحزابه ولاحق منتسبيه ومؤيديه واعتقل مئات النشطاء وقام أنصاره بتصفية العديد من القياديين كإغتيال الشهيد نصرالدين برهيك وخطف وتغييب المناضل بهزاد دورسن وغيرهم والحبل على الجرار.
ولعلّ الغرور الذي أصاب حزب (pyd) فور استلامه لزمام الأمور في غرب كوردستان بموجب اتفاق سري بينه وبين نظام الأسد، جعله يتعالى فوق الجميع ويتصرف بشكل سلطوي ويستأثر بالشأنين الأمني والعسكري بمفرده وينسحب من إتفاقية هولير ويضرب بنودها بعرض الحائط ويلغي “الهيئة الكوردية العليا”، وقد كاد أن يورّط الشارع الكوردي في فخاخ الإقتتال الأخوي في أحيان ومرات عديدة، ومارس مختلف صنوف السطوة الأمنية على الشارع الكوردي وعلى الأطراف الأخرى لتفريق الصفوف وحصول القطيعة بينه وبين المجلس الوطني الكوردي، مما أدى إلى بلوغ حالة ضعف للجسد الكوردي، أدت إلى تشجيع نظام الأسد ليتمادى في تنفيذ سياساته الشوفينية المعادية لشعبنا وليرتكب في هذا المطاف الأخير حماقات كثيرة بحق الكورد أبرزها تكليف ذراعه الإرهابية “داعش” لتتجرأ وتداهم ديار الكورد وتهدّد أمنهم وإستقرارهم عبر غزو كوباني وتهديد الجزيرة وعفرين.
في حين نجد بأن لسان حال شارع كوباني المنكوبة، يتساءل: لماذ قام مسلحو (pyd) بإلغاء العشرات من حواجزهم الأمنية من على مفارق طرق الأرياف الغربية والجنوبية والشرقية قبل عدة أيام من غزوة داعش؟، ولماذا بدلا من الإحتكام إلى جادة صواب التلاحم مع الجماهير الكوردية قاموا بإخلاء تلك القرى وكوباني من أهلها في اللحظات التي يُفترض وجود الأهالي للدفاع عنها؟، ولماذا تم منع المجلس المحلي للمجلس الوطني الكوردي في كوباني من إشراك قواته العسكرية في جبهة الدفاع عن منطقتهم؟”.
في كل الأحوال… ورغم أنّ الغالبية العظمى من أوساط الرأي العام في غرب كوردستان باتت يائسة ولا تراهن كثيرا على أداء المجلس الوطني الكوردي وأداء حزب (pyd) بعد أحداث كوباني التي أثبتت ضعف الجبهة الكوردية في مواجهة “داعش” الموصوف بوحش العصر!، إلا أنّ ثمة فرصة أو مراهنة أخرى باتت تلوح في الأفق في هذه الأيام بانتظار حصول لقاء مرتقب بين الطرفين بمثابة محاولة أخرى تبعث على التفاول بإمكانية إعادة ترتيب البيت برعاية رئاسة إقليم كوردستان، عسى ولعل هذا اللقاء ينبثق عنه اتفاق من شأنه وضع حد أو إنهاء مسلسل الخلافات في كوردستان سوريا في هذه الفترة الحساسة، ولكن وبما أنّ الوقت يمضي وقد آن الأوان ليغتنم الجانب الكوردي هذه الفرصة السورية والإقليمية والدولية المواتية، فالمطلوب الحالي من المجلس الوطني الكوردي، إما أن يتمكن من إقناع حزب (pyd) بقبول الشراكة الجدية والحقيقية معه، أو أن يتحمّل هذه المسئولية التاريخية لوحده وأن يسمي الأمور بمسمياتها وأن يتخذ قرارات مصيرية من شأنها أن تعيد الإعتبار للجانب الكوردي وتقلب الطاولة فوق رؤوس أعداء الكورد، إذ لابد من أن يفعّل المجلس دوره ويمارس دبلوماسية السباق مع الزمن عبر تشكيل خلية أزمة سياسية تبادر الى فتح مختلف قنوات الإتصال والتواصل مع أمريكا والتحالف الدولي والعربي المتشكل حديثاً لمكافحة الإرهاب في العراق وسوريا والشرق الأوسط عموما، وأن يبادر المجلس إلى تشكيل جيش كوردي مشترك تتكون نواته الرئيسية من بيشمركة روجآفاي كوردستان، وأن يكون هذه الجيش فعال في الساحة ومعتَرَف به لدى التحالف الدولي والمعارضة السورية، وأن يعمل المجلس الكوردي على تفعيل وتعزيز علاقاته مع رئيس كوردستان السيد مسعود بارزاني ومع كافة الأحزاب الكوردستانية الشقيقة لتوفير مستلزمات الدفاع عن وجود وحقوق كوردستان سوريا، وأن يسعى المجلس أيضا لتعزيز موقعه السياسي والعسكري في الإئتلاف السوري المعارض كشريك في الإستحقاقات والواجبات ومقارعة داعش وأخواتها واسقاط نظام الأسد الأرعن.